من نصوص سيرة ذاتية
كان "أبو الغضب" رحمه الله، وبرغم "الكشرة" الدائمة التي لاتفارقه، إنسان خلوق جداً، وطيب القلب والسيرة والسريرة، ومتفاني في العمل والإلتزام، والجدية والإخلاص ... لكن "كشرته" الدائمة كانت تزعجني، وتعطيني انطباعاً مُغايراً عنه قبل التعرّف عليه بشكلٍ جيد ... فقلت في نفسي ساقابله كلما ألتقيت معه "الكشرة" بــ "الكشرة" ... وعندما تنبه لي مع تكرار الحالة حاول التصرف معي بطريقة ثانية وايجابية، جاء ذلك عند دخولي اليه لتسليمة، وباليد، رسالة مُشفرة من ــــ (مكتب الــ 84 أو مكتب الداخل) في المزة حيث كنت أعمل في جزء من مهامي ــــ وذلك لإرسالها عبر جهاز اللاسلكي الى بيروت عام 1977، فبادرني بالسؤال شو في يا رفيق علي، ليش مكشّر، أو "(مششّر)....
قلت له : راسي بوجعني ... فطلب مني الجلوس ... وجلب لي على الفور حبة أسبرين ... ونادى أبو الكايد لتحضير كاسة شاي، لكنني غافلته ولم اتناول حبة الأسبرين التي صارت في جيبة قميصي ...
بعد مشوارٍ طويل من العمل في التنظيم تبيَّنَ لي أن أبو الغضب هو ذاته عبد الحميد حماد أبو سرور، ولقبه الحقيقي أبو همام، وهو من عرب التعامرة، لاجىء فلسطيني من قريت بيت نتيف المحتلة عام 1948 قضاء الخليل، ومن لاجئي مخيم عايدة قرب بيت لحم... ويالمصادفات القدر ... فقد كان من أقاربَ لي بالنسب ... حيث كان يوجد أقارب لنا من عائلتنا في تلك المنطقة، وهذا ما اكتشفته بعد سنواتٍ طويلةٍ طويلة... فكان يسألني في أوقتٍ كثيرة عن تفاصيل اسرتي، ولم أكن أدري بأنه كان يحاول أن يربط بين عائلتنا في سوريا وعائلتة اقارب لنا في فلسطين في مخيم عايدة قرب مدينة بيت لحم ...
استشهد (أبو الغضب) عبد الحميد حماد أبو سرور رحمه الله، في الغارة "الإسرائيلية" الغادرة على حي الفاكهاني، بناية رحمه، وسط بيروت الغربية صباح يوم 17/تموز 1981، واستشهد مرة ثانية في مثواه الأخير بمخيم اليرموك عندما انهالت القذائف على مقبرة الشهداء ... واستشهد حفيده عبد الحميد أبو سرور (19 عاماً) المنتمي لكتائب الشهيد عز الدين القسام في عملية تفجير الحافلة الصهيونية في القدس المحتلة يوم 19/4/2016.
بقلم/ علي بدوان