ثلاثون عام على مجزرة عيون قارة

بقلم: سلامه ابو زعيتر

على مدار ثلاثون عام تحيي الحركة النقابية والوطنية ذكري شهداء لقمة العيش أبناء الحركة العمالية الفلسطينية الذين اغتيلوا بدم بارد يوم الاحد الأسود 20/5/1989 على يد المستوطن السادي والإرهابي (عامي بوبر) في موقف العمال "ريشون لتسيون" بالقرب من تل أبيب، والذي ارتكب مجزرته الشهيرة بدم بارد وبنزعات عنصرية دموية، حيث هاجم أكثر من عشرين عاملا وطلب منهم وهو يرتدي الزي العسكري (الإسرائيلي) ويمتشق بندقية الية أوتوماتيك، بأن يصطفوا ويشهروا هويات الشخصية للتعرف عليهم، وبعد التأكد بأنهم فلسطينيين قام بأطلاق النيران مباشرة وبدون رحمة من بندقيته من مسافة صفر، فقتل سبعة عمال وأصاب 10 بجروح متنوعة، ومن ثم استقل سيارته منسحبا لمستوطنته مسرعا، لتكمل شرطة الاحتلال الإسرائيلي المشهد الدموي، وتقوم بملاحقة العمال الفلسطينيين الشهود على الحدث من الموجودين في المكان، وتعتدي عليهم بالضرب والشتم والتهديد والترهيب بهدف إخراجهم من المكان كي لا يكونوا شهودا على ما جرى، بدل أن تلاحق المجرم الذي فر تاركا خلفه يوما اسودا، فقدت فيه العائلات الفلسطينية كوكبة جديدة من الشهداء، وهذه المرة كانوا عمال يسعون للقمة العيش وإعالة أطفالهم وعائلاتهم لتغمس لقمتهم بالدماء وتمتزج بالعرق والخوف، ليؤكد المشهد على دموية الاحتلال وهمجية مستوطنيه وعدوانيتهم تجاه المدنيين والمسالمين، فهؤلاء العمال ذنبهم أنهم عرب فلسطينيين، فلم يشفع لهم عملهم أو أنهم عزل ومدنيين ليتركوا خلفهم أطفالا وثكالى وأهالي يتألمون ويتجرعون حصرة الفراق، فكم انتظروا عودت أبنائهم!! لكنهم عادوا شهداء ابطالا ملتحقين بقافلة الشهداء وضحوا بدمائهم على مذبح الحرية التي يخوضها شعبنا ضد الاحتلال جيلا بعد جيل حتى تحقيق الحرية والنصر وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس بإذن الله...

نتذكر في هذا اليوم شهداء الحركة العمالية، الشهيد/ عبد الرحيم محمد سالم بريكة، والشهيد/ زياد موسى محمد سويد، والشهيد/ زايد زيدان عبد الحميد العمور، والشهيد/ سليمان عبد الرازق أبو عنزة، والشهيد/ عمر حمدان أحمد دهليز، والشهيد/ زكي محمد محمدان قديح، والشهيد/ يوسف منصور إبراهيم أبو دقة، وكوكبة الشهداء التي روت بدمائها الزكية تراب هذا الوطن ، فقد وصل عدد الشهداء في يوم الاحد الأسود الي تسعة عشر شهيدا، حيث انتفضت جماهير شعبنا في كل المخيمات والمدن الفلسطينية كرد فعل طبيعي للتعبير الشعبي ضد مجاز الاحتلال ومستوطنيه، ليصبح هذا اليوم في الذاكرة الوطنية يوما أسودا محفور في الاذهان يجسد بربرية وسادية ودموية الاحتلال ومستوطنيه الإرهابيين...

عيون قارة مجزرة ارتكبت ضد العمال الفلسطينيين وأضيفت للمجاز التي ارتكبها الاحتلال ضد شعبنا الأعزل، والتي مازالت تتمظهر كل يوم بأشكال جديدة عبر ما يمارس ضد عمالنا على المعابر والحواجز الإسرائيلية أثناء تنقلهم للعمل، أو في بيئة العمل غير الامنة والتي تشكل خطرا على حياتهم، فقد سجل خلال العام الماضي عشرات الحالات من إصابات العمل والحوادث التي أدت لوفاة عدد من العمال في داخل الخط الأخضر، وهذا يدعو لحماية العمال وتنظيم واقعهم، وبيئة عملهم، وتوفير سبل السلامة والصحة المهنية في أماكن العمل لحماية العمال وضمان سلامتهم وأمنهم الوظيفي.

أخيرا ستظل مجزة عيون قارة منبرا عماليا في ذاكرة الأيام تحييه الحركة النقابية والعمالية وترفع فيه الأصوات التي تنادي بالأمن الاقتصادي والاجتماعي للعمال، وحقهم بالعيش بكرامة وإنسانية في وطنهم وحقهم في العمل اللائق، وأن تكون قضيتهم على أجندة المسئولين وفي مقدمة الأولويات، فالعمال هم ملح الأرض، وهم السواعد التي تبني الوطن بصدق وانتماء وحقهم على الجميع مناصرة قضاياهم وحماية أبنائهم ورعاية أسرهم، وتوفير كل السبل لحياة كريمة وأمنة.

رحم الله شهداء الحركة العمالية والنقابية وعاشت نضالات العمال في كل الميادين..

بقلم/ د. سلامه أبو زعيتر

*عضو الأمانة العامة في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين