اسحاق الباشا يموت قبل أن ينام القمر

بقلم: كلارا وليد العوض

على الكتف الجنوبي لمستوطنة نتساريم البائدة  وفي سياق خطة أعدت لمواجهة الاستيطان أقيمت عام١٩٩٩ مدينة الزهراء في قطاع غزة ، كنا فتية تتراوح أعمارنا بين الخامسة عشر والعشر سنوات احتضنتا هذه المدينة الإسكانية كمشروع  أوى مئات العائلات التي ذاقت المر  خلال. رحلة الشتات في مخيمات اللجوء لبنان وسوريا والأردن وغيرها، مربعات و أزقة أبراج الزهراء جمعتنا ونحن  أطفال نلهو برمالها تحت أزيز رصاص المستوطنة التي اقتلعت بعد حين ، هناك تعرفنا  على صديقنا اسحاق الباشا الذي رحل اليوم في رام الله  ، رحل الودود الذي نعتناه بغير حق بالمتعجرف تارة وصاحب المواقف الصعبة تارة أخرى  ، جمعنا مخيم كان قد نظمه التوجيه السياسي في صيف ٢٠٠١ في مدينة الزهراء كنت واخوتي حسين ومعين وتمارا واصدقائنا  محمد خليقة وحازم القبلاني كريم عباس ومحمد عباس واسحاق الباشا واخواته  و سويا نلملم انفسنا ويعلو  صراخ اسحاق يا معين وحسين المخيم بدأ والفطور راح علينا ،لعبنا سويا وسهرنا سويا وعلى صوت اسحاق واخي معين عشنا ككل مدينة الزهراء طقوس السحور الرمضاني.  كما جمعنا معا معسكر نظمه حزب الشعب على شاطىء مدينة الزهراء فأمضينا معا اجمل الايام وأكثرها طهرا ونقاء
غادر صديق طفولتنا اسحاق قطاع غزة في عام ٢٠٠٧ بعد انقلاب حماس لنلتقي بعد سنوات  في الضفة الغربية  وقد شاءت الاقدار نجتمع سويا في الشق الاخر من الوطن
اليوم فجعنا بموت هذا الشاب الباسم بعد ان داهمته بشكل مفاجىء جلطة دماغية لم تمهله طويلا ، اليوم رحل الى الخلود، وها انا اكتبت بضع كلمات في رثائه  ودموعي تنهمر من المقل ، ابكي نيابة عن اخوتي واصدقائي  جميعا ابكي بألم لفرقة  صنعها الاحتلال وعمقها الانقسام   ابكي ولعل الدموع  تجمعنا  حزناً على صديقنا اسحاق ،  نبكي حزنا  وترن اجهزة الهاتف من كل حدب ستتناول نهاتف بعضنا ونصرخ بصوت خافت كيف للإنسان ان يموت مرتين مرة في الغربة وأخرى بعيدا عن اكتاف الأصدقاء .

 كتبت كلارا وليد العوض : 
 ٢٧-٥-٢٠١٩