إذا كان الساسة المكلفون بملف إنهاء الإنقسام لا يضعون يدهم على النقاط الجوهرية والتي تفشل الحوار في كل مرة , فهذا يعني وجود مشكلة كبيرة في أدائهم السياسي , ومدى فهمهم للواقع , وخاصة بعد عشرات الحوارات في مختلف العواصم , وفي حال أنهم يدركون نقاط الخلاف جيداً ولم يتم معالجتها أو تخطيها , فهذا يعني عدم رغبتهم في إنهاء الإنقسام , وفي كلا الحالتين تعتبر جريمة في حق من هم يدفعون ثمن الإنقسام في كل يوم وفي كل ساعة .
هناك ثلاث نقاط جوهرية وهي التي تركز عليها حماس , لأنها أصبحت واقعاً في غزة ولا يمكن تغييرها ببساطة وهي "الرواتب والتمكين والسلاح" أما دخول حماس في منظمة التحرير فهو لا يغير شيئاً , لأنها ليس في المنظمة من الأصل , بالإضافة الى أن هناك ملفات سيتم حلها تلقائياً في حال إتمام المصالحة لأنه متفق عليها بإجماع في كل الحوارات السابقة , مثل "ملف القضاء وملف المعابر وملف الأراضي وملف المصالحة المجتمعية وملف الإنتخابات" , إذاً فالملفات المختلف عليها والتي ذكرتها في السياق تتعلق بوضع قدم السلطة في غزة كخطوة أولى وأساسية .
أولاً الرواتب : هناك ربط كامل بين التمكين والرواتب , حيث أن فتح تطالب بتمكين الحكومة في غزة بشكل كلي , حتى تقوم بواجباتها كاملة , وبناء على ذلك تطالب حماس بتأمين رواتب موظفيها والبالغ عددهم 42 ألف موظف , على إعتبار أنهم ضمن مسئوليات الحكومة القادمة الى غزة , وبما أن السلطة تعاني من أزمة مالية حادة وبالتزامن من دعوات القاهرة لتفعيل ملف المصالحة , فهذا يعني عدم تقدم بملف رواتب حماس كما في السابق , وبل سيكون الوضع أسوأ من قبل , ومن الصعب حل هذا الملف إلا في حالتين فقط وهما , أن تتكفل قطر أو أي دولة عربية بتغطية رواتب موظفين حماس , أو أن تتخطى حماس هذه المشكلة وتتكفل هي بنفسها بتغطية رواتب موظفيها كما يحصل الآن , وعلى الأقل لحين خروج السلطة من أزمتها المالية الحالية .
ثانياً التمكين : في ظل أن السلطة تهدد بتسريح موظفيها في حال إستمرت الأزمة المالية , وفي ظل حالات التقاعد المبكر , وفي ظل عدم الجاهزية الكاملة لموظفين السلطة في غزة نتيجة سنوات الإنقسام , فمن الصعب جداً أن يحدث التمكين كما تطالب السلطة , وخاصة أن حماس في غزة تشكل منظومة حكم متكاملة تشمل كل أدوات الحكم , ومن الصعب الدخول بها في يوم وليلة , فعلى السلطة أن تدرك تماماً أن أي وزير جديد مهماً كان , من الصعب أن يتمكن بين يوم وليلة بعد سنوات طويلة من الفرقة والإنقسام , وبناء على ذلك يجب إستبدال كلمة تمكين بكلمة دمج وإنسجام , ويجب مراعات الوقت الكافي لإنجاح عملية الدمج والشراكة كي يسهل حل هذا الملف .
ثالثاً السلاح : هناك مشكلة في فهم المصطلح , فعندما تتحدث السلطة عن السلاح الواحد , ترد حماس بأنها لم تتخلى عن سلاح المقاومة , وكأن السلطة تقصد القضاء على سلاح المقاومة , إذا فالمطلوب من السلطة أن تستبدل كلمة سلاح واحد بكلمة ضبط السلاح وتنظيمه , فهناك زحمة كبيرة في غزة تتمثل بوجود المسلحين في الشوارع , وهناك تداخل كبير في الصلاحيات بين الأجهزة العسكرية والمدنية والحكومية والتنظيمية , فمثلاً نجد القسام ينصب الحواجز ويفتش الناس مثله مثل قوات الأمن الوطني والشرطة , بالإضافة الى مواقع حماة الثغور والضبط الميداني , وأيضاً هناك فصائل مسلحة تنتشر في شوارع غزة ليلاً , حتى أصبح المواطن في غزة لا يستطيع أن يفرق بين الجيش والشرطة والأمن والأجنحة العسكرية وغيرها من المظاهر المسلحة ,
الرواتب والتمكين والسلاح , ثلاث ملفات مهمة تعتبر مدخل لإنهاء الإنقسام , ووضع قدم السلطة في غزة , فيجب فهمها جيداً وحلها إدارياً وعملياً , ويجب تحديدها حرفياً , ومعالجتها ضمن شراكة حقيقية , وإعطائها وقت كافي لتطبيقها .
بقلم/ أشرف صالح