صفقة القرن: تطهير عرقي واحتلال مدفوع الإجر

بقلم: مصطفى البرغوثي

ليس معروفا مدى دقة، أو صحة، ما نشرته صحيفة إسرائيل اليوم من تفاصيل لما يسمى " بصفقة القرن".

ولا يوجد شك، بأن تسريب بعض التفاصيل مما تحتويه يمثل بالونات إختيار لردود الأفعال الفلسطينية والعربية، والدولية.

وقد برز في ما نشرته الصحيفة الإسرائيلية تفصيلان خطيران، ووقاحة لم يقدم عليها محتل.

الأول يتعلق بسكان القدس الفلسطينيين من قبل والذي يوحي بأن الخطة تتضمن سحب هوياتهم المقدسية، وبالتالي إلغاء حق وجودهم في مدينتهم المقدسة.

والثاني التأكيد بأن وضع القدس سيبقى على ما هو عليه، أي أنها ستبقى تحت السيطرة والسيادة الإسرائيلية المطلقة.

وإذا جمعنا التفصلين فإنهما يعنيان أن الخطة الأميركية تفتح الطريق لتنفيذ تطهير عرقي ضد سكان القدس الفلسطينيين.

أما الوقاحة التي لم يتجرأ عليها تاريخيا أي محتل من قبل، فهي التأكيد على أن الكيان الفلسطيني في قطاع غزة وما تبقى من الضفة بعد سلب معظمها لصالح المستعمرين، سيكون منزوع السلاح بالكامل ومجرد من أي إمكانية للدفاع عن النفس، ولكن سيكون عليه دفع تكاليف حماية الحكومة الإسرائيلية وجيشها.

وما يعنيه ذلك، أن الفلسطينيين سيبقوا خاضعين للاحتلال، ولنظام الأبارتهايد الإسرائيلي وسيكون عليهم أن يدفعوا لإسرائيل ثمن إحتلالهم وثمن ما يتكلفه جهاز الأمن الإسرائيلي لإستبعادهم.

بإستثناء مرحلة الإنتفاضة الأولى، فإن إسرائيل كانت تجبي من الفلسطينيين تحت الإحتلال تكاليف إحتلالهم، من خلال جمع الضرائب، والرسوم، والغرامات ومصادرة المياه، والأراضي والثروات الطبيعية.

وكلما كان الإحتلال مربحا كلما انعطف الجمهور الإسرائيلي نحو العنصرية والتطرف الشوفيني، وكلما ظهر ذلك بوضوح في كل إنتخابات إسرائيلية

اليوم يدفع كل عامل في إسرائيل 2500 شيكل شهريا اثارة للمشغلين، وتقتطع إسرائيل ليس فقط نسبة 3% من أموال الضرائب التي تجمعها والتي يدفعها المواطن الفلسطيني، بل تقتطع دون حساب ما يحلو لها من عوائد الضرائب للفلسطينيين.

ويدفع الأسرى والأسيرات ثمن وتكاليف سجنهم، من خلال الغرامات الباهظة، وتكاليف طعامهم وسجنهم في السجون، وهذا هو المكان الوحيد في العالم الذي يسجن فيه الأسرى على حسابهم وحساب أهلهم .

يتذمر كثير من إنتشار مشاعر الإحباط واليأس في صفوف بعض الفلسطينيين، وما يؤدي إليه ذلك من سلبية ونفور المشاركة في النضال ضد الإحتلال، وكثير من ذلك يعود للشعور يعجز القيادات الفلسطينية عن توحيد نفسها، وعن تقديم رؤية إستراتجية جامعة للشعب الفلسطيني، تتناسب مع حجم التحديات التي يواجهها.

لكن" صفقة القرن"، ومشاريع الضم والتهويد، والقمع والحصار والإذلال الذي تمارسه إسرائيل ليس أمرا مجردا بل هو واقع يمس أو سيمس حياة كل فلسطيني وفلسطينية.

ولا سبيل للصد إلا المشاركة في النضال ضده، ولن يزول الإحتلال، ولن يسقط نظام الأبارتهايد ما دام مربحا، وما لم تصبح تكاليفه أكبر من مكاسبه.

بقلم/ د. مصطفى البرغوثي