لقد علمنا التاريخ وتجارب الحياة أن القائد المحنك يتجاوز الظروف ويصنع النجاح، فالقائد الواثق قوي الإرادة قادر على اختزال المسافات وتطويع الزمن في اللحظات الاستثنائية وصناعة وكتابة الإنجاز وعبور بحور التحديات.
القيادة الرياضية الفلسطينية كانت مبصرة منذ توليها دفة العمل ترى النور بعينيها، وتحس بالضياء يملأ بصيرتها فلم يكن يدور بخلد أحد في يومًا أن تتوحد الجغرافيا الفلسطينية في ظل التحديات وطبيعة الظروف الاستثنائية التي يعيشها الوطن والرياضة الفلسطينية، لقد اختفت وتلاشت، تلك الستارة السوداء وانقشع ظلام الفرقة وعلت رايات الوحدة محلقة في علياء المجد والخلود.
لم يكن الاتحاد الوطني الفلسطيني لكرة القدم وأركان قيادته في يوم من الأيام يهدمهم القنوط، أو يتسرب الإحباط واليأس لقلوبهم العامرة بحب الوطن والرياضة الفلسطينية.
اليوم هذا العملاق الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يتصدر صفحات التاريخ، وينتصب عملاقا في المشهد الوطني والإقليمي والدولي بجهوده ومواقفه وإنجازاته التاريخية التي تغطي قرص الشمس.
ينبغي علينا نحن معشر الإعلاميين والرياضيين أن نؤرخ لحقبة زمنية بعد العبور لواحة الوحدة ودخول ووصول فرسان بلاطة لغزة العزة لملاقاة أبطال مركز خدمات رفح قلعة الجنوب، فهذه المحطة الفارقة ورغم الألم صاغت وجداننا الرياضي والوطني وهذا العبور الجديد ممهورة بالعطاء وصور التضحية وملاحم البطولة النادرة.
للتاريخ هذا الإنجاز الجديد الذي وصل إليه الاتحاد الوطني الفلسطيني لكرة القدم اليوم، كان عماده القيادة الرياضية الفلسطينية التي حملت المسؤولية وعرفت دورها الوطني والرياضي والأخلاقي وفهمها الكبير والعميق لمعنى المسؤولية، وكيف تترجم مفاهيم الوحدة والتكامل والترابط على الأرض في اللحظات الاستثنائية.
يا لها من لحظة في تاريخ الأمة عندما يتصافح زيتون الجبل الأصيل مع برتقال الساحل الجميل وتعلوا رايات الشموخ والكبرياء الفلسطيني المشبع بقيم الانتماء الوطني والرياضي، وما أجملها وأعظمها تلك اللحظات التي يعبر فيها أبناء جبل النار، أبطال مخيم بلاطة حاملين بواعث المجد والعزة والكرامة، يسيروا بامتداد البصر، عاقدي العزم على الدوران في محور جاذبية مدينة الصمود وبوابة العزة والكرامة غزة هاشم.المحاصرة التي تشكوا لله ظلم الظالمين.
أيها العابرون و المحلقون في فضاء غزة العزة لقد سجلتم بعبوركم الميمون وتحليقاكم في سمائها ملحمة وطنية سابقت الزمن ووحدتم الجغرافيا الفلسطينية، وجسدتم وحدة الوطن المكلوم.
ما أعظمك يا أبطال خدمات رفح وشعب القطاع الأبي وأنتم تزحفون شبابا وشيوخا وأطفالا لاستقبال الزاحفين القادمين لغزة هاشم التي أنهكها الحصار والبعد والفراق عن شركاء العهد والمصير المشترك.
إنها المحطة الجديدة التي تسطر فيها أبجديات حروف التاريخ على إيقاع شلال الدم النازف من خاصرة الوطن والرياضة الفلسطينية، إنها لحظة صياغة وكتابة الوحدة الوطنية والرياضية الجامعة، إنها رسالة الرياضة والرياضيين الممهورة بالدم والعرق، إنها فصل جديد من فصول التحدي والصمود والإصرار على عبور المنعرجات والانتصار للوطن والرياضة الفلسطينية فلتشمخ يا وطن الشهداء برجالك وأبطالك فرسان الرياضة الفلسطينية مركز بلاطة وخدمات رفح.
بقلم/ أسامة فلفل