التعصب بات أفه خطره تهدد وحدة المجتمع والبنيان الفلسطيني

بقلم: علي ابوحبله

التعصب: « التعصب ظاهرة اجتماعية قديمة حديثة، اتخذ أشكالًا عدة. تارة يكون للقبيلة أو للعائلة، وتارة يكون لاتجاه فكري، أو حزب سياسي.) ما نشهده في ساحتنا الفلسطينية أمر مقلق وخطير ، ضمن مناكفات واتهامات باتت تتهدد بنيان مؤسساتنا ومرافقنا التعليمية والصحية والخدمات ألعامه في إطار مصالح انيه ابعد ما تكون عن الصالح العام ، وكان الأجدى والأفضل الابتعاد عن هذا المنزلق الخطر..... لما باتت عليه الساحة الفلسطينية من تصفية خلافات تقود للتدمير الذاتي الممنهج للمؤسسات بمختلف تسمياتها

يعرف البعض المناكفة السياسية على أنها نقيض الحوار المفيد والجاد والهادف ويتطور الأمر إلى العنف اللفظي بجدل عقيم يستخدم فيه المتجادلون اللمز والسخرية والتنابز بالألقاب المشينة والمجاكرة والاستهزاء ويتجاوز الحقيقة والاتهام الباطل ويتجاوز الموضوعية وعدم الاحتكام إلى العقل والمنطق السليم والدين والقفز على الحقائق وتقود هذه إلى البهتان وتهدف في النهاية إلى استقطاب حزبي أو فئوي او شلليه عنيفه وصراع طاحن لا مكان فيه للرأي والرأي الآخر .

وبات يستخدم في حرب البيانات والمناكفات جميع الوسائل المتاحة من اجل تحقير الآخر وتعريته والنيل من مصداقية وصحة منهجه ، لكن الأخطر من ذلك كله عندما تكون المناكفة السياسية شاملة بمعنى أن تكون بين الشعب بجميع فصائله وأحزابه ومكوناته ومع النظام بكل مكوناته وأركانه والمتنفذين والمحسوبين عليه فيصبح هناك ما يشبه لعبة " شد الحبل ".

وعن قوة ونفوذ الفساد نرى " أن قوى الشد العكسي وأنصار الفساد والمفسدين والمضللين لهم الصوت العالي والقدرة على إجهاض كل إرادة وطنية مخلصة وصادقة وهو ما يجب التحذير منه " ،

"إن الفاسدين يديرون فسادهم بصورة قانونية مائة بالمائة وهم لا يرضون بأن تطالهم يد العدالة ، فإن أي اتهام لهم هو اغتيال للشخصية بكل تأكيد وهو بمثابة هيئة دفاع عن الفاسدين

" اغتيال الشخصية وهو قوة دفع جديدة يستغلها الفاسد ضد من يدعي عليه بوصفه اغتيالاً لشخصيته إذا لم يتم تقديم الأدلة الكافية مما يكون سبباً لإحجام الناس عن التبليغ عن الفساد ،وهل يتوافق هذا مع مطالب الإصلاح و الحرية التي ينادي بها الشعب ؟!!

نتائج التعصب: تصنيف الناس بشكل مفرط، زيادة المسافة الاجتماعية بين أفراد المجتمع، ينظر المتعصب لجماعته أنها الأفضل والأكمل، أما الجماعات الأخرى أقل شأنًا وقدرًا، هم أعداء، إن لم تصل إلى حد العمالة والتخوين والتكفير. قيام المتعصب بسلوك غير أخلاقي ضد الجماعات الأخرى قد تصل لإراقة الدماء وإزهاق الأرواح. المبالغة في إسقاط الصفات السيئة على الآخر.

لا ندعو الأفراد للابتعاد عن انتماءاتهم السياسية. لكن، في المقابل لا يكون الأفراد عبيدًا للحركات التي ينتمون لها. قد يقع الفرد في شِبَاك «الشرك الخفي» من حيث لا يدري، فحينما يؤله الفرد حركته، أو زعيمها، والإيمان بكل ما يقوله دون مناقشة على اعتبار أنها مسلمات لا تقبل النقاش. في هذه الحالة يكون الحزب مقدماً على تشريعات الله تعالى!

التعصب الحزبي يؤدي إلى تمزق نسيج المجتمع، ويغيب القيم والأخلاق الحسنة، مثل: (التكافل، المحبة، الإيثار، التعاون، التعاضد)، وتحل محلها قيم سلبية مثل: (الحقد، الكراهية، البغضاء، الشحناء، الأنانية). ليس أدل على ذلك ما يمر به مجتمعنا، وما ترتب عليه من تهديد لأواصر الترابط داخل الأسرة الواحدة، ناهيك عن مشاعر الحقد الدفين والكره الأعمى لكل من هم ليسوا من جماعته.

التعصب الحزبي او القبلي أو الوجاهي ضد وحدة الأمة وتماسكها. لقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للحفاظ على وحدة المجتمع، فقال: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى». وقوله: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا». وقوله: «لا تقاطعوا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانًا».

كيف نعالج ظاهرة التعصب الحزبي؟ أولًا ترسيخ مبدأ حرية الرأي وتقبل الأفكار المختلفة، تثبيت قاعدة «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب». تعزيز قيم الإخاء والمحبة والتسامح ونبذ العداوة، عدم تقديس الشخصيات الحزبية، توحيد الجهود الرسمية والأهلية لمواجهة التعصب الحزبي وآثاره السلبية.

ختامًا، يجب التأكيد أن الاختلاف ظاهرة طبيعية صحية، لكن في ذات الوقت نعمل على تقريب وجهات النظر وتجسير الهوة بدلًا من تعميقها. لتحقيق ذلك لابد أن نتأدب ونتخلق بآداب وأخلاق الإسلام في التعامل مع المخالِف. ليس من التعصب محاورة المخالف والرد عليه بشكل علمي بعيدًا عن الجدل والسفسطة، مع الحفاظ على آداب النقد الرصين، وعدم إطلاق الأحكام المتعصبة جزافًا لمجرد المخالفة.

بقلم/ المحامي علي ابوحبله