أُسدل الستار على ما سُميَ ب "ورشة البحرين"، حيث حاضَرَ "كوشنير" في الحضور بصيغة بروفيسور جامعه مستعيناً بشرحٍ تصويري عبر "الفيديو" وقال أن ما يجري اليوم هو "فرصة العصر"، معتبراً هذا الجمع مُباركةٌ لعرسٌ لم يتم بعد ويبدو أنه لن يتم في ظلَّ حكومة اليمين الإسرائيلي بقيادة "نتنياهو". لقد نجح "كوشنير" وفريقه في جلب حضور دولي ومعهم بعض العرب والإسرائيليين وفلسطينيين لا يتجاوزوا عدد أصابع اليد الواحدة، لكنه فشل في الحصول على أي نوع من الإجماع، دولياً، "روسيا" و "الصين" رفضت الحضور وإعتبرت ذلك تأزيماً لما هو أصلاً مؤَزّم، البعض الآخر من العرب رأوْا فيه تطبيع في غير أوانه ويسبق وينسف ما تم الإتفاق عليه في "المبادره العربية للسلام"، أما فلسطينياً فهناك إجماع غير مسبوق على رفض هذه الورشة ك مُدخلات ومُخرجات.
السؤال المهم والضروري العاجل، ماذا بعدْ حفلة المباركه هذه؟
فلسطينيا، حتى الآن الردود ليست كافية في ظلّ الإنقسام والفُرقة بين جناحي الوطن المنشود، خاصة أن أحد مُدخلات هذه "الورشة" كان الإنقسام لأن البعض الفلسطيني إعتقد أنه قادر على أن يتحدث بإسم الشعب الفلسطيني ما دامت قواه المركزيه مُنقسمة على بعضها البعض وكلَّ طرف يدعي أنه يُمثّل جزءاً من هذا الشعب، فذهب البعض وبغض النظر عن النوايا وعن الأشخاص وتحت عنوان أنّ له الحق أيضاً في الإدعاء بأنه يُمثل الأغلبية الصامتة.
وفقط للتذكير بالتاريخ ولكن بطريقة إعتزاز وفخر، عندما ظهرت "روابط القرى" المدفونة لم تستطيع أن تدّعي تمثيلها للشعب الفلسطيني ولم تجد أي ثغره تَنفد مِنها، ووقف الشعب الفلسطيني خلف منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد وأسقط ألمؤامرة ولكن لحظتها لم يكن لهذه "الروابط" أي مَدخل على المجتمع الدولي أو العربي الرسمي وسقطت لأنها كانت جزءا من الإحتلال ومؤسساته، إضافة إلى الفعل الوطني الجماهيري الذي وقف في وجه هذه المحاولات وقدم الشهداء وعلى رأسهم مُعلم المدرسه "داود العطاونه" رحمه الله.
اليوم أين نحن فلسطينيا من الوحدة الوطنية الواحدة المستندة لمفهوم الشراكه والديمقراطية والنضال؟!!! وأين نحن من الفعل الكفاحي الجماهيري الشعبي؟!!!
إفشال أي مؤامرة ومهما كانت درجتها لا يتأتى بقول "لا" وفقط، بل بإعادة اللحمه والتوحد على أساس برنامج واضح المعالم ويتوافق مع الشرعية الدولية وفقا لمفهوم الدولتين لشعبين (رغم صعوبة هذا الحل على أرض الواقع)، أو العمل على مفهوم الدولة الواحدة وجعلها أيضا شرعية دولية ولكن وفق مفهوم الحقوق الوطنية والفردية المتساوية للجميع وعلى أساس المواطنه والمساواة التامه.
العرب رسميا وشعبيا والمجتمع الدولي ككل لن يستطيع تجاوز الفلسطيني في لحظة توحده ولحظة فعله على الأرض، وغير ذلك الأمور ستصبح أعقد وأصعب مما نتصور، فالموقف الأمريكي الذي تُمثله إدارة "ترامب" وفريقه الذي أفصح عن الجزء الإقتصادي ك "مباركة" ل "حفلة الزواج" التي لم تتم بعد وهي الحل السياسي للقضية الفلسطينية غير معروفة المعالم ولكن مؤشراته وتوجهاته أصبحت واضحه وأساسها إبقاء المستوطنين والمستوطنات والقدس والأغوار تحت السيادة الإسرائيليه الكلية أو الجزئية الأمنية وتوطين اللاجئين ووحدة اقتصاديه واحدة تكون فيها إسرائيل السيد والشعب الفلسطيني ليس سوى عُمال يعملون في العمل الأسود الذي لا يمارسه الإسرائيلي "اليهودي".
وفي ظلِّ هذه الحالة المتشرذمة فلسطينيا وفي كافة مجالاتها، وفي ظلِّ إنسداد الأفق نحو مفهوم السلام، وفي ظلِّ إستكبار أمريكي يقابله مواقف فلسطينية رسميه لا ترتقي لمستوى التضحيات العظيمة والكبيرة التي قدمها شعبنا الفلسطيني ولا يزال وسيبقي، وفي ظلِّ عدم الجدية في دفن الإنقسام والبقاء على مفهوم الإشتراطات بين طرفيه ألرسميين، وفي ظلِّ الموقف الذي تم الإجماع عليه بأن السلام حقوق وطنيه وليس إزدهار إقتصادي، فالقدس لها شعب لا يبيعها، واللاجئين لهم حقوق في العودة والتعويض وفق قرار أممي ودولي "قرار 194"، والأمن للجميع وليس لفئة على حساب فئة، والحرية لهم ولنا وليست حرية "أبارتهيديه"، وفلسطين لا تُشترى ولا تُباع بكنوز الملك سليمان فكيف بالبترودولار، يحضروني فقط قول الشاعر المرحوم "أمل دنقل" لأقوله للشعب الفلسطيني الذي أجمع كغالبية ملتزمه وصامته على رفض "المباركة" لعرس يبدو أنه لن يتحقق وسيطول أمده.
أيها الشعب الفلسطيني:
لا تُصالح وإن مَنحوكَ الذهبْ
أترى لو أفقأ عينيك
ثم أثبتَ جَوهرتينِ مكانهما
هل ترى؟
هِيَ أشياءٌ لا تُشتَرى.
بقلم/ فراس ياغي