حسب قرائتى لموقف المحافظون الجدد او الصهيونية المسيحية بكافة تياراتها في أمريكيا .. فاننى اعتقد ان أمريكا جادة في حربها ضد ايران .. باعتبارها جزء رئيس من النبوءات التوراتية التي تتحدث عن معارك آخر الزمان حسب الفهم المسيحي الصهيوني .. فايران من الدول القلائل التي لم يختلف حولها المفسرون الانجيليون كأحدى قوى الشر التي ستحارب إسرائيل قبل المجئ الثاني للمسيح حسب الاعتقاد المسيحى الصهيوني.
وقد كان الرئيس الممثل (رولاند ريجان) من أوائل الرؤساء الأمريكيين، الذين استخدموا تعبير إمبراطورية الشر، بصوره علنية فجه، حيث كان يقصد بها الإتحاد السوفيتي السابق، بسبب اعتقاده الديني من أن روسيا ستهاجم إسرائيل في معركة هرمجيدون، تم تبعه بعد ذلك كثير من الساسة في استخدام هذا التعبير. تم جاء الرئيس (جورج بوش الابن)، وكرس هذا المفهوم وأضفى عليه بعداً عالمياً بعد أحداث سبتمبر، عندما قسم العالم إلى قسمين، أشرار يحاربون أمريكيا وأخيار يقفون معها، بل تعدى هذا الأمر ووصف دول بعينها بأنها تمثل محور الشر (العراق وإيران وكوريا الشمالية)، أو ما اسماها بالدول المارقة.
يقول القس (فالويل) زعيم الأغلبية الأخلاقية: "إن النبي العبراني (حزقيال) تنبأ قبل 2600 سنة بقيام أمة شريرة إلى الشمال من فلسطين، قبيل موعد المجيء الثاني للمسيح. وقال : "إننا نقرأ في الإصحاحين 38 و 39 من سفر حزقيال، أن تلك الأمة سيكون اسمها (روش) مكتوب هكذا في الآية 2 من الإصحاح 38 من سفر حزقيال من الكتاب المقدس بالحرف (روش) ( Rosh, RـOـSـH)، بل وأن حزقيال يحدد بالاسم مدينتين من مدن (روش) هما (ماشك) (وتوبال ). وكل هذا في الآية 2 من الإصحاح 38 أيضاً، والاسمان قريبان للغاية من اسمي موسكو وتبلسك : ماشك ـ موسكو، وتوبال ـ تبلسك، وكلا المدينتين من المدن الرئيسة في روسيا وجورجيا. وقد ذكر حزقيال أيضاً، في الآية 3، أن تلك الأمة ستكون معادية لله، ولذا فإن الله سيعاديها. وقال حزقيال أيضاً إن روسيا، روش ستغزو إسرائيل في آخر الأيام، وذلك في الآية 8، تم قال إن ذلك الغزو سيكون بمساعدة حلفاء روش، وذلك في الآيتين 5،6، وحدد أولئك الحلفاء بالاسم : إيران (فارس) وجنوب أفريقيا أو الحبشة، وشمال أفريقيا أو ليبيا، وأوروبا الشرقية (المدعوة بجومر هنا في حزقيال 38) وقوزاق جنوب روسيا واسمهم في ذلك الإصحاح توجرمه.
غير أنه وقع ارتباك وخلاف هنا فيما يخص الأسماء بين المفسرين، ففي حين أكد جيري فالول أن (روش) هي روسيا، رأى (بات روبرتسون)، أن (روش) هي الحبشة، أما روسيا فهي يأجوج ومأجوج، وفي حين أكد جيري فالول أن (جومر) هي أوروبا الشرقية، أكد روبرتسون للمؤمنين أن (جومر) هي اليمن الجنوبية. فالخلاف على أشده جغرافيا بين (فالويل) و روبرتسون، والبلد الوحيد من فريق (أبناء الظلام) الذي اتفقا على تسميته، هو إيران ـ فارس القديمة.
