تأتي ورشة البحرين الخيانية والتي إنعقدت مؤخراً في العاصمة البحرينية (المنامة) في إطار سلسلة مشاريع صهيوإمبريالية إستهدفت وتستهدف على الدوام تصفية القضية الفلسطينية لصالح المشروع الإستعماري الكولونيالي الإحلالي الهادف الى زرع الكيان الغريب في الجسد العربي المثخن بالجراح بهدف تعطيل مسيرة نهوض الأمة وتحررها, بل إننا هنا لا نغالي إن ذهبنا الى وصف تلك الورشة بأنها تاج المؤامرات والتتويج العملي لمسلسل طويل ودامي من حلقات التاّمر على الأمة العربية وقضيتها المركزية (فلسطين) , والتي لم يكتب لها النجاح سابقاً بفضل عزيمة الأحرار من أبناء أمتنا العربية المجيدة , وبفعل ثورة الشعب الفلسطيني وقواه الحية التي تحطمت على صخرة صمودها كل مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية العادلة وذهبت معها كل المؤامرات أدراج الرياح وحملتها الى حيث مزابل التاريخ مستقراً لها.
وبعد العدوان الثلاثيني على العراق الشقيق عام 1991م دخلت المنطقة العربية إنعطافة تاريخية حادة أرخت بظلالها القاتمة على مجمل القضايا العربية , وأخرجت العراق من معادلة الصراع كراعي لقوى الثورة والحرية ومظلة يستظل بها كل الأحرار العرب ,إضافة لإنزلاق حكومات عربية نحو التشبيك مع قوى العدوان ومعاونتها في تدمير وإحتلال إقطار عربية ,مما أفشى حالة من الضعف والهوان في الجسد العربي وأصبح معها الوطن العربي يعيش حالة من الترهل والوهن لا سابقة لها في التاريخ , شجعت دهاة بنو صهيون الذين يديرون البيت الأبيض لإقتياد حكام العرب الذين شاركوهم العدوان والحصار على العراق نحو خديعة مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط , وتسابقت معهم القيادة الفلسطينية في شراء الوهم ووقعت في فخ الإتفاق المرحلي المسمى (اوسلو) الممهور بوعود أمريكية كاذبة وتبين لاحقاً مدى زيفها وريائها ,حيث كشفت الولايات المتحدة عن وجهها الكالح والخبيث في عهد ترامب وإعلانه رسمياً دفن مشروع التسوية السلمية للصراع العربي الصهيوني وفق قرارات الشرعية الدولية , وإعلانه ألإنحياز التام للإحتلال والإستيطان والتهويد, ليس هذا فحسب بل مطالبته بكل وقاحة قادة العرب والفلسطينيين للإستسلام والرضوخ لإبتزازاته المالية عبر ورشة البحرين التاّمرية التي يراد من خلالها تمرير حلول إقتصادية تسهم مباشرة في تكريس الإحتلال والتهويد لكل الأراضي العربية الفلسطينية , ويبقى معها الشعب الفلسطيني محاصراً مكبلاً يرزح تحت نير الإحتلال وجرائمه , ويزج بشبابه وبناته في أتون زنازين الإحتلال المعتمة وباستيلاته الفاشية, مع إستمرار أعمال القتل اليومي لأطفالنا ونسائنا وشيوخنا وجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الممنهج .
وبكل أسف نقول ان إتفاق (أوسلو) يعد باكورة صفقة القرن كما إتضح لاحقاً, حيث شاهدنا على أرض الواقع كيف سعر الإحتلال مشاريع الإستيطان والتهويد للقدس والخليل وبيت لحم وأجزاء كبيرة من الضفة الغربية بشكل ينم عن معرفة صهيونية مسبقة بماّلات مشروع التسوية والإتفاق المرحلي, ورأينا بأم أعيننا الإنقلاب الديمغرافي في القدس لصالح اليهود بعد التوقيع على إتفاق (أوسلو), وكذلك مضاعفة الإستيطان أربعة أضعاف ما كان عليه الوضع قبل الإتفاق.
أخيراً لا يسعنا إلا القول أن الشعب الفلسطيني كطائر الفنيق ينهض من تحت الأنقاض وركام النكبات , ولديه على الدوام وسائله النضالية النوعية وإرادةً صلبة كفيلة بإسقاط صفقة القرن كما أسقط سابقاً كل مشاريع التصفية , ولن ينال حكام البحرين وكل من هرول معهم من هواة التطبيع والإنبطاح سوى الخزي والعار والشنار , وإن قادم الايام تحمل في طياتها بشائر النصر في ظل تنامي الوعي الشعبي العربي التحرري ,وذاك التلاحم المصيري بين أبناء الأمة وجماهيرها المناضلة التواقة للحرية والإنعتاق من نير الإستعمار والعبودية ,والذيلية والتي إصطفت كالبنيان المرصوص من المحيط الى الخليج لتقول كلمتها الكبرى مع فلسطين وضد صفقة القرن والعار وكل مشاريع التصفية لفلسطين والعروبة.
بقلم : ثائر محمد حنني الشولي
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
حزيران - 2019