سألَها ذات عتمةٍ بينما كانا عالقيْن على حافّةِ مجرّة لماذا أنتِ مضطربة؟ فردّت عليه باضطراب: لأننا منذ زمنٍ نعيش هنا، والحُبّ بات مضطربا، فلا حياة هنا، فأنا مشتاقة للأرض، فهناك حزنٌ، وفرحٌ، وضجيج، وأُناسٌ، أمّا هنا برّد، وملل، وعتمة مجنونة، وكواكب ساخنة، لا تدفّئ جسديْنا، لنفترض لو متّ أنتَ فجأة كيف سأتدّفّأ، والعكس لو متّ أنا من سيدفّأكَ، فردّ عليها: لكن الحُبّ بات مضطربا كمجرّةٍ تريد الخروج من مدارها، فالحُبُّ لم يعدْ يصخب كما كان قبل دهرٍ من الزمن، فردّت عليه كيف للحُبِّ أنْ يصخبَ ما دمنا غير قادريْن على العيشِ هنا، نحن هنا على حافِّة مجرّة باردة تضطرب كحُبِّنا، فلا أكلُ فيها سوى غذاء روحيْنا، فالحُبُّ لم يعدْ يدفّئ رغم صخبنا، فردّ عليها: لا تحزني، فلا يعقلُ أنْ نظلّ هنا عالقيّْن، لربما ستأتي مركبةُ فضاءٍ وترانا، فردّت عليه بهستيريّةٍ مجنونة: نحنُ بعيدون آلاف السّنوات الضّوئية عن كوكبٍ اشتقتُ له، فهناك حياة، هناك أناس يناضلون منذ قرنٍ من أجل استقلالهم، أما هنا فلا حياة، مجرد صوت مجرة ورياح عاتية، ولهذا سيبقى الحُبُّ مضطربا، فنحن ينتظرنا مصيرٌ مجهول، فعانقها، وقال لها: لا تحزني، أريد أن يكونَ الحُبُّ هادئا من شفتيْكِ اللتين تتدفّآنِ من شفتيْ في جوِّ مجرّةٍ مضطربةٍ تلفّ بسرعةٍ، وكأنها مللتْ من عتمتِها وبرْدِها، لكنّ الحُبّ لا يبردُ أبدا..
عطا الله شاهين