ان حكومة الاحتلال الاسرائيلي اعتمدت سياسات خاصة بالتعامل مع مجريات الاحداث الواقعة على صعيد قطاع غزة والضفة الغربية وفى مقدمة هذه السياسات هو اتباع سياسة فرق تسود بين الضفة الغربية وقطاع غزة وبث الفرقة وتغذية احداث الانقسام ومحاولة الفصل بين غزة والضفة الغربية وقد عملت حكومة الاحتلال على اتباع سياسة الترويض لحركة حماس والجهاد الاسلامي في محاولة منها للسيطرة على زمام الامور وبث الفرقة بين ابناء الشعب الفلسطيني وخاصة فى ظل ادارة حماس المنفردة والسيطرة الكاملة على قطاع غزة حيث سعت حكومة الاحتلال الى فتح خطوط وقنوات الاتصال والتنسيق مع حركة حماس منذ اليوم الاول لانقلابها.
لعل بات واضحا فيما يتعلق بالأوضاع والترتيبات القادمة لموقع حركة حماس في قطاع غزة هو استمرار حماس في سيطرتها الكاملة على قطاع غزة حيث تسعى اسرائيل بذلك لإضعاف موقف القيادة الفلسطينية في رام الله هذا من ناحية ومن ناحية اخرى الى ابتزاز الشعب الفلسطيني وضمان السيطرة الكلية على الامن حيث تمكنت اسرائيل من تحويل حماس الى شرطة حدود للحراسة او اشبه بشركة خاصة تقوم بحراسة الحدود وفقا للمفهوم الاسرائيلي وخاصة ان ما يتم طرحه الان والحديث عنه لا يتعلق بقضايا وطنية او تحريرية او مستقبل فلسطين بل كل ما يتم الحديث عنه يتعلق فى توفير الهدوء على الحدود مع قطاع غزة حيث تعهدت حماس وقيادتها بذلك مقابل ادخال الاموال لاستمرار دفع الرواتب لموظفي حماس حيث رفضت حماس كل ما طرحته السلطة الوطنية في رام الله بخصوص دمج الموظفين وإعادة هيكلة المؤسسات الفلسطينية وإعطاء اولوية خاصة للمصالحة الوطنية الفلسطينية .
كل ذلك يأتي في ظل اشتداد مؤامرة صفقة القرن وتلك التسريبات الاسرائيلية حول ما يتعلق بالصفقة من قبل وزارة الخارجية الاسرائيلية وإطلاق بالونات اختبار لتقيس بها محاور الرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي من صفقة القرن وترسم صفقة على المقاس الاسرائيلي من خلال شركات الرئيس الامريكي ترامب وإدارته الخاصة ليعمل الاسرائيلي جاريد كوشنير صهر الرئيس الأمريكي المهندس الرئيسي للمقترحات المقدمة وبنود صفقة القرن ضمن وجهة النظر والمقاس الاسرائيلي وما تطمح حكومة الاحتلال الى تسويقه في المنطقة على انه مشروع سلام .
ان ما يتم بلورته لا يتعدى سوى الاحلام الامريكية والإسرائيلية وما يتم طبخه سياسيا سوى مؤامرة كبرى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وضرب الحقوق الفلسطينية والعربية بعرض الحائط امام مؤامرة كبيرة تشهدها المنطقة فى ظل غياب حقيقي واستبعاد الموقف الدولي تماما من عملية السلام .
فى ظل هذه المؤامرات التى تستهدف الشعب الفلسطيني وصموده باتت تلك القرارات والإعلانات المشؤومة والتي يطلق عليها صفقة القرن منحازة بشكل كامل للاحتلال والاستيطان وما تم الكشف عنه من تسريبات عبر وسائل الاعلام الاسرائيلية والتي اتخذها ويمارسها الرئيس ترامب، لتضليل الرأي العام العالمي، وتلميع وتسويق اعلانات ترامب وأفكاره المُنحازة للاحتلال الاسرائيلي والتى تسعى الي العمل ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية العادلة والمشروعة حيث كان اول هذه الخطوات وفي مقدمتها الاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة الاحتلال ونقل السفارة الامريكية اليها، وشطب قضية اللاجئين ومستقبل المستوطنات من المفاوضات ، واتخاذ القرارات والمواقف المعادية للشعب الفلسطيني .
في محصلة ما يجري بات من الضروري العمل من اجل ان يستمر الاتحاد الاوروبي فى عمله ويبدأ بخطوات عملية لمواجهة المخطط الامريكي وأخذ زمام المبادرة وعدم السماح للولايات المتحدة بأن يكون اللاعب الأبرز في عملية السلام في الشرق الأوسط والدعوة الي عقد مؤتمر دولي من قبل الاتحاد الاوروبي للتأكيد على الإجماع العالمي بشأن حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ورفض النهج الأميركي وضرورة ان تقوم الدول الأوروبية خصوصا فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وإيرلندا وبلجيكا ولوكسمبورغ بالاعتراف بدولة فلسطين كدولة قائمة والتأكيد على دعم حل الدولتين حيث تتجاهل خطة السلام الأميركية المرتقبة المسماة صفقة القرن الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية والقدس عاصمتها.
بقلم : سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
[email protected]