ابتزاز طلاب فلسطينيين لتحويلهم إلى سفراء للصهيونية في العالم

ضمن محاولاتها لتجميل صورتها في العالم بمساع دعائية متنوعة، تحاول السلطات الإسرائيلية إجبار الطلاب -حتى العرب منهم- المسافرين ضمن بعثات إلى خارج البلاد على تعلم مساق خاص لـ"العلاقات العامة والترويج".

وعلى خلفية ذلك، توجه مركز "عدالة" الحقوقي باسم جمعية مسار، التي تدير مدرسة خاصة في مدينة الناصرة داخل أراضي 1948، بطلب لإلغاء هذا المساق، بعد أن ألغت المدرسة برنامج تبادل طلاب مع دول أخرى بسبب محاولات فرض تعلم هذا المساق على الطلاب من قبل السلطات الإسرائيلية المعنية. وتوجه مركز "عدالة" برسالة لوزارة التربية وتعليم، باسم جمعية "مسار"، طالبت فيها بإلغاء فرض تعلم مساق العلاقات العامة، لتلميع صورة إسرائيل في العالم، على الطلاب ممن يسافرون ضمن بعثة إلى دول أجنبية كشرط للمشاركة في البعثة.

وألغت مدرسة مسار خلال السنة الدراسية برنامج تبادل طلاب مع مدرسة ثانوية في مدينة "يارنا" السويدية، بعد سنوات عديدة من المشاركة به، عقب تعميم الوزارة طلب تعلم هذا المساق كشرط أساسي للسفر إلى الخارج ضمن برامج تبادل الطلاب، إذ يشترط التعميم النجاح في هذا المساق للحصول على موافقة وزارة التربية والتعليم للسفر ضمن بعثة تبادل الطلاب.

ويوضح "عدالة" أن المساق المذكور يهدف بالأساس إلى تعليم الطلاب كيفية تلميع صورة إسرائيل وسياساتها أمام شعوب العالم المختلفة، وإخفاء حقيقة السياسات العنصرية والممارسات القمعية اليومية التي تنتهجها ضد الفئات المختلفة، من خلال فيديوهات موجهة تلقن الطلاب ماذا يقولون، دون الالتفات لما يحدث على أرض الواقع.

ويشير "عدالة" إلى أن الطالب لا يحصل على إذن السفر، إلا إذا تمكن من النجاح في الامتحان النهائي للمساق، الذي صيغ بنمط الأسئلة الأمريكية متعددة الإجابات، كل إجابة منها تحوي موقفًا سياسيًا، وفقط إجابة واحدة تعتبر صحيحة، وهي الإجابة التي تتوافق مع هدف تلميع صورة إسرائيل. مثال على ذلك، جاء في أحد الامتحانات سؤال: "كيف تستخدم المنظمات الفلسطينية الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي؟"، والإجابة الصحيحة من بين الإجابات الأربع هي: "التحريض على العنف".

وفي سؤال آخر حول "أسباب عداء السامية المنتشرة حديثًا"، كانت الإجابة الصحيحة هي "المنظمات الإسلامية، ومعها حركة مقاطعة إسرائيل الدولية". وطالب مركز عدالة بإلغاء هذا التعميم قبل افتتاح سنة التعليم الجديدة في سبتمبر/أيلول المقبل، والسماح للطلاب العرب بالسفر دون تعلم وتلقين مثل هذه المضامين، كما كان الوضع قبل التعميم، وتم منح وزارة التربية والتعليم 30 يومًا للرد على الطلب.

وتوضح المحامية ناريمان شحادة زعبي، من مركز عدالة، في رسالتها، أن "الأسئلة في هذا المساق تتطرق بشكل مباشر إلى المواضيع الأساسية في القضية الفلسطينية، وتفرض على الطالب اتخاذ موقف من هذه المواضيع وشرحها كحقيقة موضوعية، رغم الخلاف الحاد حولها. مضامين المساق تمثل الموقف السياسي العنصري والمتطرف الذي يحاول ربط الهوية العربية والفلسطينية بالعنف والإرهاب، والأنكى أن وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية تريد من الطالب العربي ترديد وتسويق مثل هذه الأكاذيب التي تمس به وبهويته وبمبادئه".

