المؤتمرات الصهيونية (2/4) 1921 - 1946

بقلم: محمد سيف الدولة

هذه هى الحلقة الثانية فى جولتنا مع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل المفكر الوطنى الكبير الدكتور / عبد الوهاب المسيرى، نتناول فيها مسألة المؤتمرات الصهيونية على امتداد قرن من الزمان، والتى بلغ عددها ثلاثة وثلاثون مؤتمرا فى الفترة من 1897 حتى 1997.

والتى سنقوم بنشرها على أربع حلقات:

الاولى ـ المؤتمرات الصهيونية من 1897 الى 1913

الثانية ـ المؤتمرات الصهيونية من 1921 الى 1946

الثالثة ـ المؤتمرات الصهيونية من 1951 الى 1978

الرابعة ـ المؤتمرات الصهيونية من 1982 الى 1997

***

الحلقة الثانية ـ المؤتمرات الصهيونية من 1897 ـ 1913:

من المؤتمر الثانى عشر الى المؤتمر الثانى والعشرون

 

المؤتمر الثاني عشر:

·       عقد فى كارلسباد بتشيكوسلوفاكيا فى سبتمبر 1921، برئاسة ناحوم سوكولوف

·       وهو أول مؤتمر تعقده الحركة الصهيونية بعد نجاحها في استصدار وعد بلفور من بريطانيا عام 1917 واحتلال الجيوش البريطانية لفلسطين، الأمر الذي كان موضع ترحيب شديد من المؤتمر باعتباره خطوة في طريق تحقيق المشروع الصهيوني.

·        كما تمت أيضاً مناقشة نشاطات الصندوق التأسيسي اليهودي الذي أنشئ عام 1920 خلال مؤتمر استثنائي للمجلس الصهيوني العام في لندن.

·        كما قرَّر المؤتمر تأسيس المجلس الاقتصادي المالي ليعمل كهيئة استشارية وليشرف على المؤسـسات الاقتـصادية والمالية للحركة الصهيونية

·       ونظراً لازدياد أهمية الدور البريطاني بالنسبة للحركة الصهيونية، فقد قرر المؤتمر أن يكون للمجلس التنفيذي للمنظمة الصهيونية العالمية مقران: أحدهما في لندن ، والآخر في القدس .

·       وقد صدَّق المؤتمر على قرارات مؤتمر لندن الاستثنائي عام 1920 بانتخاب وايزمان رئيساً للمنظمة الصهيونية. وهكذا حُسم الصراع الذي دار في المؤتمر حول أساليب الاستيطان بين صهاينة الولايات المتحدة بزعـامة لويـس برانديز وصهاينة أوروبا بزعامة وايزمان لصالح وايزمان.

***

المؤتمر الثالث عشر:

·       عقد فى كارلسباد فى أغسطس 1923، وذلك بعد موافقة عصبة الأمم على فرض الانتداب البريطاني على فلسطين.

·       وقد أعلن المؤتمر ترحيبه بهذه الخطوة على ضوء التزام بريطانيا (في البند الرابع من صك الانتداب) بالاعتراف بوكالة يهودية تتمتع بالصفة الاستشارية إلى جانب حكومة الانتداب، لها سلطة القيام بتنفيذ المشاريع الاقتصادية والاستيطانية، وبذلك التزمت بريطانيا بالتعاون مع تلك الوكالة في كل الأمور المتعلقة بإقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين.

·       وقد ناقش المؤتمر اقتراح وايزمان الرامي إلى توسيع الوكالة اليهودية بحيث تضم في مجلسها الأعلى ولجانها عدداً من المموِّلين اليهود في العالم، وخصوصاً غير الصهاينة منهم. وكان الغرض من ذلك تعزيز المصادر المالية للمنظمة الصهيونية وضمان سرعة تنفيذ المشاريع الصهيونية اعتماداً على المراكز الرسمية الحساسة التي يشغلها هؤلاء المموِّلون بالإضافة إلى تدعيم المركز التفاوضي للمنظمة مع الحكومات الأوربية، والوقوف في وجه الرفض اليهودي للصهيونية وسياستها بادعاء أن المنظمة تمثل يهود العالم كافة دون تمييز. وقد لقي الاقتراح معارضة شديدة، كان أبرز ممثليها جابوتنسكي. ولهذا، اكتفى المؤتمر باتخاذ قرار بتوجيه الدعوة إلى اجتماع لبحث توسيع الوكالة اليهودية عملاً بنص المادة الرابعة من صك الانتداب.

