يبرز السؤال الأهم عن سر توقيت اجتماعات وزراء المالية العرب و هل البعض من العرب معنيون بدعم الفلسطينيين والأردن كونهم في دائرة الخطر أمام المخططات الصهيو امريكي فقد أكد وزراء المالية العرب الأحد مجددا التزام الدول الأعضاء في الجامعة العربية بدعم موازنة السلطة الفلسطينية بمبلغ مئة مليون دولار أميركي شهريا.
وقال الوزراء في بيان عقب اجتماع طارئ عقدوه في مقر الجامعة العربية بالقاهرة إنهم قرروا الالتزام ب”تفعيل شبكة الأمان العربية دعما لدولة فلسطين في مواجهة الضغوطات والأزمات المالية التي تتعرض لها”، من خلال “دعم السلطة الفلسطينية بمبلغ 100 مليون دولار شهريا”.
كما أكد وزراء المالية العرب “الدعم العربي الكامل لحقوق دولة فلسطين السياسية والاقتصادية والمالية وضمان استقلالها السياسي والاقتصادي والمالي”.
ودانوا “القرصنة الاسرائيلية لأموال الشعب الفلسطيني”، داعين المجتمع الدولي إلى “الضغط على الحكومة الاسرائيلية لوقف هذه القرصنة وإعادة هذه الأموال الفلسطينية كاملة غير منقوصة”.
وتجبي إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية حوالي 190 مليون دولار شهريا من عائدات الضرائب على التبادل التجاري الذي يمر عبر الموانئ والمعابر الإسرائيلية.
وأعلنت إسرائيل في شباط/فبراير 2019 بدء اقتطاع نحو 10 ملايين دولار من هذه العائدات الفلسطينية، معتبرة أنها تعادل ما تدفعه السلطة شهريا لصالح أسر المعتقلين في السجون الإسرائيلية أو الذين قتلوا خلال مواجهات مع إسرائيل.
ويأتي اجتماع وزراء المالية العرب قبل أيام من مؤتمر يعقد في المنامة الثلاثاء والأربعاء المقبلين برئاسة جاريد كوشنر صهر ومستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعرض الشق الاقتصادي في خطة اميركية جديدة للسلام تقول واشنطن إنها ستتضمّن لاحقاً شقّاً سياسياً.
اجتماع وزراء المالية العرب وفي هذا التوقيت يحمل في طياته الكثير من التساؤل والتحليل علما ان قرارات تفعيل شبكة الامان متخذ من سنوات وان القرارات للقمم العربيه لم تفعل وان قرار وزراء الماليه ان لم يكن ذر رماد في العيون ربما يكون ضمن رزمه صفقه يخشى ان تكون مربوطه بمخرجات ورشة البحرين الاقتصاديه ، حيث تقاطع السلطة الفلسطينية التي تتهم ادارة ترامب بالانحياز لاسرائيل وتحتج على عدم وجود شق سياسي
وأعلنت الإدارة الأميركية أن هذه الخطة تهدف إلى جذب استثمارات تتجاوز قيمتها 50 مليار دولار لصالح الفلسطينيين والأردن ولبنان وخلق مليون فرصة عمل لهم ومضاعفة إجمالي ناتجهم المحلّي، وذلك خلال عشرة أعوام. وأعلنت الإدارة الأميركية أنّ الأموال التي سترصد سيتولى إدارتها مصرف دولي للتنمية بغية تجنّب الفساد.
وإذا أخذنا الشق الاقتصادي في مفهوم صفقة القرن وما نتج عنها ورشة البحرين حيث يتزايد ميل الباحثين في حقل التنمية الاقتصادية الفلسطينية إلى اعتماد مصطلح "الاستعمار الاستيطاني" كنموذج تحليلي لدراسة الاقتصاد الفلسطيني، الذي لا يزال يخضع للتبعية ويعاني من العجز عن تحقيق تنمية مستدامة
وهنا تبرز أهمية صفقة القرن وأهدافها وغاياتها وقد قوبلت الرؤية الاقتصادية للرئيس الأمريكي دونالد ترمب في إطار خطة أوسع لحل الصراع "الإسرائيلي الفلسطيني" بازدراء ورفض وسخط في العالم العربي، حتى عندما دعا البعض في الخليج إلى منحها فرصة. تشمل خطة ”السلام من أجل الازدهار" إنشاء صندوق استثمار عالمي لدعم اقتصادات الفلسطينيين والدول العربية المجاورة. ويبلغ حجم الخطة 50 مليار دولار ومن المتوقع أن يطرحها جاريد كوشنر صهر ترامب خلال مؤتمر في البحرين هذا الأسبوع. لكن الافتقار إلى حل سياسي، والذي قالت واشنطن إنها ستكشف عنه لاحقا، أثار رفضا ليس من الفلسطينيين فحسب ولكن أيضا في الدول العربية التي تسعى تل أبيب إلى إقامة علاقات طبيعية معها. ومن السودان إلى الكويت، استنكر معلقون بارزون ومواطنون عاديون مقترحات كوشنر بعبارات مماثلة بشكل لافت للانتباه مثل ”مضيعة هائلة للوقت" و"فاشلة" و"مصيرها الفشل منذ البداية". وقال المحلل المصري جمال فهمي ”الأوطان لا تُباع، حتى مقابل كل أموال العالم... هذه الخطة هي من بنات أفكار سماسرة العقارات لا الساسة. حتى الدول العربية التي تُوصف بأنها معتدلة غير قادرة على التعبير علنا عن دعمها". وقال سركيس نعوم المعلق بجريدة النهار اللبنانية ”هذه الخطة الاقتصادية، مثلها مثل غيرها، لن تنجح لأنها بلا أساس سياسي". وفي حين أُحيطت الخطوط العريضة للخطة السياسية بالسرية، يقول المسئولون الذين أطلعوا عليها إن كوشنر تخلى عن حل الدولتين، وهو الحل الذي يلقى قبولا في العالم منذ فترة طويلة ويشمل قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة إلى جانب كيان الاحتلال. ورفضت منظمة التحرير الفلسطينية خطط كوشنر باعتبارها ”كلها وعود نظرية" وأصرت على أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للصراع. وقالت إنها محاولة لرشوة الفلسطينيين لقبول الاحتلال. وصف السياسي الأردني الكبير السابق جواد العناني حالة الشك واسعة النطاق بعد قراري ترمب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بضم الاحتلال لهضبة الجولان. وقال العناني ”هذا نهج غير متوازن يفترض أن الفلسطينيين هم الجانب الأضعف وهم الذين يمكن أن يستسلموا للضغط بسهولة أكبر... هذه نكسة كبرى للمنطقة بأسرها". وقال عزام الهنيدي نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، التي تمثل المعارضة الرئيسية في البلاد، إن الخطة الاقتصادية تمثل بيع فلسطين تحت راية الازدهار مقابل السلام دون إعادة الأرض وإن دول الخليج العربية تتحمل الجزء الأكبر من الأموال، مشيرا إلى أنها صفقة بأموال عربية. جريمة تاريخية ستتم مناقشة مقترحات كوشنر الاقتصادية في اجتماع تقوده الولايات المتحدة يومي 25 و26 يونيو حزيران. وقاطعت السلطة الفلسطينية الاجتماع ولم يوجه البيت الأبيض الدعوة للحكومة الإسرائيلية. وستشارك دول الخليج العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة، بما في ذلك السعودية والإمارات، إلى جانب مسؤولين من مصر والأردن والمغرب. ولن يحضر لبنان والعراق. كانت جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية المدعومة من إيران والتي تتمتع بنفوذ كبير على الحكومة قد وصفت في السابق الخطة بأنها ”جريمة تاريخية" يجب وقفها. يعتقد محللون عرب أن الخطة الاقتصادية تمثل محاولة لشراء معارضة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية برشوة قيمتها مليارات الدولارات للدول المجاورة التي تستضيف ملايين اللاجئين الفلسطينيين من أجل دمجهم. وقال صفوان المصري، الأستاذ بجامعة كولومبيا ”من المضلل أن نقول إن هذه الخطة اقتصادية بحتة لأنها لها بعد سياسي له آثار تتعارض مع الطموحات السياسية". وأردف قائلا ”جزء كبير من الخمسين مليار دولار سيذهب إلى الدول المجاورة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في تلك البلدان". وبعد قيام كيان الاحتلال في عام 1948، استوعب الأردن وسوريا ولبنان معظم اللاجئين الفلسطينيين. وتشير بعض التقديرات إلى أن عددهم يصل الآن إلى نحو خمسة ملايين. وقال مهند الحاج علي، وهو زميل في مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت ”أرى أنها ستفشل فشلا ذريعا بينما تفيد خصوم الولايات المتحدة في المنطقة" في إشارة إلى إيران. لا ضير من الاستماع في السنوات الأخيرة، دفع تنافس إيران الشديد مع كتلة تقودها السعودية، الصراع العربي الإسرائيلي إلى مكانة أقل أهمية على نحو متزايد. وفي حين رحبت الرياض وحلفاؤها بموقف ترمب الأكثر صرامة ضد طهران، التي تعتبر نفسها حامية للحقوق الفلسطينية، يتهم منتقدون السعودية بالتخلي عن الفلسطينيين. ووسط مخاوف من أنها ستدفعهم إلى قبول خطة أمريكية تحابي الاحتلال، أكدت السعودية للحلفاء العرب أنها لن تؤيد أي شيء لا يلبي المطالب الأساسية للفلسطينيين. وقال علي الشهابي، رئيس المؤسسة العربية التي تدعم السياسات السعودية، إن السلطة الفلسطينية مخطئة في رفض الخطة. وأضاف في تغريدة على تويتر ”يجب أن تقبلها وتعمل على وصول المنافع لشعبها ثم تمضي قدما بقوة في العمل السلمي... للبحث عن الحقوق السياسية". وانتقد رجل الأعمال الإماراتي البارز خلف أحمد الحبتور رفض الفلسطينيين الذهاب إلى البحرين، قائلا ”هذه المقاربة... قصيرة النظر في أفضل الأحوال، وانهزامية في أسوأها". وكتب ”لا ضير من الاستماع إلى الطروحات التي ستُقدَّم على طاولة البحث". وحتى في الخليج، لا تلقى خطة كوشنر دعما يذكر. ووصفها ماجد الأنصاري، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة قطر، بأنها مضحكة وغير واقعية. وقال الأنصاري ”فكرة الانتقال من الأرض مقابل السلام إلى المال مقابل السلام تمثل إهانة للقضية الفلسطينية... من الواضح جدا أن فكرة كوشنر تتمثل في دفع أموال مقابل موافقة الفلسطينيين على استيلاء الاحتلال على جميع أراضيهم وعدم تقديم تنازلات للفلسطينيين بشكل أساسي". وتوقع الباحث الكويتي ميثم الشخص أن تكون واشنطن غير قادرة على تنفيذ الخطة من خلال الدبلوماسية وقد يتعين عليها فرضها بالقوة. وقال ”أعطى (ترمب) الاحتلال القدس والجولان، وفي كل يوم يقدم لهم هدايا على حساب العرب". وقال أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبد الخالق عبد الله إن للفلسطينيين الحق في رفض خطة كوشنر لأنها لا تلبي الحد الأدنى من تطلعاتهم. وتابع قائلا ”ليست الخطة مستساغة لدى الجمهور الأوسع في المنطقة. وستكون عملية بيع بثمن بخس لقضية عادلة". وأضاف ”ستواجه دول الخليج صعوبة في فرضها على الفلسطينيين. ستواجه صعوبة في إقناع الفلسطينيين... هذا ليس ما يتوقعه الناس بعد سنوات من الصراع والكفاح".
وهنا تبرز أهمية وضوح الرؤيا في قرارات وزراء المالية العرب وان كان تفعيل شبكة الأمان بمنح مائة مليون دولار مرتبطة باشتراطات مربوطة بمخرجات ورشة البحرين أم لا مما يتطلب تروي في اتخاذ المواقف وتنسيق أفضل بين جميع القوى والفصائل والدول الداعمة للموقف الفلسطيني ومن بينها الأردن خشية الوقوع بفخ جديد كفخ أوسلو.
بقلم/ علي ابوحبله