ان الحقوق لا تسقط ولا تموت تحت بساطير المحتلين والحقوق ولا تسقط بالتقادم ولا يمكن ان يكون شعار الازدهار مقابل السلام كبديل عن شعار الأرض مقابل السلام وقد اثبتت التجارب التي عايشها شعبنا الفلسطيني وامتنا العربية ان كل مشاريع وصفقات التامر ولدت ميتة وان «خطة ترامب، وصفقته المزعومة « لا مكان لها ولا يمكن ان تمر ، حيث لا يمكن ان يتم استبدال الحقوق السياسية والسلام الحقيقي، باستسلام اقتصادي محدود، رفضته القيادة والشعب الفلسطيني بكل فئاته ومكوناته بما فيها مؤسسات القطاع الخاص وان التحركات القائمة بشأن ما يسمى الشق الاقتصادي لصفقة القرن لم تكن مفاجئة ولم تأتِ بجديد حول حقيقة الحراك الأميركي في ساحة الصراع مع حكومة الاحتلال الاسرائيلي حيث يحاول «فريق ترامب» خلق رؤية جديدة للصراع بحلول اقتصادية وبشكل يساهم في القضاء على مبدأ حل الدولتين وتقويض إقامة دولة فلسطينية.
لقد بات واضحا للجميع أن غالبية عناصر الصفقة قد نفذت دون أثمان وبتوافق بين فريق ترامب ونتنياهو لحسم تدريجي لكافة قضايا الحل النهائي من طرف واحد ولصالح الاحتلال، بدءا بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ومحاولة تفكيك قضية اللاجئين ووكالة غوثهم الدولية (أونروا) وتمرير قضية الاستيطان عندما أكد السفير الأميركي ديفيد فريدمان ( الحق اليهودي التاريخي بالبناء في وطنهم ) .
إن حل الصراع في فلسطين سياسي ومتعلق بإنهاء الاحتلال وبإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس، وتطبيق حق العودة للاجئين استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.
ان الشعب الفلسطيني لا يبحث عن الرفاهية الاقتصادية تحت الاحتلال وإن أيّ طرح اقتصادي لا يمكن أن يكون بديلاً لحل سياسي ينهي الاحتلال ويحقق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، الذي أعلنته الدول العربية هدفاً استراتيجياً وفق قوانين الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام الذي طالما عملت القيادة الفلسطينية والدول العربية على تحقيقه ولكن كانت هناك محاولات الالتفاف على الحقوق الفلسطينية والعربية واستمرار الاستيطان وسرقة الاراضي الفلسطينية.
ان القيادة الفلسطينية لطالما حذّرت من تبعات غياب آفاق التقدم نحو حل سياسي، ومن تجذر اليأس جراء استمرار الاحتلال والانتهاكات لحقوق الشعب الفلسطيني، وأنّ واقع الاحتلال الاسرائيلي هو أساس التوتر والصراع، وهو العائق الرئيس أمام تحقيق التنمية الاقتصادية والأمن والاستقرار في المنطقة وإقامة المؤسسات الفلسطينية القادرة على تحقيق طموح ابناء الشعب الفلسطيني في تحقيق العدالة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية فالمشكلة الاساسية هي وجود الاحتلال الاسرائيلي وان أي حلول يجب ان تستند الى إنهاء الاحتلال من جميع الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967م، ويضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، وهو شرط أصيل لتحقيق السلام الشامل الذي يشكل متطلبا للأمن والسلم الدوليين.
ان المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤوليّاته إزاء القضية الفلسطينية، وضرورة انخراطه الإيجابي في الجهود المستهدفة لمواجهة التحديات الإقليمية .
في ظل ذلك بات من الضروري ان تقوم القيادة الفلسطينية بترتيب أولوياتهم وتنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير المقرة منذ عام 2015، بإعادة صياغة العلاقة الاقتصادية والأمنية والسياسية مع إسرائيل ردا على محاولة فرض الخطط الأميركية عليهم.
وان ممارسة هذا التنكر والإجحاف للحق الفلسطيني يترك الخيارات مفتوحة أمام الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية وان لا نبقي محكومين لأوهام السلام الزائف و التصدي لكل مؤامرات التصفية والاحتواء للقضية الفلسطينية ومواجهة صفقة القرن ورفض أي خطة أو صفقة وتحت أي مسمى لا تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة بالتصرف، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير وتجسيد دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، وغيرها من حقوق شعبنا الاقتصادية والاجتماعية.
ولعل المشاركة الجماهيرية الواسعة لأبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وأماكن الشتات الفلسطيني تأتي اليوم لتؤكد الرفض الفلسطيني لكل مشاريع الوهم «صفقة القرن».
وتنطلق المشاركة الواسعة وتتسع دائرة المظاهرات الجماهيرية العارمة من قبل الشعب الفلسطيني وامتنا العربية والأحرار في كل العالم من اجل التنديد «بالخطط الأمريكية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية» وتأتي التظاهرات في إطار برنامج فعاليات شامل دعت إليه الفصائل والقوى الوطنية ومنظمات غير حكومية، وتشمل مدن الضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات اللجوء وتجمعات الفلسطينيين في الشتات .
وتستمر الفعاليات النضالية والكفاحية من اجل ايصال رسالة الشعب الفلسطيني للعالم اجمع بأنه لا مساومة على الوطن والحقوق الفلسطينية وانه لمن العار والخيانة المساهمة فى تمرير مخططات الاحتلال الاسرائيلي على حساب المشروع الوطني التحررى الفلسطيني .
لقد حان الوقت للخروج من حالة الصمت وإنهاء الاحتلال وان يكون هناك موقف عربي صلب فى مواجهة هذه المخططات التآمرية وليكون هناك جهد عربي لإنهاء الاحتلال ومواجهة المخططات الهادفة لتصفية شعبنا وقضيتنا والتى لن ولم تمر واليوم يقف الشعب الفلسطيني وقفة رجل واحد موحدا رافضا لكل ما يحاك ضده ليقول كلمته ويعلن الالتفاف حول قيادته وليعلو الصوت الفلسطيني رفضا لصفقة القرن، ومحاولات مقايضة حقوقنا بوهم السلام الاقتصادي .
اليوم يخرج شعبنا موحدا لمواجهة صفقة القرن، الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية وليؤكد ان السلام الحقيقي يبدأ بالاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، ونزع كل مخططات تصفية القضية الفلسطينية وأن شعبنا الفلسطيني سيبقى على أرضه يواجه كل ما يستهدفه من مخططات، حتى إنهاء الاحتلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة.
بقلم/ سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية