ان الدعوات المتكررة للقيادة الفلسطينية بضرورة اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية شاملة في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس تأتي في ظل استمرار حالة الانقسام، ومن اجل معالجة هذا الانقسام ووضع حد لنتائجه وانعكاساته علي المستوى الفلسطيني والعربي والدولي، وتداعياته علي المستوى الاسرائيلي، فلا بد من التأكيد مجددا على اهمية اجراء انتخابات فلسطينية شاملة، لقد اعترف العالم اجمع وبشهادة المؤسسات الدولية المختصة، بان الانتخابات التى اجرتها السلطة الفلسطينية، وبالرغم من انها جرت في ظروف الاحتلال وظروف معقدة التركيب من حيث الشكل في نطاق الضفة والقطاع لاختيار اعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، والتى جرت بشهر يناير 1996 قد خضعت للرقابة المحلية والدولية بجميع مراحلها، ومن ثم اجرت السلطة الفلسطينية وبعد رحيل الرئيس ياسرعرفات ثاني انتخابات تشريعية ورئاسية وبعد انقطاع دام عشر سنوات عن الانتخابات الأولى بتاريخ 26 يناير حيث اعلن رئيس لجنة الانتخابات المركزية النتائج الأولية لانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني بفوز حركة حماس الفصيل الذي شارك بالانتخابات الفلسطينية لأول مرة دون اعترافه بمؤسسات السلطة الفلسطينية، ودون اعترافه بمنظمة التحرير الفلسطينية بواقع وقد كانت نتائح الانتخابات 76 مقعدًا من أصل 132 معقدا لصالح حركة حماس التي خاضت الانتخابات تحت اسم كتلة التغير والإصلاح، بينما فازت قائمة حركة فتح ب 43 معقدا وقائمة أبو علي مصطفى بثلاثة مقاعد.
بعد ان استلمت حركة حماس الحكم في المناطق الخاضعة لإدارة السلطة الفلسطينية وقع المجلس التشريعي الفلسطيني في اشكالية قانونية حيث سرعان ما سيطرت حركة حماس الفصيل الفلسطيني الذي لا يعترف في منظمة التحرير الفلسطينية علي قطاع غزة، وقام بالإشراف على الانقلاب ودعم خطة حركة حماس التي ادت الى السيطرة على جميع مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة فى قطاع غزة، وقد استخدم عناصر ينتمون الى حركة حماس القوة من اجل احكام السيطرة المسلحة على قطاع غزة، وبذلك كان المجلس التشريعي هو مجلس داعم ويمثل حركة حماس ومجلس غير فاعل خلال سنوات طويلة مما ادى الي حدوث فراغ سياسي في المؤسسات التابعة للسلطة الفلسطينية، وكان يتم اتخاذ القرارات وتمريرها دون اعتراف احد ودون اى مصوغات قانونية، وبالتالي اصبح المجلس التشريعي من لحظه دعمه لانقلاب حركة حماس لا يمثل الشعب الفلسطيني، حيث اشرف هذا المجلس علي ادارة قطاع غزة ووضع الخطط لاستمرار سيطرة حماس على قطاع غزة، وأصبح المجلس يمثل فقط حماس ومؤسساتها وقد انتهت ولايته، ولا يمثل الشعب الفلسطيني.
لقد رفض المجلس التشريعي كل الدعوات التى نادت بها القيادة الفلسطينية بإجراء حوارات هامة وتحقيق الوحدة، حيث رفضت حركة حماس اجراء استفتاء شعبي على وثيقة الأسرى حول الوفاق الوطني والذي كان دعى اليه الرئيس محمود عباس في المقابل رفضت حركة حماس اللجوء إلى الاستفتاء رفضًا قاطعًا وقالت إنه قرار غير قانوني، كما رفضت ومنعت حركة حماس اجراء انتخابات بلدية في قطاع غزة في الوقت الذي جرت فيه الانتخابات بالضفة الغربية، وأيضا رفضت حركة حماس الدعوات المتكررة التي اطلقها الرئيس محمود عباس الى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مستمرة وفضلت البقاء علي الاوضاع كما هي دون ايجاد أي حلول للمشاكل التي يعاني منها قطاع غزة.
إن حل المجلس التشريعي والدعوة للانتخابات التشريعية العامة هي خطوة في الاتجاه الصحيح بالعودة إلى خيار الشعب وصندوق الاقتراع وانتصار للإرادة الشعبية الرافضة للانقسام وتعبيرا عن قوة ارادة شعبنا وتحديدا بعد وصول جهود المصالحة إلى طريق مسدود ورفض حركة حماس كل الخيارات المتاحة لإنهاء سيطرتها المسلحة على قطاع غزة، وخاصة بعد تلك المحاولات الامريكية الداعية الى فرض خطط السلام من طرف واحد وإخضاع شعبنا للقرصنة السياسية من قبل الاحتلال الاسرائيلي، فلا يعقل ان يستمر هذا الحصار الظالم علي الشعب الفلسطيني وهذا التمادى السياسي الامريكي ومصادرة الحقوق الفلسطينية، دون توحيد الصف الفلسطيني، فبات الان الاعلان عن انتخابات تشريعية ورئاسية فلسطينية ضرورة ملحة وخطوة مهمة للخروج من المأزق السياسي ووضع حد لكل المؤامرات التى تحاك ضد الشعب الفلسطيني، وأن حل المجلس التشريعي وتجديد الشرعيات بانتخابات شاملة رئاسية وتشريعية يقطع الطريق أمام مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية وتحديداً تلك المشاريع التي تشرف عليها الولايات المتحدة تحت مسميات واشكال مختلفة من اجل تعزيز وفصل قطاع غزة عن الضفة.
اننا نقف امام إرادة الشعب الفلسطيني الذي يتطلع الى اتخاذ قرارات حاسمة لمواجهة صفقة القرن، والتصدي لمؤامرات التصفية والمشاريع المشبوهة التي تحيكها خفافيش الظلام للنيل من ارادة شعبنا ووحدته وقوته، حيث يتطلب الواقع السياسي والظروف التى تمر بها القضية الفلسطينية إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بشكل عاجل ومستعجل للحفاظ على وحده شعبنا والخروج ببرنامج شامل ومتكامل للتصدي من خلاله لمشاريع الاحتلال الإسرائيلي ومؤامرات النيل من شعبنا وإجهاض دولتنا الفلسطينية.
بقلم : سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
[email protected]