هل يسعى “الجهاد الإسلامي” في غزة إلى حرب مع إسرائيل؟

إن فحص تورط الجهاد الإسلامي في عدد من أحداث إطلاق النار مع إسرائيل يكشف سلسلة من الذرائع والتفسيرات لنشاط التنظيم المستقل ضد إسرائيل. مثلاً في 27 تشرين الأول 2018 وكنتيجة لخصومة محلية بين قائدين عسكريين بسبب عزل الأول وتعيين زميله في محله، أرسل الضابط المعزول مؤيديه لإطلاق الصواريخ نحو إسرائيل بهدف إحراجها وتوريط وريثه. تفسير الحادثة الذي أعطي في إسرائيل والذي يقول إن إطلاق النار نُفذ بتعليمات من إيران، تبين بعد ذلك أنه خاطئ.

مثال آخر على النشاط العسكري الهجومي بمبادرة محلية لكبار القادة في التنظيم بغزة، كجزء من تعزيز الثقة بالنفس بخصوص قوتهم العسكرية في القطاع، هو إطلاق القناصة للنار على ضابط إسرائيلي في كانون الثاني 2019، بأمر من أبو بهاء العطا، قائد الذراع العسكري للجهاد الإسلامي في شمال القطاع. إطلاق النار تم تنفيذه رداً على قتل مدنيين في المظاهرات على الجدار. أيضاً إطلاق صاروخ في 28 نيسان 2019 على مركز البلاد، والذي سقط في البحر، تم تنفيذه بتوجيه من هذا القائد الكبير في المنظمة، الذي حظي بذكر اسمه كمسؤول في إعلان استثنائي للمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي الذي أشار إلى أن أبو بهاء العطا، هو الذي يقف من وراء نوايا القيام بعمليات ضد إسرائيل.

لقد ساهم تغيير المناصب في قيادة التنظيم في تطرف سياسة الجهاد الإسلامي ضد إسرائيل. في أيلول 2018، تم تعيين زياد النخالة الذي كان المسؤول خلال سنوات عن الذراع العسكرية في المنظمة وكان المسؤول عن العلاقات بين التنظيم في سوريا وإيران، عُيّن في منصب رئيس التنظيم بدلاً من رمضان شلح. منذ تعيينه والنخالة يملي سياسة هجومية وصقورية أكثر من سلفه. بهذا يريد النخالة أن يخلق للمنظمة مكانة مساوية لمكانة حماس كمن تقود المقاومة العسكرية ضد إسرائيل. هذا مقابل السياسة اللينة جداً حسب رأيه، التي تتبعها حماس إزاء إسرائيل في المجال العسكري. وفقاً لذلك، عزز التنظيم جهازه العسكري المقاتل في غزة الذي يشمل الآن ستة آلاف مقاتل ينتشرون في القطاع مزودين بالصواريخ والسلاح الإيراني المتطور. هذا الوضع استهدفته إيران وقيادة الجهاد الإسلامي للتمكن من القيام بحرب فعالة وزيادة النشاطات العسكرية ضد إسرائيل.

التنظيم تحت قيادة النخالة يريد خلق معادلة جديدة أمام إسرائيل، التي سيتم الرد على إصابة وقتل رجاله في إطارها برد مشابه، بل إن كل قتل لمدنيين في القطاع من قبل إسرائيل، بما في ذلك خلال المظاهرات على الجدار، سيتم الرد عليه. هذا التغيير إلى جانب التصعيد مع إسرائيل يتحدى مكانة حماس المسيطرة والحصرية على القطاع على اعتبار أنها المسؤولة عن إدارة المعركة العسكرية في القطاع. حسب رؤية الجهاد الإسلامي، فإن إثبات “المقاومة” العسكرية من ناحيته تخلق له التأييد في أوساط السكان في القطاع، ومن بينهم النشطاء من مؤيدي النشاط الفعال في صفوف حماس. في المقابل سياسة الجهاد الإسلامي هذه تخلق التوتر بين نشطاء الذراع العسكرية في المنظمتين، ومشاعر فقدان السيطرة لحماس على نشاطات الجهاد الإسلامي التي -حسب رأيها- تمد حدود التفاهم بينهما على الهيكلية بين المنظمتين في القطاع بشكل عام ومع إسرائيل بشكل خاص.

في هذا السياق، تجدر الاشارة أيضاً إلى أن الجهاد الإسلامي يعتمد بشكل كامل على دعم إيران التي تمول معظم ميزانيته وتوفر له السلاح والوسائل القتالية وترعاه سياسياً. في المقابل، يعمل الجهاد حسب الخط الموجه المشترك لهما. تعبير على ذلك يمكن أن نجده في لقاءات مختلفة بين شخصيات رفيعة المستوى من القيادة الإيرانية وبين شخصيات رفيعة من الجهاد الإسلامي، وأيضاً في تصريحات تأييد متبادلة، مثال على ذلك نجده في 30 كانون الأول 2018 عندما التقى رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وزياد النخالة، وأعلنوا عن دعم إيران للشعب الفلسطيني والتزامها له. في المقابل، تعزز إيران علاقتها مع حماس، لا سيما مع ذراعها العسكرية، وتستغل بقاء حماس الآن تقريباً دون حلفاء هامين آخرين في ساحة الشرق الأوسط باستثناء مصر وقطر. الأولى تمثل بالنسبة للقطاع المنفذ الوحيد للعالم الخارجي، وكوسيط أساسي بينها وبين إسرائيل، والثانية توفر لحماس المساعدات الاقتصادية.

من بين المنظمتين، واضح أن إيران تعتبر الجهاد شريكاً أكثر إخلاصاً وأكثر سهولة للتأثير والعمل وفقاً لمصالحها عند الحاجة. يجب علينا التذكر أن التوتر الحالي بين إيران والولايات المتحدة في الخليج جر تهديدات من جانب حسن نصر الله؛ لأنه عند تدهور الوضع إلى مواجهة عسكرية بين الطرفين فسيتم ضرب إسرائيل من قبل مبعوثي إيران في المنطقة. المعنى هو أن التوتر في المنطقة يزيد احتمالية المواجهة في قطاع غزة. والجهاد الإسلامي هو العامل الرئيسي الذي يمكن أن يطلب منه الامتثال والاستجابة لتوجيهات كهذه.

ولأن حماس لم تتبع حتى الآن سياسة كبح فعالة ضد النشاطات العسكرية المتزايدة للجهاد الإسلامي في القطاع، فإن إسرائيل تقف أمام معضلة كيف عليها تحييد نشاط التنظيم وإحباط محاولاته في إملاء قواعد لعب جديدة على حدود القطاع دون أن يصعد عملياته المضادة إلى مواجهة واسعة النطاق؟

مواجهة كهذه إذا حدثت يتوقع أيضاً أن تشمل حماس وتشوش الاتصالات المسرعة التي تجري بوساطة مصرية وبوساطة مبعوث الأمم المتحدة ميلادينوف من أجل تحقيق التسوية بين حماس وإسرائيل. ساعة الاختبار هذه يمكن أن تكون قريبة. السؤال هو هل ستبادر حماس وتمنع النشاطات المستقلة للجهاد الإسلامي، رغم أن عملية كهذه يمكن أن تضر بصورتها كقائدة للمقاومة، حتى قبل أن تضطر إسرائيل إلى ضربها بصورة مركزة في القطاع؟ وإذا عملت إسرائيل فهل ستمتص حماس الضربة أم ستعمل كقائدة لحركة المقاومة وتدخل إلى جولة قتالية واسعة مع إسرائيل؟

بقلم: يورام شفايتسر وأفيعاد مندلباوم

 نظرة عليا 5/7/2019

المصدر: بقلم: يورام شفايتسر وأفيعاد مندلباوم -