ألم تكفي إثنا عشرة عاماً من عمر القضية الفلسطينية، ضاعت في غياهب الفرقة والتشرذم، والإحتراق بنار الإنقسام الذي ألقى بظلاله بمشكلات لا تعد ولا تحصى، ومعاناة لا تنتهي في كل القطاعات، وأولى تلك القطاعات ضعف الموقف الفلسطيني لقضيته أمام العالم الخارجي، ليكسب دعمها وتأيدها لعدالة حقوقه وحريته .
بتنا نعتمد على غيرنا، وخارج منظومتنا كي يقرب وجهات نظرنا في التصالح، ونحن أدرى بأنفسنا من غيرنا، لنحقق التوافق ونتخلص من سلبياتنا وعيوبنا، ونبدأ عملية التغير الحقيقي، وأن نتشارك معنا همومنا وقضيتنا ونصلح ما كسر بيننا لنجبر خواطر بعضنا، ونعيد اللحمة الوطنية والنضالية لشعبنا على قلب رجل واحد، وكلمة سواء بيننا تجمعنا على الحق وطريق التحرر والنصر .
لن يقدم لنا الأغراب من دول الخارج شيئا ينفعنا كثيراً، كما نحن ننفع أنفسنا، وننقذها مما يحاط بها ويمكر، من غزو الإستيطان وفرض السيادة الإحتلالية على الأرض الفلسطينية بأجمعها، وما يتوقع من ممارسات همجية بحق الشعب الفلسطيني، في ظل تواطؤ الدول القريبة والبعيدة، وصمت العالم أمام ممارسات الظلم الواقعة على شعب قهر منذ سبعين عاما، ينتظر مستقبلا لحريته واحترام كرامته وحقوقه، واسترداد ما أخذ منه عنوة وجبرا .
هناك تطرف متزايد لدى سيادة الإحتلال وحلفائها، وهناك وحدة بينهما بالإنقضاض على القضية الفلسطينية، وما بقي من أثار هويتها ووجودها، فترى التهويد للقدس بات شائعا لكثير من مناطقها، وترى المستوطنين ومستوطناتهم تنتشر في طرقات وأراضي الضفة الغربية، فلا تقدر على إحصاء أعدادها، وترى قطاع غزة يزداد الخناق عليه ومحاصرته، وترى القيادة في الضفة تحاصر وتهاجم بطرق متنوعة، كل ذلك وغيره معاناه باتت كأنفاس لنا في الصباح والسماء .
ألم يحن الوقت لنقف كلنا صادقين أمام أنفسنا، ونقول كفي لتفرقنا، آن لنا أن نلملم شملنا، ونصلح حالنا وأحوالنا، ونوحدنا صفنا، ونجمع كلمتنا على وحدة النضال، والمشاركة في أعمال البناء، والسير الحقيقي والجاد والفاعل، نحو التحرير وبناء دولتنا التي ننشدها .
علينا أن نحاسب أنفسنا، قبل أن يحاسبنا التاريخ والأجيال، على تقصيرنا أولا بحق أنفسنا، وضياع الفرصة لنكون معنا، في منهاج النضال والعمل المشترك، فنبني ما يطمح به أطفالنا، فنؤمن لهم مستقبلاً رغداً بالأمن والأمان، إنهم ينظرون لنا بعين اليقين، أننا نخطط لهم ما يحفظ وجودهم وكرامتهم .
الأسرى قضية معاناة
لم يكتفي الإحتلال تقيد حرية الكثيرين من أبنائنا في سجوهم الظالمة، بل يلاحقهم بممارسات همجهية ظالمة كل يوم، من حرمان لحقوقهم سنها القانون الدولي، كالتعليم والغذاء السليم والصحة والتواصل مع الأهالي والسطوة على استحقاقاتهم المالية وغيره، فتراهم كل يوم يقتحمون سجونهم يدمروا مقتنياتهم، ويقلقوا حياتهم المقيدة، وحقهم برسم أحلامهم وتحقيق بعضا من أمنياتهم، محاولا بذلك قتل عزيمتهم وصبرهم وأمالهم بالفرج القريب، وعدم الإستمرار في نضال أمعائهم الخاوية لنيل حقوقهم وفك قيدهم .
فقد بات الإحتلال اليوم يتخذ من الأسرى مدخلا إقتصاديا لهم، تماما كما باتت القضية الفلسطينة كلها كذلك، فالسيطرة على أموالهم المستحقة وسرقتها، وفرض غرمات عالية على كل من يقع في قبضتهم، والزيادة الدائمة لأعدادهم في الإعتقال داخل سجونهم، يؤكد ممارسة السرقة لأموال الفلسطينين بطرق متنوعة، تماما كما يراد الأن في مؤامرة البحرين، باستغلال أموال الشعوب العربية، لتدفع للإحتلال الإسرائيلي بحجة الإزدهار الإقتصادي للفلسطينين، وتوفير الأمن القومي للإحتلال، فسرقة الأموال المستحقة للشعب الفلسطيني، سياسة ممنهجة للإحتلال لتظهر أنها الضحية في المنطقة .
بقلم/ آمال أبو خديجة