عذراً دولة رئيس الوزراء

بقلم: أسامه الفرا

اسمح لي دولة رئيس الوزراء أن أخاطبك هذه المرة عبر مقال على خلاف ما كنا نفعل سابقاً سواء بالحوار المباشر أو عبر رسائل رسمية، وأعلم أن المقال قد يتعثر في الملفات المكدسة التي تنتظر اطلاعكم عليها فلا يصل اليكم منه شيئاً، أو قد يحجبه حاجب ممن لا يجيدون سوى حياكة ثوب القداسة لكل ما تقومون به، لكنها أهمية البداية في الطريق الشاق الذي تحملون فيه على كاهلكم ما تنوء به دول تنعم بالحرية والامن والاستقرار.
ما أن توليتم مهامكم حتى طفت على السطح بقدرة قادر بعض القرارات التي اتخذتها الحكومة السابقة بعد أن قبعت طي الكتمان طيلة الفترة السابقة، وأكثرها تداولا تعلق بقرار زيادة رواتب الوزراء من جهة وصرف بدل ايجار لهم من جهة ثانية، وبعد تداول القرارات المتعلقة بذلك على صفحات التواصل الاجتماعي وجدتم أن معالجة الأمر تكمن في إحالتها إلى الرئيس، وحقيقة الأمر أن في ذلك تسويفاً للأمر إن لم يسجل عليكم لاحقاً مشاركتكم في تجاوز القانون، حيث أن راتب الوزير وعضو المجلس التشريعي والمحافظ جاء بنص قانوني، وبالتالي تعديله يتطلب تعديل القانون ذاته من السلطة التشريعية، وعليه لا يجوز بأي حال من الأحوال زيادة راتب الوزير دون تعديل القانون ذاته ولا يشفع في ذلك موافقة الرئيس على الزيادة سواء كانت شفاهة أو خطية ممهورة بتوقيعه، أما إن كان الغرض من إحالة الأمر للرئيس لمعالجة القفز الذي مارسته الحكومة السابقة على القانون بزيادة رواتب الوزراء من خلال اصدار مرسوم رئاسي بقوة القانون، فهذا يعني معالجة تجاوز القانون بتجاوز آخر للقانون.
الصلاحية التي منحها القانون للرئيس بإصدار مراسيم بقوة القانون في ظل غياب السلطة التشريعية تتعلق بالأمور الملحة التي لا تحتمل التأخير، مثل الأمور المتعلقة بالأمن القومي أو تلك القضايا التي يؤدي غياب القانون الناظم لها لتعطيل يمس حياة المواطنين، وبالتالي لا يمكن لنا فهم إحالة الموضوع إلى الرئيس إلا من زاوية أن زيادة راتب الوزير هي من متطلبات الأمن القومي، دون أن نغفل في الوقت ذاته أن المرسوم الرئاسي لا بد وأن يصدر بأثر رجعي كي يعالج ما قامت به الحكومة من تجاوز للقانون، وإن حصل ذلك ففيه تجاوز للقانون لا يقل عن تجاوز الحكومة ذاتها كونه يأتي لتحصين فساد وقعت فيه الحكومة السابقة.
دولة رئيس الوزراء، الحالة الفلسطينية بكل تجعدات وجهها وتعقيدات المشهد الذي تمر به القضية الفلسطينية لا يمكن لها أن تبرر لنا تجاوز القانون وبالتحديد من الجهة الموكلة إليها مهمة انفاذ القانون، وعليه الأجدر أن يتم إعادة المبالغ التي تقاضاها الوزراء خلافاً لما نص عليه القانون، وأما ما يتعلق ببدل الايجار فيمكن لنا أن نفهم أن تصرف الحكومة بدل ايجار لوزير يقيم بشكل طبيعي بعيداً عن وزارته ومن الصعوبة انتقاله بشكل يومي من مكان سكنه إلى عمله، أما أن يصرف لوزراء يقيمون بشكل دائم في رام الله أو على مقربة منها فلا يمكن لنا فهمه إلا إذا اعتبرنا محافظة رام الله تنافس ولاية الاسكا في مساحتها.
أخي العزيز د. محمد اشتية، المسألة لا تتعلق بالقيمة المادية رغم أهميتها في ظل المعاناة التي يعيشها شعبنا، عملاً بالمثل الشعبي " حصوة تسند زير" خاصة وأن نسبة الفقر والبطالة وصلت إلى ارقام فلكية، لكن الأمر يتعلق بتجاوز للقانون وإن أعدناه إلى مسماه الحقيقي دون تجميل فيأخذنا ذلك إلى الفساد دون سواه، وقبل أن انهي دعني أهمس لك بصفتك عضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح بأن حركة فتح هي من تدفع من جماهيريتها فاتورة تقاعص الحكومة عن القيام بواجباتها فكيف الحال إن تعلق الأمر بتجاوز للقانون يصل بمفهومه إلى الفساد، أعانكم الله على حمل الأمانة وتقبل الله طاعاتكم وكل عام وأنتم بألف خير.

 د. أسامه الفرا