حماية الأثار التاريخية في القانون الدولي ... وممارسات الإحتلال

بقلم: آمال أبو خديجة

تعتبر الأثار التاريخية والدينية للدولة عنوان وجودها، وإثبات لتسلسل حضارتها، وحماية لبقائها والدفاع عن حقوقها وميرات لأجيالها ليرتبط به مخططا لمستقبله وبيان لهويته الثقافية الخاصة .

وعرف القانون الدولي الأثار التاريخية، بالممتلكات الثقافية ذات الأهيمة لتراث الشعوب الثقافي، كالمباني المعمارية وفنية وتاريخية، وأماكن تراث ومباني تكتسب قيمة تاريخية، وأعمال معمارية ونحت وتصوير على المباني، وتكاوين ذات صفة أثرية، ونقوش وكهوف، ومجموعات لمعالم لها قيمة عالمية استثنائية بالتاريخ والفت والعلم، والتراث الثقافي والروحي للشعوب، وما تقرره كل دولة لاعتبارات دينية ،لأهميتها للعلم الأثار أو ما قبل التاريخ أو الأدب أو الفن أو العلم، فشتمثل حفائر أثرية، واكتشافات أثرية لمواقع مضى عليها أكثر من مائة عام.

 

ونظام روما لعام 1998 عرفها، بتوجيه هجمات ضد المباني المخصصة لأثار تارخية، وباتفاقيات جنيف الأربع اعتبر، توجيه هجمات ضد مباني مخصصة للأثار تاريخية .

وقد وضع القانون الدولي، معايير عديدة لحماية الأثار التاريخية منها، لا تستعمل وما جاورها لأغراض تعرضها للتدمير، ويحرم سرقة ونهب وتبديد أثار تاريخية وتخريبها، وعدم الإستيلاء على منقول منها، ومنع تدابير انتقامية للأثار، وتلزم دولة الإحتلال بعدم التعرض لها ، والسماح للدولة الواقعة تحت الإحتلال، أن تمارس حقها بحماية أثارها، وتأدية أعمالهم فيها دون تعطيل من الإحتلال .

واعتبر القانون الدولي، الإعتداءعلى الأثار لتاريخية جريمة حرب، فالقانون الجنائي الدولي بين إن ارتكبت عمداً بحيث وجهت الهجمات لمباني مخصصة لأثار تاريخة، وكذلك اتقاقية جينف وبرتوكوليها، الإعتداء على أعيان مدنية محمية تعتبر جريمة حرب، وكذلك اتفاقية لاهاي لعام 1954، ويجرم السلوك إذا صدر بسياق نزاع مسلح أو مقترن به، وإن كان على علم بالظروف الفعلية التي تثبت وجود نزاع مسلح ، وتوفر القصد والعلم بتعمد إرتكاب السلوك المُجرم فاحداث النتيجة .

ومن خلال ملاحظة ممارسات الإحتلال الإسرائيلي بواسطة قطعان المستوطنين، وقوات الجيش المحتل، على الأثار التاريخية والدينية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، نجد أن هناك الكثير من الإختراقات، والعدوان السافر على حق الشعب الفلسطيني بأثاره التاريخية، وحمايتها من السرقة والتزوير والنهب والتدمير وتغير لمعاملها، ومنع للمواطنين من استخدامها وممارسة حقهم عليها، حيث تخترق دولة الإحتلال كل المعايير الدولية لحماية الأثار التاريخية، وتتعمد بتوجيه هجماتها المتكررة على كافة الأماكن التراثية والدينية، وخاصة ما يحدث بالمسجد الأقصى المبارك والحرم الإبراهمي، وهما ضمن قائمة التراث العالمي المحمي، وكذلك تكرارها بالهجوم المتعمد لأثار العديد من القرى والبلدات الفلسطينية، والسيطرة عليها وتحويلها لمزارات دينية يهودية، أو محميات طبيعية وسياحية، وهي مدركة أنها دولة إحتلال، لا يحق لها ممارسة تلك الإنتهاكات، ولكنها تتعمد إحداث النتيجة المقصودة والمدركة من قبلها، بسياسياتها المستمرة والممنهجة من قبل الحكومة، وأفرادها الذين يمارسون ذلك على الأثار الفلسطينية والمقدسات الدينية .

لذا تعتبر دولة الإحتلال منتهكة لكافة المعايير الدولية لحماية الأثار التاريخية والدينية في الأراضي المحتلة، وتقوم بالإستيلاء عليها أو تدميرها وتخريبها، وسرقتها لتوضع في متاحف إسرائيلية بعد تزويرها، ومما يجعلها مرتكبة لجريمة حرب دولية، توجب المحاكمة الجنائية الدولية لها .

على الحكومة الفلسطينية أن تحرص كل الحرص، على حماية كافة الأماكن التاريخية والدينية والتراثية في الأراضي الفلسطينة، وتنفق على تدشينها وإصلاحها وتشجيع السياحة إليها، وتوعية الناس بأهميتها لوجودهم وتاريخهم ومستقبل أجالهم، لتبقى عنوان الوجود والهوية التاريخية والوطنية لفلسطين، فالإحتلال مدرك لما يقوم به بالسيطرة عليها، لما يؤسس له من حضارة وتاريخ يدعيها، على حساب التاريخ والوجود الفلسطيني .

بقلم/ آمال أبو خديجة