وتابعت: "تناقض هذه المضامين كل ما جاء في قانون التعليم الموضوعي، التي تقضي بالأخذ بعين الاعتبار خصوصية الأقلية العربية الفلسطينية من خلال الاعتراف بلغتها، وثقافتها، وإرثها العام. كما تنوه إلى أن ذلك يتناقض مع مبدأ التعددية في التعليم الذي نص عليه حتى القانون الإسرائيلي. كما نوهت أيضًا إلى أن الأسئلة والأجوبة التي يقدمها المساق غير قانونية وتنتهك مبدأ المساواة، وتشكل إهانة للطالب العربي بشكل خاص، وتخالف قانون أساس حرية الإنسان وكرامته".

واعتبرت المحامية شحادة زعبي أن "وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية تحاول بهذا الاشتراط استغلال الطلاب العرب لنشر فكر سياسي عنصري ومتطرف، مؤكدة أن خطورة الأمر تكمن في إجبار المراهقين الفلسطينيين على التعرض لمثل هذه المقولات العنصرية المذلة لهم ولشعبهم"، وتابعت: "هذا التعميم غير قانوني، إضافة لكونه ساقطًا سياسيًا وأخلاقيًا".

منع سفر نائب فلسطيني

في المقابل، توجه وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان، برسالة مستعجلة إلى المستشار القضائي للكنيست، المحامي إيال ينون، مطالبًا إياه بعدم المصادقة على مشاركة النائب يوسف جبارين (الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة) في مؤتمر دوليّ في لندن حول القضية الفلسطينية سيعقد بعد أيام قليلة.

ويستند أردان في توجهه هذا على التعديل القانوني الذي أقرّته لجنة الكنيست في العام الماضي، بمبادرة نواب اليمين، وبموجبه ترفض الكنيست المصادقة على سفر النواب برعاية منظمات تدعو إلى مقاطعة إسرائيل. وكتب أردان في توجهه أن "ميدل إيست مونيتور" (منظمة مراقبة الشرق الأوسط)، التي دعت النائب جبارين إلى المؤتمر وتشارك بتنظيمه، إلى جانب "منظمة أصدقاء الأقصى"، ومنظمات فلسطينية وعربية ودولية أخرى ترعى المؤتمر، تدعم مقاطعة إسرائيل وتعمل على "تشويه سمعتها".

وادعى أن منظمات "معادية لإسرائيل" في بريطانيا وخارجها، مثل منظمة "الصوت اليهودي للسلام"، تدعم هذا المؤتمر الّذي سيشمل جلسات حول مخاطر صفقة القرن وقانون القومية اليهودية، بالإضافة إلى جلسة خاصة حول مكانة المجتمع الفلسطيني في إسرائيل. وعن الجسم الذي قام بدعوة جبارين، كتب أردان أن "ميدل إيست مونيتور" هي منظمة داعمة للفلسطينيين، وترتبط بمنظمات أخرى تدعو إلى مقاطعة إسرائيل، وقد قامت مؤخرًا بحملة منظمة من أجل إلغاء إقامة "اليوروفيجن" في تل أبيب.

من جهته، رفض جبارين توجه أردان وأكد على مشاركته بالمؤتمر الذي يُعدّ من أكبر المؤتمرات الدولية الداعمة للشعب الفلسطيني وحقوقه. وقال جبارين لصحيفة "القدس العربي" اللندنية إن وزراء اليمين المتطرف منزعجون من نشاطنا الدولي؛ إذ نقوم في المنابر الهامة بفضح السياسات الإسرائيلية، وعرض الممارسات الخطيرة لهؤلاء الوزراء تحديدًا، ويحاولون بكل الطرق الممكنة المس بحرية نشاطنا السياسي كمنتخبي جمهور، وكممثلي قضايا المجتمع العربي الفلسطيني في البلاد.

وأضاف جبارين: "أردان يحاول أن يكسب بعض الربح السياسي على حساب حرية عملنا السياسي والبرلماني. لن يثنيني، لا أردان ولا غيره، عن مواصلة نشاطي من أجل تعرية سياسات إسرائيل العنصرية والاحتلالية أمام العالم"، موضحًا أنه سيعرض في المؤتمر قضايا فلسطينية؛ منها قانون القومية وتبعاته على فلسطينيي الداخل، والواقع التمييزي الذي يعيشونه كمواطني درجة ثانية في الدولة.

يشار إلى أن النائب جبارين كان قد التمس إلى محكمة العدل العليا، في العام الماضي، بواسطة مركز عدالة الحقوقي، ضد قرار الكنيست الذي قضى بمنعه من السفر لجولة من المحاضرات في الولايات المتحدة، وضد التعديل الذي أقرّته لجنة الكنيست والذي يمسّ بحرية العمل السياسي للنواب.