تسريبات مقصودة

بقلم: هاني العقاد

عندما يسمع الفسطينين او يطلعوا على ما سيطرح على طاولة مؤتمر المنامة قد يصابوا بالجنون و يلفهم الغضب الشديد من راسهم حتي قدميهم , وعندما تصلهم تسريبات ما سيتفق عليه المتامرون هناك وما يلقي عليهم من اوامر امريكية يشعروا وكانهم بلا حيله ولا قدرة على مواجهة ما يجهز لهم حتي لو انهوا انقسامهم ووحدوا صفوفهم واستقبلوا رئيسهم في غزة , منذ ان اعلنت الولايات المتحدة الامركية عقد مؤتمر البحرين والصمت العربي سيد الموقف ,يرفض ولكن على استحياء , يرفض و يتستر وراء رفضه ويشارك في جولات ولقاءات حول الصفقة واليوم سيشارك العرب في مؤتمر التمويل وهو الجزء الملكفين به والذي يفضح معارضتهم . اسرائيل تتحدث عن مشاركتهم وهآرتس تقول ان الدولة الفلانية ستشارك والدولة الفلانية لن تشارك والاعلام الاسرائيلي ينقل كل صغيرة وكبيرة وشغله الشاغل المواطن الفلسطيني بل ووجهته الرئيسية المفكر الفلسطيني والسياسي الفلسطينيي , الامر في غاية الدهشة لكل متابع لكن من يتعمق في المشهد يجد ان من يمتلك مفتاح التحكم يقصد كل هذا وبيده كل المحركات والمفاتيح التي يريد من خلالها تحقيق اهداف تنجح المؤتمر و تستكمل تطبيق باقي خطوات الصفقة . الامر يسير بغاية الدقة والخطورة البرنامج الامريكي ينفذ بحزافيره خطوة خطوة ليس الان بل منذ ان تزامن مع اول تسريب لما يسمي بصفقة القرن وقبل ان يعلن ترامب القدس عاصمة للكيان بكثير .

كل التسريبات التي يسمح بنقلها للاعلام من الفريق الامريكي حول الصفقة تسريبات مدروسة جيدا تمر عبد قنوات امنية شديدة الحساسية وبوابات سياسية دقيقة ومن ثم تعاد من جديد الي الفريق ليوصلها للاعلام وبالتالي فهي مخطط لها ان تنقل وليس بشطارة الاعلام او التحليل وعندما تنشر يبدأ بعد ذلك دور التحليلات والتكهنات , والتفسيرات لمخاطرها اذا ما صدقت , وقد ياتي بعض المتفذلكين ويقول ان هذه بالونات اختبار لا تعدو اكثر من ذلك , نقول نعم بعضها بالونات اختبار وجزء من هذه البالونات حقيقي واخر وهمي له هدفه المقصود وهو العقل الفلسطيني بالدرجة الاولي والسياسي الذي لا يملك غير التصريحات في مواجهة ذلك حتي اللحظة . هذه التسريبات فيها نصف الحقيقة والنصف الاخر اغراءات للطرف الممانع والرافض للصفقة وهو الفلسطيني وليس القيادة الفلسطينية وحدها بل هدفها ان تصل هذه التسريبات كل مواطن فلسطيني ليتسائل الكثيرون ما الذي نريده نحن الفلسطينين اليوم بعد كل هذا الانحطاط والتخازل العربي اتجاه قضيتنا ؟ وهل نستطيع وحدنا الفلسطينين ان نبقي على قيد الحياة نعيش كباقي البشر في ظل هذه المواقف التي تحاصرنا من الرأس حتي القدمين وباتت تتحكم في لقمة العيش والكساء وحتي الدواء ؟

هذه التسريبات المقصودة تجري ضمن المخطط لايجاد طرف فلسطينيني يتعاطي مع المخطط الامريكي لان الشغل الشاغل للامركان اليوم هو البحث عن اي طرف فلسطينين يتماشي مع ما يطرحونه من مخططات . لذا اعتقد ان حالة التشرزم والتمزق والانقسام اخطر نقاط الضعف في الجسد الفلسطيني لان الانقسام اخطر البوابات التي يمكن من خلالها الامريكي ادارة دفة التحكم لتنصاع تلك الاطراف لما يريد وبالطبع الجميع يفهم ان الامريكي لن يرتدي عباءة امريكية ولن ياتي بشعره الاشقر و وجهه الابيض بل ان العقال هو كلمة السر فالعقال والجلباب هما الاداة الامريكية في المنطقة وهما البنك المتحرك الذي تديره واشنطن عن بعد ومن يتم توجيهه لتذويب جبال الجليد امام المسلك الامريكي ودووهم التوريط بالمال رويدا رويدا في الخطة . لن يقبل احد من الفلسطينين الصفقة او بنودها ولن يشارك في المؤتمر الاقتصادي اي طرف سياسي فلسطينيني مهما كانت ايدلوجياته السياسية . الموقف الاردني المسؤول من المشاركة في مؤامرة البحرين ياتي داعما اكيدا للموقف الفلسطينين ويجعل من مشاركة اي طرف عربي كمصر والسعودية مشاركة لن تفسر سوي انها جاءت باوامر امريكية وهذا لن يقبل لذا فان المؤتمر ذاته بدا في مرحلة الالغاء اكثر من الانعقاد .

الجزء الدقيق من الصفقة مازال طي الكتمان لم تصرح به الاوساط الامريكية ولم يتم تسريب شيئا منه بالرغم من ان الامريكان اليوم يكرسون بالغ جهدهم لتفكيك (الاونروا) وايجاد بدائل لها من خلال المستوي العربي وتذويب مخيمات اللاجئين في الوطن والشتات عبر سياسة التوطين التي لم تبدا الان بل بدأت منذ اكثر من عشر سنوات في داخل فلسطين وخارجها لتمحي معالم اللجوء وينتهي واقع اللاجئين الفلسطينين الى الابد . كل مادة مسربة يجب دراستها جيدا وكل تصريح علينا ان نحلل كل حرف فيه لنعرف ماذا يراد به وما المقصود من وراء تسريبه , الامر لا يتوقف عند هذا بل بات مهما ان تعمل كل مراكز الدراسات السياسية والاعلامية والبحثية كخلايا نحل ليصبح في يدنا مفتاح تحكم مقابل نحرك به ما نريد في مواجهة ما نريد ونشغل به كل الماكنات التي يمكن ان تغلق الطريق امام من سيحاول تمرير اي جزء من المخطط او التستر خلف سواتر وهمية لتمر وسطها ما يريد الامريكان والاسرائيلين ونعرف بالضبط كل خطوة امريكة قبل ان تاتي او تصل ونتوقع ما هو قادم ونبني الجبهات ونعلي السدود ونشحذ الهمم لننتصر ونقرر مصيرنا بايدينا ونحقق حلمنا في دولة مستقلة عاصمتها القدس ونعيد اللاجئين الى ديارهم وتعرف امريكا ومن ورائها اننا شعب لن ينتصر عليه احد .

[email protected]

بقلم/ د.هاني العقاد