وقد أكد الكاتب اليهودي آرمين لانغر أن الرئيس الأمريكي ترامب لا يعمل من خلال اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل لمصلحة اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية، بل فقط بـ”مباركة” الإنجيليين الأصوليين المسيحيين، الذين يتوقون إلى معركة آخر الزمان، وهي المعركة الكبرى في آخر الزمان المعروفة باسم “هرمجدون”، والمنتظر قيامها قبل قيام الساعة.
و كشف لانغر أن معظم الإنجيليين داخل الأصولية المسيحية-البروتستانتية يريدون خلق الفوضى في فلسطين؛ للتعجيل بما يعرف باسم معركة آخر الزمان المعروفة باسم “هرمجدون” بالقرب من القدس. وأشار إلى أنه غالبًا ما يتم تصوير الصراع في الشرق الأوسط بشكل مُبَسَّط كصراع بين اليهود والمسلمين، ولذلك يجب عدم التقليل من شأن تأثير الجماعات التوَّاقة إلى معركة آخر الزمان وقيام الساعة على العلاقات الدولية
ومما تقدم يتضح لنا ان ضرب ايران والحرب عليها ليس الا تنفيذا لاجنده مسبقه للصهيونية المسيحية واليمين المتطرف، مستقاه من الكتاب المقدس وتفسيرات اليمين المتطرف لها، كما كانت الحرب على العراق وأفغانستان وسوريا وغيرها من الدول العربية والتي جائت في اطار ما سمى زورا بالربيع العربي.
و تأتي خطورة الحرب على ايران في انها ستكون مولده لحروب طاحنه على جبهات مختلفه حيث ستتحول بالتدريج الى حرب بين سنه وشيعه من ناحية وبين إسرائيل وامريكا ضد ايران وحلفائها من ناحية أخرى .. اى ان المشهد سيكون قمة في المأساوية والفوضى والقتل والدمار .. سيستعل خلالها الخليج واليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين .. انها كما تراها أمريكا وإسرائيل وايران والشيعه معركة آخر الزمان بكل ملاحمها التي للأسف يؤمن بها كثير من اتباع الأطراف المتصارعه وبالذات أمريكا اليمينية التي تتطلع الى هرمجيدون وعودة المسيح الثانية .. وايران التي تنتظر قيام مهديها المنتظر .. وأيضا بعض السنه الذين ينتظرون مسيحهم ومهديهم المنتظر.
التشابه في وصف معركة اخر الزمان:
للأسف فان المسيحيون والمسلمون واليهود على حدٍّ سواء، لديهم معتقدات متشابهة للغاية فيما يتعلق بمعارك وأحداث ما يطلق عليه آخر الزمان – وهي المعتقدات التي تمثل بيت القصيد في مآل الديانات الثلاث – فملاحم "آخر الزمان" عند المسلمين، هي نفسها معركة "هرمجدون" عن المسيحيين واليهود، وستحدث في سهل مجدو بالقرب من حيفا في فلسطين، وسينزل المسيح عند "باب لد" قرب "الرملة"، وسيهزم قوى الشر وسيغير وجه العالم، ويحكم بالعدل، ويتخلص من الشر والكفر والوثنية. سوف يأتي المسيح ليحققَ كل ما سبق، سواء في المعتقدات اليهودية أو الإسلامية أو المسيحية، وإن كان سيأتي عند اليهود ليخلصهم من المسلمين والمسيحيين، وسيأتي عند المسيحيين ليخلصهم من اليهود والمسلمين، فيما سيأتي عند المسلمين ليخلص الأرض من اليهود والمسيحيين!!!
