صفقة القرن الشماعة ..التي يعلقون عليها فشلهم

بقلم: جيهان الحسيني

لا أعتقد أن أيًا من قادة الشعب الفلسطيني وقاماته الوطنية الذين غيبوا عن المشهد بالموت ،يمكن أن يتصور مدى الذل والهوان الذي وصلت إليه الأمة العربية بسبب جهلها وتخلفها و تشرذمها ، بعد أن  أصبح  الدين يستخدم  كأداة  من أجل مزيداً من تسطيح العقول، أمة أقرأ لم تعد تقرأ ولم نعد أمة وسطا، بل أصبحنا متشددين ومتعصبين نرتع في ظلمات الجهل ونكفر بعضنا الآخر، أصبحنا أمة لا وزن لها وبتنا عبئاً على العالم ، لاجئين ومشردين أنهكتنا الحروب أجسادنا ضعيفة ، فبلادنا ليس بها صحة ولا تعليم_ خزائن الحكومات خاوية بينما  حسابات  البنوك للطبقة الحاكمة مكتنزه بالملايين.

والقضية الفلسطينية تراجعت بسبب الإنقسام فالقائمين عليها من طينة مختلفة ليسوا على قدر المسئولية من طينة مختلفة وإلا ما مبرر إستمرار الإنقسام خصوصاً في ظل هذا الظرف الشائك الغير مسبوق الذي تتعرض له القضية الفلسطينية, ولسان حال الفلسطينيين "إذا لم نتوحد اليوم متى سنتوحد.؟!

قطار التطبيع مع إسرائيل لا يتوقف، واليوم بدأت أعمال ورشة المنامة الشق الإقتصادي لصفقة القرن المبادرة الأمريكية التي صدعوا رؤوسنا بها !  لا أدري لماذا لا أقيم وزنا كبيراً له ؟  ,ربما لأننا إعتدنا أن كل رئيس أمريكي يأتي يطلق مبادرته والتي يطلق عليها "السلمية" أي لتحقيق السلام . ولكنها  دائما تفشل لأنها غير منصفة ومنحازة  بشكل فج وكبير للجانب الإسرائيلي  .

وأذكر هنا الرئيس المصري السابق حسني مبارك عندما قال خلال لقاء حضرته مع رجال الحزب الوطني: أن دينيس روس  ( المنسق لعملية السلام في المنطقة خلال ولاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون)  جاءني وقال لي: " معي رسالة هامة من الرئيس الأمريكي" فرديت عليه:" الرئيس الأمريكي في تل ابيب "!  ما معناه أن هذا الإنحياز السافر لإسرائيل ليس جديدا وسيظل.  ولكن  الإدارة الحالية (إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ) ضربت رقماً قياسياً في هذا الإنحياز  فهي تتبنى تماماً مواقف الحكومة الإسرائيلية والتي هي بطبيعتها يمينيه متطرفة يسيطر عليها المستوطنون.

لذلك يجب أن لا نحمل الإدارة الأمريكية مسئولية فشلنا , أو أن نعلق فشلنا على شماعة الضعف العربي والتطبيع .

القائمون على الشأن الفلسطيني هم  الذين يتحملون التراجع الكبير الذي أصاب القضية الفلسطينية بسبب الإنقسام ، هذا السرطان الذي ينهش في الجسد الفلسطيني بالإضافة إلى الترهل الذي أصاب المؤسسات الفلسطينية نتيجة لإنتشار المحسوبية والفساد في ظل عدم وجود المحاسبة (..) بالإضافة الى غياب المبادرة  ، إذ نجد الساسة الفلسطينيون  يتبعون دائماً  سياسة رد الفعل, ودائماً يصدمون من النتائج الكارثية التي تقع فوق رأس القضية الفلسطينية رغم أنها متوقعة لدرجة أنني أحيانا أتصور أن مواقفهم هذه مفتعلة و أنهم يمثلون على الشعب أو أنهم يتقنون الكذب لدرجة أنهم يصدقون أنفسهم . فعلى سبيل المثال فوجئوا بإغلاق مكتب المنظمة في العاصمة الأمريكية واشنطن رغم أن تجديد ترخيصه كان يتم كل ستة شهور وكل تجديد كان يقابله ضغوط وابتزازات من الجانب الأمريكي ! ثم صدموا بنقل السفارة  الأمريكية الى القدس  بالرغم من أن هناك قرار كونغرس أمريكي بنقلها الى القدس لكن كل رئيس أمريكي يأتي كان يؤجل القرار.

فماذا قدمت الخارجية الفلسطينية طيلة هذه السنوات أين علاقاتها واتصالاتها وو؟  إسرائيل إبتلعت أكثر من نصف أراضي الضفة الغربية وأعلنت أنها ستضمها ومازالوا  يصابون بالصدمة رغم أن أي متابع للأحداث سيتوقع هذه النتيجة (..) فالمفاوضات مستمرة مع الجانب الإسرائيلي والبناء في المستوطنات على أراضي الضفة لم يتوقف يوماً, ورغم ذلك يعبروا عن إستنكارهم الشديد وهم في غايه الدهشة !

فشل وراءه فشل أكبر في ظل مستقبل ضبابي خاصة بعد أن أسقطوا كافه الخيارات التي يحق للشعب الفلسطيني أن يمتلكها وعلى رأسها المقاومة، والطامة الكبرى أنه في ظل هذا التردي الغير مسبوق  مازال الإنقسام  مستمرا , هناك تلكؤ ومماطلة, والحقيقة أن  المصالحة لن تتحقق إلا عندما تتوفر الإرادة الصادقة ، بدون ذلك ستظل المواقف مائعة ، وهذا حقا موقفا غامضاً لا أجد ما يبرره !

شبعنا تصريحات عنترية من يريد أن يجابه إسرائيل حقا وأن يرد لها الصاع صاعين يتخذ قراراً بإنهاء الإنقسام اليوم وليس غداً.

المصالحة ليست ترفاً ، فإستعادة وحدة الصف الفلسطيني هو مطلب وطني لكل الفلسطينيين الذين يتطلعون لإنتخاب قيادة فلسطينية جديدة تمثلهم جميعاً.

 بقلم: أ. جيهان الحسيني : دار الحياة