على مصـر الرائدة إنقاذ الثورة السودانية

بقلم: عودة عابد

في دولة مثل السودان فإن التدخل الخارجي والحركات الانفصالية المدعومة من أعداء السودان تجعل عملية التغيير ليست سهلة، كما أن تعارض وتقاطع مصالح هذه الأطراف تجعل المهمة صعبة أمام الشعب السوداني وتحتاج إلى حكمة وقدرة على الاستيعاب والتحرك بشكل جماعي وتفادي الانقسام. على مصر الشقيقة للسودان وجارة لها وتمثل الدولة الرائدة بالقارة أن تبذل جهدها الدبلوماسى بوصفها القارى والمجاور لهذه الدولة الفقيرة الطيبة وان ترسيها على بر الامان وصولا الى الانتخابات والتوافق على برنامج واحد يكون ديمقراطيا واعدا للدولة الطيبة السودان، وانا على قناعة تامة بأن مصر الشقيقة لها تاثيرها القوى اتجاه جميع أطياف واحزاب ومنظمات السودان الشقيق. ومن منبع هذه القناعة أتأمل من مصر الشقيقة التدخل ووضع السودان الطيب الشقيق على بر الامان قبل أن تعبث بها الايدى الخبيثة وتنهكها أكثر من ذلك، لان السودان يحتاج للوحدة والموقف الواحد والقرار الواحد لانقاذ ما تبقى لها من أرض وموارد وشعب ووطن..
المعركة في السودان بين تيارين، الأول: المجلس العسكري المدعوم من قوى خارجية والثاني: تجمع المهنيين الذي يسيطر على الاعتصام الشعبي أمام القيادة العامة للجيش السوداني، وكلاهما يريد أن ينتزع حق إدارة المرحلة الانتقالية، ولم يطرح أي منهما الاحتكام للشعب السوداني في هذه الفترة التي تتراوح بين عامين (طرح العسكريين) وأربعة أعوام (طرح قوى التغيير والحرية).
فلتكن الحرية هي الهدف، والعدالة هي القانون، وليكن الصندوق الانتخابي هو وسيلة تشكيل النظام السياسي الجديد، وإعطاء الشعب الحق في اختيار من يريد، وعقاب من يشاء، بإرادته الحرة من دون وصاية من أي أحد.
الحل لإنقاذ الثورة و السودان الشقيق، ليس في انفراد المجلس العسكري بالحكم، ولا في تسليم السلطة لمجموعة يسيطر عليها الشيوعيين واليساريين، ولا باقتسام السلطة بين المجلس العسكري وتجمع المهنيين بعيدا عن الارادة الشعبية، وإنما بالاحتكام للشعب، والإسراع بإجراء الانتخابات والاحتماء – بالديمقراطية النزيهة والايمان بالله- وبالتأييد الشعبي، ضد القوى الخارجية المتربصة بهم جميعا.
النظام الجديد المنتخب هو الذي يحدد السياسة الانتقالية، وهو الذي يحدد سياسة الأجهزة العسكرية والأمنية، ويحقق الاستقرار والرضا العام، بعيدا عن الإملاءات وتصفية الحسابات، وهذه المؤسسات المنتخبة هي التي ستقطع الطريق على محاولات الالتفاف على الثورة بدعم خارجي.
للأسف، فإن المشاريع المطروحة على الساحة لن تؤدي إلى نتائج مرضية، واستمرار الصراع بين المدنيين والعسكريين على النحو الذي نراه يؤكد أن اللعبة تتكرر وكأن شيئا لم يكن، وكأننا أدمنا استنساخ التجارب الفاشلة مع سبق الاصرار والترصد، من دون أية محاولة للفكاك من هذه السيناريوهات المتطابقة، التي استنزفت بلادنا وسلمتنا للقوى الاستعمارية الخارجية بدون مقابل هنا اقصد اسرائيل.
يبقى التحدي الأكبر الذي يواجه الحكم الجديد أيا كان شكله أو لونه هو زراعة القمح وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء والماء، وإلا فلن يخرج السودان من الدوامة، ولن تفيد الخطب وأطنان الكلمات وطوابير المظاهرات في تحقيق الاستقلال، والاستغناء عن الشياطين التي تستغل الانهيار وتساومهم برغيف الخبز والمعونات!
على السودان الطيب الشقيق أن يفكر مليا بأن الدولة لم يحميها الا شعبها وسكانها وجيشها، لذا على الاشقاء السودانيين أن يجتمعوا على كلمة واحدة وقرار واحد ومصير واحد مشترك.. الرغبة والاصرار على الانتخابات الديمقراطية النزيهة هى المخرج الوحيد للأزمة..ووضع البلاد على بر الامان.. اتمنى ذلك بأسرع وقت ممكن..


الباحث: عودة عابد ..
25/6/2019م.