الذكريات الجميلة المشبعة بالقيم الاصيلة قصر مفتاحه الوفاء وغذاؤه الأمل وثماره السعادة وهي كنز لا يفنى أبداً، فهي رمز الخلود والحب الطاهر وزهرة بيضاء تنبت وتتفتح في القلب وهي حديقة وردها الإخاء، ورحيقها التعاون. وشجرة باسقة جذورها الوفاء، وأغصانها الوداد، وثمارها التواصل وهي حلم وكيان يسكن الوجدان.لا تذبل أبدا مهما تعاقبت السنين ومها دارت الأيام، لا نها خالدة وضاربة جذورها في عمق الفؤاد
أبو السباع المتيم بالحب الكبير لكل محطات الذكريات الجميلة مع من عايشهم في سنوات العمر الطويلة من نجوم الزمن الجميل، لا ينسي تلك الذكريات التي تشكل محطة فارقة في حياته، فماذا يقول عن شريط ذكريات مطبوعة على جدران بحر الآماني في قرية سلوان الملتصقة بأسوار وأبواب القدس القديمة
أه يا سلوان يا موطن الذكريات ويا إطلالة الحب الخالد، عدت إليك ولم أكن أظن في حياتي السرمدية أني عائد إلى موطن حبي وشمس سعادتي، حتى رأيتك قطعة مـن جوهـر ترتاح بين أشجار الزيتون والنخيل الباسقة
سلوان يا حكاية التاريخ والجغرافيا عشت الحسن في ألوانه لكن حسـنك لم يكن بحسـابي، ماذا سأقول عنك يا فيروزتي فهـواك لا يكفيه ألـف كتاب وكتاب.
سلوان يا منبع الشهامة والأصالة، يا مدرسة ومعقل الوطنية يا مخزن الأضـواء والأطيابِ يا رمزية وعنوان المدن الفلسطينية الصامدة المثابرة المناضلة التي روت الأرض السمراء بالدم الأحمر القاني لتنبت شجرة الحرية.
أه يا سلوان يا قطعة من الروح والفؤاد، يا من تسكنين في عمق التاريخ، ويا شوق لا يضاهيه شوق، أنت باقية في وجدان الأمة وضمير الموحدين المؤمنين الصادقين الصابرين القادمين.
أه يا سلوان أنت بوابة المجد والعروبة وستبقين رغم كل المنون قرة العين وقطعة عزيز وغالية تسكن في خلجات القلوب، ستبقين واحة الشرف والعزة والكرامة ونهر العطاء الذي يغذي ليس شريان الوطن المأسور فحسب، إنما شريان التاريخ الوطني والرياضي.
كم اشتقت لك ويعلم الله ماذا كان ينهج لساني على الدوام بالرجاء والدعاء لله أن يكتب لي العمر المديد لأعود لحارتك وأزقتك العتيقة ولأهلي وأحبتي الذين غمروني بحب لا يموت ولا يمكن أن يطوله النسيان.
سلوان أنت المدينة الصامدة المثابرة التي أبت الذل ورفضت الخنوع والخضوع ولم تركع يوما، حملتينا في المحطات الصعبة وحضنتينا وألبستنا علم فلسطين بألوانه الزاهية في قلب الملاعب والعواصم.
سلوان أنت عز وفخر مازال يسكن في قلبي وعقلي ولم يفارقني، وأقسم بالله حبك ظل طيلة العقود الغابرة ومازال ينبض وتتفرع أغصانه فينا وجذوره تخترق الأعماق.
بعدي عنك عقود طويلة آلمني وحطم فؤادي وأحلامي التي بنيتها تحت أسوارك وملاعبك الناضرة، لأنك كنت قلب الوطن الذي ينبض بالكبرياء والشموخ منذ فجر التاريخ وحافظتي على هوية الوطن والرياضة الفلسطينية في أحلك المحطات والظروف.
ماذا أقول اليوم فيك وأنت تتزينين لاستقبالي وتعيدي لي ذكريات ريعان الشباب، ماذا أقول لوفائك الذي لا يضاهيه وفاء بالدنيا، ماذا أقول لجمال طبيعتك الخلابة التي عشعشت في فكري على مدى سنين طويلة، ماذا يمكن أن أفعل وأنا لا أستطيع رد هذا الجميل وقد بلغت من العمر عتيه، وتعثرت الصحة، وأصبحت لا أملك إلا دفتر خواطري الذي دونت فيه رحلة العمر الجميلة بمحطاتها ومساراتها، هل تسمحي لي يا مدينتي الحبيبة أن امنحك هذا الدفتر الممزق الذي طاله الاستهداف لمدينتنا غزة العزة ليفوح أريج عبيرك يعطر الزمان والمكان، فليس شيء آخر أمنحك إياه.
بقلم/ أسامة فلفل