انتهت اتفاقية أوسلو بمرحلتها الانتقالية، ومرحلتها الدائمة، وجف بحرها الحامض، ولم يبق منها إلا مستنقعات إدارية هنا وهناك، إنها اتفاقية أوسلو التي أخذت من القادة الفلسطينيين غشاء بكارتهم السياسي، وتركتهم منتفخون بحملِ وهمي، وهم يتسكعون على شواطئ المفاوضات، بلا ورقة توت تستر عورتهم، وبلا منديل كرامة يمسح عارهم.
لقد أتمت اتفاقية أسلو مهمتها، فقد كانت مرحلة إعداد وتهيئة لخدمة المخطط الصهيوني، وجاهل او متآمر كل سياسي ظن أن أوسلو ستعطي نتائج مغايرة لما هو حاصل على أرض الواقع، فالنتائج التي حصلت عليها القيادة الفلسطينية بعد 25 عاماً من الغرق والاغتسال بالمرق، لا تؤهلها لأكثر من مراقب أو شاهد على ما سيحدث في لقاء البحرين، إلا إذا كانت القيادة شريكاً مستتراً في ترتيب لقاء البحرين.
لقاء البحرين الاقتصادي سيتحقق بغطاء من التصريحات والشعارات الزائفة، وسيلتئم الشمل العربي في البحرين كما خططت له إسرائيل، وعليه لن تكون السلطة الفلسطينية خارج إطار لقاء البحرين، فمن شارك في دهاليز أوسلو، ومن شارك في فرض العقوبات على الفلسطينيين في قطاع غزة، ومن أسهم في تجويع الموظفين في الضفة الغربية، هو جزء من صفقة القرن، وهو في قلب لقاء البحرين الاقتصادي بالفعل والممارسة اليومية، ومن خلال التعاون الأمني، ومن خلال التحالفات العربية الوثيقة
لقاء البحرين الاقتصادي ستشارك فيه كل الدول العربية المدعوة للمشاركة في مؤتمر القمة الذي سيقعد في مكة، فمن يوافق على حضور مؤتمر القمة في مكة، لن يجرؤ على رفض لقاء البحرين الاقتصادي، ولاسيما أن السعودية قد دعت إلى مؤتمر قمة خليجية يسبق مؤتمر القمة العربية، ليؤكد مؤتمر قمة دول الخليج على الاستعداد للمساهمة المالية في لقاء البحرين، ووفق الإعداد الأمريكي والإسرائيلي، ليأتي بعد ذلك لقاء القمة العربية، الذي سيؤكد على ما جاء من تفاهمات وقرارات القمة الخليجية، وهذا ما رتبت له السعودية بدقة، وما تأكدت من نتائجه قبل أن توجه الدعوة لقعد مؤتمر قمة له هدفان:
الهدف الأول: تعديل مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت سنة 2002 بما ينسجم والمشروع الأمريكي.
الهدف الثاني: توفير الغطاء السياسي للسلطة الفلسطينية والأردن ليشاركا في لقاء البحرين.
لقاء البحرين الاقتصادي ستشارك فيه كل من مصر والأردن والسلطة الفلسطينية والمغرب واليمن والسودان، إضافة إلى دول الخليج، وهذا ما يهم أمريكا وإسرائيل في هذه المرحلة، فما الذي يهم الشعب الفلسطيني؟ وما المطلوب من شعب وجد نفسه محاصراً بين خذلان القريب وعدوان الغريب؟
الحل في يد شباب الضفة الغربية وقطاع غزة، هؤلاء هم القادرون على كسر حاجز الانتظار، ومحاصرة قادة التعاون الأمني بالغضب قبل محاصرة التطبيع والمطبعين العرب، ولا يتسنى ذلك إلا من خلال الحراك الجماهيري في كل مدن الضفة الغربية ومخيماتها، وعلى السياج الحدودي في غزة والأردن، لتكون الرسالة الفلسطينية مغمسة بالحرية، وهي تصرخ: نرفض أن نموت، وسنبقى أحياء في قلب الحدث.
د. فايز أبو شمالة