إنها عقيدة واحدة يؤمن بها اتباع الديانات السماوية الثلاث، وهى عقيده عنصرية بغيضة، قائمة على إقصاء الآخر، وعدم الاعتراف بمشروعية شراكته في الحياة الآمنة، ولا بحقه في النعيم الدنيوي والأخروي. ومع الأسف فإننا نحن المسلمون استنسخنا هذه العقيدة من الإسرائيليات ومن معتقدات المخلِّصين في الديانات الوثنية، ونسبناها إلى الرسول الكريم عليه السلام، لأن الوضاعين والكذابين في تاريخنا لم يكونوا قادرين على نسبة ذلك إلى القرآن الكريم ذاته، وهو الكتاب الذي خلا خلوا تاما وقاطعا من أيِّ إرهاصات أو إشارات لمثل هذه المعتقدات شديدة الدموية. فغالبية احاديث الملاحم ومعارك آخر الزمان احاديث احاد، وقد اتفق العلماء على ان احاديث الآحاد لا يؤخذ بها في الاعتقاد .. والأخطر من ذلك انها تتطابق بالكلية مع ما ورد في الثوراة اليهودية من نبوءات ووصف لمعركة هرمجيدون الرهيبه.
اننا للأسف امام حرب صليبيه مجنونة يقودها رجال يؤمنون بأن إسرائيل مشروع إلهي لا بد أن يسيطر ويتحكم، وأن علوها محطة تاريخية لازمة لعودة المسيح, وأن هذه الحرب لا بد أن تجتاح العالم الإسلامي بأسره .. بالأمس كانت أفغانستان واليوم العراق، وقبل ذلك فلسطين، وغذاً ايران وسوريا وبعدها السودان والسعودية ومصر ...الخ .. وعلى الطرف الآخر هناك طائفه من المسلمين سنه وشيعه ينتظرون هذه الحرب ليظهر المهدى المنتظر او المسيح المنتظر ليحل لهم كل مشاكلهم وكل خيباتهم وتخلفهم وتقاعصهم خلال مئات السنين .. متناسين ان ذلك يتعارض مع ابسط مبادئ الفهم الإسلامي لسنن التغيير .. فالله لن يغيير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. وكيف سينصر الله من لم ينصره وظل خاملا يعيش عاله على الأمم الأخرى في كل شيء .. اذا كان الله سينصرنا ونحن في هذا الحال المزري والمخزى .. فان ذلك يعنى غياب العداله الإلهية .. وان الاله الذى نعبده تحول لاله عنصري ينصرنا بالرغم من عدم استحقاقنا للنصر .. وهذا يتناقض مع ابسط مبادئ ديننا الحنيف .. بل ان المسلمون هزموا او كادوا ان يهزموا في حنين واحد عندما لم يلأخذوا بالاسباب واغتروا بعددهم بالرغم من ان الرسول كان بينهم .. فالنصر له مبادئ واصول .. وليس من الدين من ينتظر مسيحا اومهديا لينصره.
وهنا يجب على الامه ان تعى ما يحاك ضدها وتعمل على وأد هذه الفتنة الكبرى في مهدها من خلال اغلاق كافة الملفات العالقة بين جميع الأطراف وبدأ صفحه جديده من العلاقات الودية خدمه لكافة شعوب المنطقة، ولذا أتمنى ان تدرك الدول المعنية خطورة الوضع وتسارع لتقديم مبادرات حسن نية .. فعلى ايران ان تحل مشكلة الجزر مع الامارات وان تكف عن التدخل في شؤون الدول الأخرى كالبحرين واليمن ولبنان والعراق .. واعتقد ان دول الخليج وان كانت غير راضية عن تصرفات ايران وتدخلاتها المختلفه في المنطقة الا انها تدرك جيدا خطورة الحرب وتداعياتها المخيفه على الاستقرار في المنطقة، ولذا فانها حتى اللحظه لم يصدر عنها أي تصريح مؤيد للتحرك الأمريكي .. ولو استمر هذا الموقف في ظل ليونه في الموقف الإيراني نحو كثير من الملفات فانه سيكون من الصعب على أمريكا السير قدما في تنفيذ خيار الحرب .. وربما سيكون ذلك بداية لعصر جديد من الاحترام المتبادل والتعايش السلمي بين دول المنطقة .. ادعو الله ان يوفق قادتنا وشعوبنا لما فيه الخير لهذه الامه
يوسف العاصي الطويل
عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين