*اهم مشروع لبلدية الناصرة هو تنشيط الحياة التجارية في المدينة، ولا توجد طريق لتحقيق ذلك الا بالسياحة، والسياحة المسيحية هي الأكثر جاذبية واهتماما عالميا لدى سكان العالم المسيحي*
تابعت الضجة التي أثيرت عشية واثناء زيارة الداعية المسيحي او الواعظ المسيحي، او الكاهن المسيحي، تي بي جوشوا. قررت ان لا اكتب. ما أقلقني ليست زيارة انسان يبشر بالمسيح حسب طريقة غير مقبولة على آخرين، وهي طرق جوشوا ليس اول من يمارسها، هناك واعظ مسيحي عربي من يافا-تل ابيب، استقر في الولايات المتحدة، وله طائفة كبيرة تتبعه ويمارس اسلوب جوشوا في الوعظ والشفاء ولا يهمني ان كان صادقا بعلاجاته، الأهم مدى تبشيره بالمحبة والتآخي والسلام بين البشر. ومن يؤمن بقدراته العلاجية تلك مشكلته وليس مشكلة أي شخص آخر يرى بطرقه شعوذة.
المحتجين ليسوا صادقين حين يحتجون على ظاهرة ويتركون مئات الظواهر الأكثر سلبية وبشاعة وحقدا على فئات اجتماعية او دينية مختلفة. لكن الأمر الأساسي ان جوشوا لم يعلن العداء لأي منهج ديني مختلف عنه، مسيحي او غير مسيحي. بل أكدد على جوهر المسيحية الحب والسلام، شعاره في الناصرة كان: "أحبو كما احبكم المسيح"، ولا اظن ان هناك دين يعادي الحب والسلام.
رؤيتي ان العداء لزيارة جوشوا نبعت من أسباب أخرى لا علاقة لها بالوعظ والمسيحية، انما بالعداء لبلدية الناصرة ورئيس البلدية علي سلام، التي أعطت الفرصة لجوشوا ليزور الناصرة ويقدم موعظة على جبل القفزة، أي ان الضجة تخفي ورائها موضوعا سياسيا لا علاقة له بالمحبة والسلام والايمان المسيحي.
قد يكون جوشوا يمارس أسلوبا دينيا لا تؤيده الطوائف المسيحية، وطبعا لا يقبل به الإسلام. لكننا نعيش بواقع يكتظ بآلاف رجال الدين الذين يمارسون الدجل الديني، والتشويه للنصوص الدينية، وإطلاق مواقف وتفسيرات دينية مخجلة وصبيانية، ولم أجد أي صوت يحتج على تلك الشعوذات والتسخيف للعقل البشري، ويطالب بعدم نشرها. لأنها تلحق الضرر بالدين نفسه، وامتنع عن إعطاء النماذج لأني لا اكتب لأثير نزاعا، بل لتوضيح امرأ أساسيا وهاما غاب عن ذهن المحتجين، وعن كتابات معظم الذين كتبوا مهاجمين او معارضين زيارة جوشوا.
أولا لا تنسوا ان الناصرة مدينة سياحية. ومنذ نفذ مشروع الناصرة السياحي الكبير والهام، والناصرة تشهد نهضة اقتصادية هامة جدا، تتمثل بفتح فرص العمل امام مئات المواطنين، امتلاء الفنادق بالسياح، تنشيط الحركة التجارية في الناصرة، وهو امر لا يمكن لمدينة الناصرة الاستغناء عنه اطلاقا. فما الذي دفع المعارضين لمثل هذا الصراخ والضجيج المعارض؟
يبقى المطروح تفسيرا واحدا لا غير. استغلال زيارة مبشر مسيحي بالاتفاق مع بلدية الناصرة، للطعن ببلدية الناصرة ورئيس البلدية علي سلام.
كيف يمكن تقييم الزيارة الآن بعد ان انتهى الصراخ؟
كانت زيارة قامت بها اوساط مسيحية لها ايمانها الخاص ولم تطلب من أحد ان يترك طريقه وايمانه ليلتحق بها. ولم تتطاول على حق كل انسان ان يؤمن بما يراه متمشيا مع تفكيره. كانت زيارة سلمية انعكست بشكل إيجابي هام على الناصرة اقتصاديا.
للمعلومات فقط، اسفرت الزيارة عن حجز آلاف الأسرة في الفنادق، وهو دخل هام جدا وضروري لمدينة الناصرة.
اسفرت الزيارة عن تنشيط واسع جدا للحركة التجارية في الناصرة، جاء مع جوشوا، 12 ألف زائر (سائح) لدينا معلومات ان الفلافل انقطعت في الناصرة من كثرة الطلب عليها من الزوار المسيحيين. محلات السياحة اشتغلت ساعات إضافية، محلات الملابس أيضا استفادت من بيع الملابس. أي ان الزيارة لم تكن لإقناع أي نصراوي ان يغير دينه وايمانه. ولا ننسى ان شركات النقل اشتغلت حافلاتها ساعات إضافية لنقل السياح المرافقين لجوشوا. طبعا ليس بدون مردود مالي كبير جدا. بالحساب الأخير ربحت الناصرة اقتصاديا وهو أمر لا ينكره أي من الذين تظاهروا ضد الزيارة، فهل لديهم اقتراحات لتنشيط الحياة التجارية في الناصرة، تحت دافع ديني انساني بجوهرة، ولا تهمنا طرق ايمانهم ولا أحد قيم على غيره بمضمون وشكل ايمانه!
طبعا الهدف توجيه السهام ضد بلدية الناصرة ورئيسها علي سلام. لذا فشل المحتجين كان مدويا ومضحكا بقلة المجندين والصارخين ضد الزيارة، لعلهم يتعلمون الدرس مستقبلا.
ان اهم مشروع لبلدية الناصرة هو تنشيط الحياة التجارية في المدينة، ولا توجد طريق لتحقيق ذلك الا بالسياحة، والسياحة المسيحية وغير المسيحية هي المجال الذي يخدم الناصرة اقتصاديا، فهل نتظاهر ضد زوار مدينتنا لأن قوى سياسية عتيقة تحلم بالعودة لإدارة بلدية الناصرة؟ والمضحك ان اول مظاهرة لمعارضي زيارة جوشوا شارك فيها اقل من عشرين متظاهرا. قالوا ان الوقت لم يسمح بالتجنيد، جندوا لمظاهرة أخرى أكثر اتساعا بحضور اقل من خمسين شخصا، في مدينة عدد سكانها يقترب من ال 100 ألف انسان.
هل نقول لكل من يرغب بزيارة الناصرة أنتم غير مرغوب بكم؟
هل لديكم، أيها المعارضون اقتراحات بديلة لتنشيط الحياة الاقتصادية في الناصرة؟
ليحضر كل يوم جوشوا جديد مع 10 الاف من اتباعه، وربما مع 40 ألف أيضا، ايماننا وعقائدنا ليست للبيع او للتبديل. اهلا بكل من يزور الناصرة مسالما محبا لها ولتاريخها. وبؤسا لكل من يظن ان معارضة خطوات البلدية لتنشيط التجارة وبناء المشاريع، سيفتح لهم طريق العودة لإدارة بلدية الناصرة.
سئمنا من تفكيركم القاصر، وبؤسا لكل من يقف حجر عثرة امام تطور الناصرة.
بقلم/ نبيل عودة