لم يبيعوا فلسطين ولم يفتحوا افواههم للتحدث عن القضية وتركوا للفلسطينين حرية الحديث والتمثيل ولم يعاقبوا الفلسطينين ولم يطردوهم من مصر بل استمرت مصر في فتح احضانها لكل الفلسطينين علي المستوي السياسي والشعبي , هذا ما حدث بالضبط ابان مفاوضات كامب ديفيد التي قادها الرئيس الراحل انور السادات , لم تتحدث الاتفاقية عن التطبيع وفتح البلاد لليهود يجولوا فيها كما توجههم صهيونيتهم ولم يقبل الشعب المصري حتي ان ياتي الي اسرائيل تحت اي سبب كان . مازال التطبيع محرما واي علاقة مع اي من اليهود والاسرائيلين علاقة تعتبر لدي الشارع المصري والعربي خيانة بامتياز . في الحقيقة لا مقارنة بين ما حدث في العام 1979 والذي يحدث اليوم في العالم العربي هناك حالة حرب كان يريد الطرفان انهائها ويعقدوا صلح تاريخي محدود تنسحب اسرائيل بموجبة من كافة الاراض المصرية المحتلة الي خط رفح فلسطين الدولي وهذا ما حدث بالضبط , لم يجبر الفلسطينين على الجلوس علي طاولة مفاوضات كامب ديفيد مع ان الولايات المتحدة الامريكية وجهت لهم الدعوة الا انهم اعتبروا كبقية العرب ان هذا الصلح يضر بالقضية الفلسطينية وثوابتها ولا يجوز التواجد على طاولة المفاوضات في كامب ديفيد تحت اي مسمي كان .
وقعت مصر اتفاقية كامب ديفيد التي اعتبرها العرب اتفاقية صلح منفرد مما احدث غضب عربي واسع امتد من المحيط الي الخليج واتهمت مصر بالتواطؤ مع اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية وتخريب المصالح العربية علي راسها القضية الفلسطينية والارض العربية المحتلة , كما اتهمت مصر بالخروج عن الاجماع العربي والخروج عن قرارات القمم العربية في الجزائر1973 والرباط 1976 في تحريم توقيع اي اتفاق صلح منفرد مع اسرائيل . قبل ان توقع مصر الاتفاقية بحوالي خمسة شهور عقد العرب قمة تاريخية في بغداد لانذار مصر من مغبة الاستمرار في صلحها المنفرد مع اسرائيل و اتخذوا قرارات مؤلمة وموجعه لمصر اهمها تعليق عضوية مصر في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي وحركة عدم الانحياز ومنظمة الوحدة الافريقية , كما قرروا نقل مقر الجامعة العربية وامانتها العامة والمجالس الوزارية المتخصصة من مصر الي تونس , كما قرروا سحب سفراء الدول العربية من مصر وقطع علاقاتهم الدبلوماسية والسياسية فورا . بالفعل تم نقل مقر جامعة الدول العربىة وعقد العرب مؤتمرهم الاول دون مصر وخرجت القمة بتوصيات كبيرة باعتبار الصراع مع اسرائيل صراع طويل الامد وهو صراع عسكري وسياسي واقتصادي وحضاري وجدد العرب ادانتهم لاتفاقية كامب ديفيد كما قرر العرب التصدي لاي محاولة لنقل العاصمة الاسرائيلية الي القدس .
مؤتمر المنامة اخطر من اتفاقية كامب ديفيد علي القضية الفلسطينية واخطر من اتفاقية وادي عربة1995 واخطر من اوسلوا وكل الاتفاقيات التي وقعت مع اسرائيل حتي الان باعتبارها الخطوة العملية لتحويل الصراع السياسي الي نزاع وقضية انسانية اقتصادية تحل بالمال العربي ومساهمة اوروبية وامريكية رمزية لكن المفارقة ان اغني العرب اليوم هم من يحتضنوا كل شيء ويدفعوا لكل شيئ تريدة الولايات المتحدة ويفتحوا بلادهم للاسرائيلين في موجة تطبيع رسمي غير مسبوقة. بالرغم من خطورة ما جري في البحرين وما يبرمج للقضية الفلسطينية الا ان جامعة الدول العربية في صمت مريب كدت اشك ان لها لسان كذالك اللسان الذي تحدث به العرب ابان توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد واشك ان جامعة الدول العربية قد تدعوا لقمة عربية طارئة لمناقشة احتضان البحرين هذا المؤتمر التصفوي وبحث امر يتعلق بالشان الفلسطينين دون موافقة الفلسطينين .
هل يدرك العرب الذين حضروا مؤتمر المنامة انهم احدثوا شرخا عميقا في الصف العربي ..؟ وتخلوا تماما عن قضيتهم الاولي..؟ ولعل هذا الامر بات في اتساع فقد اصبح العرب كتلتين , وكلاء وموظفين لدي الامريكان لتسويق ما يخططوا من صفقات تفكك الصراع وتغير الخرائط وتسمح بتهويد المقدسات واستباحتها وتقسيمها زمانيا ومكانيا ,وكتلة تمانع وتقاطع المخطط الامريكي . هل يدرك العرب انهم خانوا انفسهم وخانوا قضيتهم واضعفوا وحدتهم وجعلوا من جامعتهم العربية مجرد كيان هرم فاقد للاهلية والقيادة وفاقد القدرة على الدفاع عن قضاياهم المصيرية لا اعتقد ان يتجرأ احد علي الدعوة لقمة عربية طارئة علي خلفية ما حدث في البحرين ولا اعتقد بالمجمل ان يكون هناك قمم عربية قادمة لانهم لن يستطيعوا تجاهل السقوط والانقسام العربي وماذا سيقولون في حق فلسطين والحرب المفروضة عليها اليوم بسبب رفضها حضور مؤتمر المنامة وصفقة القرن , وكيف سيعللوا وقف تنفيذ شبكة الامان العربية لتعزيز الصمود الفلسطيني وافشال الحصار والضغط الامريكي ...! جامعة الدول العربية امام اختبار تاريخي اما ان تدعوا لعقد قمة عاجلة واستثنائية لبحث سبل التصدي لصفقة القرن والمخطط الامريكي لتغيير خارطة الاقليم الجيوسياسية وتتخذ من الخطوات ما يتناسب مع انهيار حالة الرفض العربي الرسمي للتطبيع وفتح اراضي العرب لقادة اسرائيل وزعماء حربها وقتلة اطفال الفلسطينيين قبل ان ينتهي الاحتلال وبالتالي شطب مبادرة السعودية 2002 وبيروت واما ان تستمر في حالة التجاهل وصم الاذنين . لابد من التساؤل اذا ما تستطيع جامعة الدول العربية الدفاع الان عن وجودها وميثاقها وقرارات مجالسها وقررات القمم العربية السابقة وعقد قمة مصيرية لوقف حالة البيع المجاني للشرف العربي ؟ لا اعتقد انه في المنظور القريب قمة عربية حقيقية تفرض ذات العقوبات علي البحرين كالتي فرضتها في قمة بغداد 1978 علي مصر لان جامعة الدول العربية لن تستطيع الخروج عن هيمنة المستوي الرسمي العربي علي سياساتها وتوجهاتها لذا فان صمت الجامعة على ما يجري من استباحة لقضية الامة صمت يعني انها فقدت الاستقلالية وفقدت القيادة وفقدت الزات القومية .
د.هاني العقاد