بين أبو العبد ... وكاتيوشا

بقلم: علي بدوان

 (نص من سيرة ذاتية)

في فعاليات المعسكر، المعسكر الجثم بين جبال معلولا المطلة على مناطق جرود بعلبك اللبنانية، كانت محاضرات سياسية تعبوية مسائية، ومنها محاضرة القاها أبو العبد ع، عضو المكتب السياسي، وكان معه المرحوم خالد ن ...

أبو العبد ع، طال واستطال في محاضرته السياسية ..

 قُلت له بأننا كدّنا أن نتوه بالكثير من التفاصيل التي بدت لنا متناقضة، خصوصاً عند الجانب المُتعلق بالنقد القاسي لسياسات حركة فتح ورئيسها ياسر عرفات، في ظل العلاقات الإيجابية والعملية معه، خاصة وأن عدة حوادث وقعت في حينها، وكان منها اشتباكات مسلحة بين (....)، وسقوط ثلاثة على حاجز كانت تُسيطر عليه حركة فتح قرب مدينة صور جنوب لبنان صيف العام 1978 ...

أبو العبد ع يقول : إنهم شهداء "حواجز الحقد اليميني الأسود"، حواجز العقيد "الحج اسماعيل" ...

وأضاف : يارفيق عامر (اسمي الحركي في حينها) السياسة متل قشرة الباذنجان، تتدرج من الأسود الغامق الى البنفسجي الى الأبيض تقريباً عند حواف رأس الباذنجانه، وهكذا علينا أن نتعاطى بالسياسة ببراغماتية، دون أن نفقد المبادىء والأهداف ... 

قلت له : هل يعني أننا في خانة الرماديين ...؟

فأجاب أبو العبد ع  : لا لا لا يارفيق ...!

وأضاف : إيش يارفيق عامر.. هل أنت جديد جداً على حزب اليسار الفلسطيني ...

تشجّعت، وبوعيٍ كان يتشكّل في دواخلي، وانطلاقاً من وسطيتي واعتدالي، الصفتين اللتين مازالتا تلازماني حتى اليوم، وقلت للرفيق أبو العبد ع، بما معناه :

يارفيق نعم جديد على التنظيم، ولكن اللون الرمادي جميل أيضاً، لأنه طبيعي ... الرمادي لون الحقيقة. والأصل في الألوان هو الرمادي وليس أي لون آخر. الألوان الطبيعية التي تتلون بها صور هذه الأيام ما هي إلا غزو للحقيقة واعتداء عليها. فالألوان المصطنعة تبالغ في فقاعتها، وفي النهاية تُصبح متعبة للعين التي سرعان ما تلجأ إلى الرمادي ترتاح في حضنه البارد.(أنظروا في الصورة الأولى: النبتة الخضراء اليانعة تخرج من الأرض التي يطغى عليها اللون الرمادي(.

انتهت المحاضرة السياسية، ليبدأ الرفيق (كاتيوشا) من مخيم اليرموك، وهذا أسمه الحركي، يُردد بعض الأغاني التي كُنت قد سمعتها لأول مرة، من وحي التجربة الكوبية، وتجربة جيفارا ، ومنها أغنية (نعم قد نموت ولكننا سنقتلع الموت من أرضنا)، والأغنية التالية ايضاً :

قسماً بالورد بالسنابل

بالعيون السود بالرضيع

سنقاتل كلنا نقاتل

لنصون السلم والربيع

في غدٍ سنزرع الفيافي

خضرة والسهل والجبال

ونغني كلنا نغني

للهوى والسلم والجمال

قدسنا كانت هي الضحية

قدسنا كانت هي النجيع

حملت جروحها الندية

ومشت لفجرها السطيع

يا رفاقي اصرخوا جهارا

لن يعيق دربنا استعمار

هتلرٌ من قبل قد توارى

مجرماً مسربلاً بالعار

 بقلم/ علي بدوان