تعرضت الخطة الأمريكية المعروفة إعلاميا بصفقة القرن إلى انتكاسة وتعثر قبل انطلاقتها والتى تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر حسم أخطر الملفات العالقة مثل ملف القدس واللاجئين والحدود وحسمها لصالح حكومة الاحتلال الاسرائيلي بدون أي مفاوضات مسبقة، ولم تتمكن إدارة ترامب الأمريكية من تحديد أولويات العمل بهذا الملف.
ان ادارة الرئيس ترامب تتعثر وتتخبط بسبب صلابة الموقف الفلسطيني والدعم الدولي والعربي للحقوق الفلسطينية، وانه على ادارة ترامب ان تتراجع عن سياستها العنصرية الداعمة للاحتلال الاسرائيلي اذا ما ارادت الاستمرار في دعم عملية السلام .
ان الموقف الامريكي والتناقض الواضح في السياسة الخارجية لإدارة ترامب فيما يتعلق بخطتهم المزعومة يعبر عن فشل ذريع للبيت الابيض ويتناقض مع طبيعة عناصر صفقة القرن، وان هذا القرار بمثابة نكسة كبيرة لرؤية البيت الأبيض لمؤتمر البحرين الذي طال انتظاره، كما يعتبر انتصارا للقيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وانتصارا أيضا للموقف الأردني والسياسة الحكيمة لمواقف جلالة الملك عبد الله الثاني الرافضة لمشاريع التوطين والتصفية للقضية الفلسطينية حيث طالما اكد الاردن ملكا وحكومة وشعبا على دعمها المطلق للحق الفلسطيني ومساندتها للشعب الفلسطيني في نيل حقوقه وإقامة دولته الفلسطينية والقدس عاصمتها.
لقد كان الموقف الفلسطيني واضحا منذ اللحظة الاولي لإعلان صفقة القرن حيث اكدت القيادة الفلسطينية أن خطة السلام الأميركية هي خطة مرفوضة لدى الشعب الفلسطيني كونها لا تلبى الحد الادنى من طموحات الشعب الفلسطيني في اقامة الدولة الفلسطينية والقدس عاصمتها وتحقيق السلام العادل المبني على اساس الشرعية الدولية وقرارات مجلس الامن بهذا الخصوص.
ومن الواضح ان تعثر الولايات المتحدة في إعلان خطة السلام المعروفة باسم صفقة القرن، وإطلاق ورشة اقتصادية كجزء من الخطة في هذا الوقت، وإن المؤامرة الأميركية فشلت، وباتت الادارة الامريكية تسير في تخبط واضح وتحاول ان تخرج من مواقفها وتغير من اساليبها وذلك يأتي بعد صلابة مواقف القيادة الفلسطينية وجماهير الشعب الفلسطيني الواضحة والتى لا مجال للتلاعب فيها فعيا قضايا اساسية ومصيرية وثابتة وتأتي في مقدمتها قضية القدس واللاجئين وإقامة الدولة الفلسطينية حيث لا مساومة مع الحقوق الفلسطينية وان أي مشاريع تهدف للنيل من الثوابت والحقوق الفلسطينية ستبوء بالفشل الذريع وان المؤامرة الامريكية على الشعب الفلسطيني لن تستمر وستنهار امام صمود الشعب الفلسطيني .
إن مخرجات المؤتمرات الاقتصادية هدفها الحقيقي هو تجنب المفاوضات السياسية وتجنب الخوض فى استحقاقات السلام ضمن منهجية وأسس عملية السلام والقرارات الدولية والسعى للالتفاف على الحقوق الفلسطينية وفرض واقع جديد يشمل على ما اسمه بالازدهار الاقتصادي بعيدا كل البعد عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقبلة والقدس عاصمتها.
ان شعب فلسطين اسقط كل مؤامرات التصفية ومشاريع التوطين وعلى الإدارة الأميركية ان لا تمارس التجارب مجددا على الشعب الفلسطيني كون ان هذه الحلول جربت وفشلت عبر مسيرة النضال الفلسطيني، وعلى الولايات المتحدة الامريكية الالتزام بحقوق الشعب الفلسطيني والقرارات الدولية والاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وفقا لقرارات الشرعية الدولية وخاصة تصويت الامم المتحدة بتاريخ 29-11-2012 في الجمعية العامة بالاعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب، وان الشعب الفلسطيني يقف اليوم موقفا موحدا في مواجهة هذه المخططات، وسيمضي قدماً ودفاعاً عن حقه في العودة وتقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس.
ان فلسطين الارض والهوية والعنوان لا يمكن ان تمحوها مشاريع براقة، ولا الازدهار الاقتصادي والكلمات الرنانة، ولا كنوز الدنيا وأموالها، وان فلسطين هي ملك للشعب الفلسطيني وحق من حقوق الاجيال، يتوارثها الابناء عن الاحفاد، حاملين الامانة، من اجل الحفاظ عليها، ولا يمكن لأي شخص ان يجد أي فلسطيني يخون امانة الاجيال او يتراجع عنها، والموقف الفلسطيني يؤكد أن فلسطين الأرض وعظمة تاريخها وتراثها وحضاراتها، وما تمثله القدس من قيم تاريخية هي التي شكلت هذا الانسان الفلسطيني، حيث لا يمكن تجاهل او نسيان إرث الذين خاضوا النضال، فذلك هو جوهر الخط الوطني والإنساني المتواصل عبر التاريخ وان الشعب الفلسطيني يحمل امانة تاريخية، ويحمل العهدة وهو الحريص على امانته ومستقبل اجياله القادمة، فلا سلام إلا مع اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقدس عاصمتها.
بقلم/ سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية