تترافق وتنمو مع الأزمات الوطنية العامة على الدوام ظواهر استثنائية، معظمها ظواهر سلبية، تجد تربتها الخاصة عند فئاتٍ غير متعلمة في المجتمع... بل وعند فئات متعلمة، وعند مختلف الشرائح. يجمعها بحثها الدؤوب في استغلال مفاعيل تلك الأزمات لتحقيق مكاسب خاصة، آنية، غير مشروعة، ومدمرة للأوطان، وللحياة المجتمعية، ولأحوال الناس. وتنطلق معظمها من "فجعٍ" غير محدود لتحقيق المكاسب الشخصية، وعلى رأسها "قشط المال" خلسة ومداورة .... متخذة من الإعتداء على القانون، طريقها لتحقيق ماتصبو اليه.
معقب المعاملات، صاحبة مهنة، شريفة، مدرجة في الإطارات المهنية، ولها تجمعاً نقابياً تحوز عليه، ينظم ويضبط عملها. لكن ظروف الأزمة العامة، بما في ذلك أزماتنا الفلسطينية المستعصية، دفعت الى السطح مجموع جديدة باتت تدعى همساً بــ "المسلكاتية"، او "سماسرة الدوائر". الذين يقفزون فوق القانون بتمرير العديد من القضايا المعلقة غير المكتملة من الزاوية القانونية، لذلك فهم "يفتحون" أو "يسلكون" طريقها دون التدقيق القانوني المفترض.
"المسلكاتي" شخص غير متوازن، وغير مستقر، فهو في الجانب المعرفي يعاني تشوهات معرفية عميقة، وفهماً قاصراً للواقع، وأبرز مظاهر التشوه المعرفي لديه هو في نظرته للمال على أنه غاية في حد ذاته، فالشخص المرتشي لا يفهم إلا المكافأة المادية العاجلة، وهو ينظر بالسخرية لأي مكافأة معنوية.
وفي الجانب الاجتماعي يعيش "المسلكاتي" حالة غياب عن المعايير الخلقية، وانفصام عن الشعور بالآخرين، وانعدام لوجود الشعور الجمعي، فهو يعيش أسيراً في أنشطته وانفعالاته الخاصة، ولا يستطيع الخروج من هذا الأسر بتفاعله مع الآخرين واستشعاره مشاعرهم، وغياب هذا البُعد يفقده خيارات مهمة في اختياراته لسلوكه وتصرفاته، ويجعله مقيداً.
بقلم/ علي بدوان