ليست مجرد ايام ولا سنوات تمر تلك هي وقائع وإحداث النكبة بكل تفاصيلها التي تجسدت وقائعها بمعاناة الشعب الفلسطيني وظروف تهجيره عن وطنه وأحضان تراب فلسطين المقدس، هي سنوات طويلة مرت عن تلك الاحداث ولكنها تتجدد كل يوم بحياة الفلسطيني الذي انغمست حياته بواقعها المر وعذابات السنين، فلا الغربة تمكنت من محو الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني، ولا تفاصيل الحياة فكانت دائما حاضرة في وجدان الفلسطيني فلسطين الارض والإنسان والجذور والانتماء والتاريخ والهوية وألوان العلم وخارطة فلسطين بمدنها وقراها التى مسحت بأكملها ولكنها ما زالت حيه لا تموت ولا يمكن ان تقتلع من وجدان الابناء فهم حملوا الامانة وكانوا حريصين عليها بوقائع حياتهم حفظوا الاماكن والذكريات فكانت ككتاب مقدس فى حياتهم.
عندما أقدمت العصابات الاسرائيلية على ارتكاب عشرات المجازر ودمرت مئات القرى والمدن الفلسطينية، ونفذت أوسع عملية طرد جماعي بحق الشعب الفلسطيني، معتقدين ان الكبار يموتون وان الصغار ينسون، واليوم يحمل كل لاجئ فلسطيني هموم شعبه ولا يمكن ان تنجح محاولات الاحتلال الى انهاء الشعب الفلسطيني وإسقاط حقوق اللاجئين الفلسطينيين وإسقاط صفة اللجوء عن ابناء وأحفاد اللاجئين وتصفية قضيتهم عبر صفقة القرن الامريكية التي رفضتها منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وكل الدول الصديقة وكل احرار العالم.
ان حكومة الاحتلال الاسرائيلي التي سرقت واغتصبت الارض الفلسطينية، كيف لهم ان يقيمون الاحتفالات على اوجاع وجراح شعب فلسطين حيث ما يعرف بيوم استقلال دولتهم المشؤومة التي اقيمت على انقاض مدننا وقرانا وأشلاء شهدائنا، ان من حق الشعب الفلسطيني ان يكون مصرا على التمسك بحقوقه الوطنية الثابتة وفي مقدمتها حقه العادل والمشروع في العودة إلى ارضه التي هجر بقوة السلاح والقتل والاعمال الارهابية والمجازر البشعة التى ارتكبت بحقه.
ان الشعب الفلسطيني يزداد تمسكا بحقوقه مؤمنا بعدالة قضيته ومستعدا للتضحية ومؤكدا على التفافه حول قيادته فى والتصدي لكل مؤامرات ومحاولات الشطب والاحتواء وطمس الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني ومتصديا للفكر الصهيوني العقيم بان ( الكبار يموتون والصغار ينسون وبان الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت ) وان تلك المؤامرات باءت بالفشل ولا يمكن ان تنال من ارادة الشعب الفلسطيني وإصراره على نيل حقوقه الوطنية المشروعة.
ان الشعب الفلسطيني يمتلك من الخيارات الكثير من اجل اسقاط كافة المؤامرات والمشاريع التصفوية ومن اجل استرجاع حقوقه وان المؤامرة الأمريكية الكبرى وما بات يعرف بصفقة القرن الامريكية التي بدأت عمليا تنفيذها بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة اليها، وما تلاه من استهداف الأونروا ووقف التمويل ومحاصرة السلطة الوطنية الفلسطينية ماليا واقتطاع حكومة الاحتلال الاسرائيلي لرواتب الأسرى وذوي الشهداء من أموال المقاصة لن تمر وستلقى الى مزبلة التاريخ ولا يمكن لها ان تستهدف الحقوق والثوابت الفلسطينية.
ان شعب فلسطين يؤمن بحقوقه ويستعد للتضحية والصمود فلا يمكن لصفقة القرن وان القدس ستبقى العاصمة الأبدية والتاريخية لدولة فلسطين وان قرار ترامب حبر على ورق لن يغير من واقع القدس شيئاً، وواهم من يظن انه يستطيع اسقاط هويتها العربية والإسلامية.
ان الشعب الفلسطيني ومعه الامة العربية وكل الاحرار بالعالم لن يقبلوا بديلا عن العودة ويرفضون كافة مخططات التوطين والتهجير والتعويض والوطن البديل وهنا لا يسعنا الا وان نثمن مواقف الاشقاء وشركاء المعركة ضد مؤامرات صفقة القرن وتلك المواقف المشرفة للأردن ملكا وحكومة وشعبا الرافضة للوطن البديل والتوطين وباعتبار القدس وفلسطين خطا احمر لا يمكن المساس بها او الصمت عنها وهذا هو الموروث الحضاري للشعب الفلسطيني والأردني والأمة العربية والأحرار والشرفاء في العالم ومن خلال الوصايا الاردنية الهاشمية التى امتدت عبر سنوات طويلة من النضال والتى عمدت بدماء الشهداء والاستعداد للتضحية والصمود في موجهة المؤامرات والعدوان والتآمر على الحقوق الفلسطينية والعربية والتى تحاك للنيل من صمود الشعبين الفلسطيني والأردني .
ان كل ما يحاك من مؤامرات ومحاولة الادارة الأمريكية وحكومة الاحتلال فصل غزة عن الضفة الغربية واعتبار القضية الفلسطينية هي قضية مساعدات انسانية والسعى الى إيجاد حلول إنسانية لمشكلات قطاع غزة، بغرض تعزيز فصله، وما تلا ذلك من مساعي لضم الضفة الغربية المحتلة للسيادة الإسرائيلية من خلال عودة اطر عميلة وبمسميات مختلفة تعمل لحساب الاحتلال تأتي ضمن المساعي لتطبيق صفقة القرن وتحويلها لواقع يفرض على الفلسطينيين والعرب، بتخطيط وإشراف من قبل الإدارة الامريكية.
ان شعب فلسطين خرج فى ذكري النكبة ليقول لا نكبات جديدة وكل مؤامرات الاحتلال لن تمر ولا دولة في قطاع غزة ولا دولة من دون غزة وان الدولة الفلسطينية وحدة واحدة على كافة الأراضي المحتلة عام 1967 في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وفقا لما اقرته الشرعية الدولية والقرارات الصادرة عن الامم المتحدة والمجتمع الدولي الذي لا بد من ان يتحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية والمأساة التي لحقت به من خلال رفع الظلم التاريخي عنه ووقف العدوان وتوفير الحماية الدولية له للحيلولة دون ارتكاب المزيد من الجرائم والمجازر ووقف فصول النكبة وتمكينه من العودة وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
بقلم : سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
[email protected]