أثار قرار حكم صادر عن محكمة العدل العليا الاسرائيلية بتأكيد صحة وسلامة صفقة شراء عقارات بطريركية الروم الارثوذكس في ساحة باب الخليل، من قبل جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية، ردود فعل عديدة منها الرافض لهذا القرار، أو المُتهم للبطريركية بعدم الدفاع القانوني الصحيح عن أملاكها، من خلال عدم تقديم الشاهد الرئيسي لهذه الصفقة المدانة، أو المتضامن مع البطريركية والداعي الى عدم الاعتراف بقرار الحكم الاسرائيلي "الجائر". ومهما كانت طبيعة ردود الفعل، فان المطلوب اليوم قبل الغد وضع قوانين فلسطينية واردنية مشتركة لمنع تسريب المزيد من العقارات الكنسية للمؤسسات اليهودية الاستيطانية المتطرفة.
والقوانين تنص وبوضوح عدم السماح لأي كنيسة صاحبة عقار في فلسطين التاريخية، يقع سواء داخل الخط الاخضر أو خارجه بالبيع، الا بعد مراجعة السلطة أو الجهة المسؤولة عن شؤون الكنائس التابعة للديوان الملكي الاردني، أو التابعة للرئاسة الفلسطينية، إذ أن العديد من الصفقات تمت بحجة أو أكثر من هذا المسؤول أو ذاك في هذه الكنيسة أو تلك.
وليس المهم هو وضع قوانين، بل المهم التزام قادة الكنائس بتنفيذها وتطبيقها، وعدم اعتبارها تدخلاً في شؤون الكنيسة الداخلية، بل يجب اعتبارها حماية لاملاكها من تسريب خطير من قبل أطراف عديدة ضُللت وتم اغراؤها ماليا.
واذا كانت أي كنيسة بحاجة الى "مال" نتيجة عجز مالي، فانه يمكن اللجوء للجهات المسؤولة في الدولتين الشقيقتين، المملكة الاردنية ودولة فلسطين، من أجل بحث كيفية تجاوز أي أزمة مالية، ولمن سيتم بيع أي عقار اذا كان الامر بحاجة لذلك، والمطلوب عندها أن يُباع الى جهة أجنبية معروفة أو الى مؤسسات دولية أو محلية لا غبار عليها.
أما فيما يتعلق بصفقة "باب الخليل" التي أدانها ويدينها كثيرون، فانها تحتاج الى خطة لمواجهة هذه الصفقة المشبوهة، وعدم اليأس أو الاستسلام. ومن أهم خطوات الخطة هو دعم المستأجر المحمي، ومنعه من قبول أي مبلغ "اغرائي" للتنازل عن أي عقار لهذه الجمعية الاستيطانية، أي ان تمسك المستأجر المحمي قانونيا بالعقار سيُبقي ساحة باب الخليل عربية، وسيُعرقل سيطرة الجماعات الاستيطانية عليها.
وفي ختام هذا الرأي النابع من الحرص على الاملاك الكنسية في الديار المقدسة، لا بدّ من دعوة الجهات المعنية بشؤون الكنائس المسيحية في الديار المقدسة أن تكون حازمة وحاسمة مع أي "مسؤول" مهما كان منصبه الديني يسرّب اراضٍ للجانب الاستيطاني. واذا تم سن القانون المقترح لمنع تسريب العقارات الكنسية لجمعيات ومؤسسات معادية، فان لهذه الجهات المسؤولة الحق كل الحق والتبرير القوي في مساءلة و"معاقبة" كل من يتجاوزه.
آمل أن تكون هناك آذان صاغية لهذا الرأي لتفادي ومنع المزيد من تسريب اراض كنسية لجهات معادية.. وكل الثقة في أن الجهات المعنية سواء في المملكة الاردنية أو دولة فلسطين ستعمل بكل جدية لمنع صفقات تسريب سرية وخطيرة جديدة، وخاصة في مدينة القدس العربية!
بقلم/ جاك يوسف خزمو