***

المؤتمر الرابع عشر:

·       عقد فى فيينا فى أغسطس 1925.

·        حضر المؤتمر وفد من الصهاينة التصحيحيين برئاسة جابوتنسكي الذي طالب بتبني سياسة صهيونية أكثر إيجابية، وهو يعني في الواقع سياسة أكثر عنفاً ونشاطاً في تنفيذ مشروعات الاستيطان، كما عارض السماح لغير الصهاينة من اليهود بالانضمام إلى الوكالة اليهودية.

·        وقد تناول المؤتمر بالتقييم تجربة السنوات الخمس الأولى من الانتداب، ومدى نجاح مشاريع الاستيطان المرتبطة بموجة الهجرة الرابعة القادمة من بولندا.

·        كما أدخل المؤتمر تعديلاً على رسم العضوية (الشيقل) إذ أبطل الأساس الحزبي للشيقل وأحل محله الشيقل الموحد، كما رفع عدد دافعي الشيقل الذين يحق لهم انتخاب مندوب عنهم في المؤتمر، إلا أن ذلك لم يؤد إلى تخفيف حدة المعارضة.

***

المؤتمر الخامس عشر:

·       عقد فى بازل فى أغسطس/سبتمبر 1927.

·        عُني المؤتمر بقضية أساسية هي بحث الأوضاع الاقتصادية السيئة التي برزت في المقام الأول في شكل تفشِّي ظاهرة البطالة في التجمع الاستيطاني الصهيوني في تلك الفـترة، وهو ما أدَّى إلى تصاعُـد موجـة الهجرة من فلسـطين إلى خارجها. وقد نظرت قيادة الحركة الصهيونية إلى هذه الظاهرة بانزعاج شديد، وجعلت هذا المؤتمر ميداناً لبحث الوسائل الكفيلة بمنع تفاقمه.

***

المؤتمر السادس عشر:

·       عقد فى زيورخ فى يوليه/أغسطس 1929.

·        كان الإنجاز الأساسي لهذا المؤتمر هو إعداد دستور الوكالة اليهودية التي نص عليها صك الانتداب البريطاني على فلسطين.

·        وتحقَّق في هذا الصدد ما نادى به وايزمـان من ضـرورة توسيع هـذه الوكالة لتشــمل اليهود غير الصهاينة، وهو الأمر الذي عارضه جابوتنسكي بشدة.

·        كما كان المؤتمر بداية لبروز شخص ديفيد بن جوريون. وفي نهاية المؤتمر تجدَّد انتخاب وايزمان رئيساً للمنظمة الصهيونية العالمية، وسوكولوف رئيساً لمجلسها التنفيذي.

***

المؤتمر السابع عشر:

·       عقد فى بازل فى يونيه/يوليه 1931، برئاسة ليو موتزكين

·       وقد أعلن المؤتمر احتجاجه على مقترحات اللورد البريطاني باسفيلد، الذي أوصى عقب المظاهرات العربية في فلسطين سنة 1929 بوضع بعض القيود على الهجرة اليهودية وعلى عمليات شراء الأراضي العربية.

·        وقد اضطر وايزمان إلى الاستقالة من رئاسة المنظمة الصهيونية أمام ضغوط المعارضة التي احتجت على سياسته الرامية إلى التحالف غير المشروط مع بريطانيا.

·       وقد انتُخب سوكولوف رئيساً للمنظمة خلفاً لوايزمان.

·        وأثار التصحيحيون بقيادة جابوتنسكي أزمة حينما طالبوا المؤتمر بأن يعلن في قرار واضح لا لبس فيه أن إقامة دولة يهودية في فلسطين هو الهدف النهائي للحركة الصهيونية.

·        إلا أن الأحزاب الصهيونية العمالية قد رفضت أن يُطرَح مثل هذا القرار للتصويت لخطورة النتائج المترتبة على مثل هذا الإعلان المبكر عن الأهداف الصهيونية. وقد أيَّدت الأغلبية هذا الرأي.

·        وهو ما أدَّى إلى انسحاب جابوتنسكي وأنصاره وتكوين المنظمة الصهيونية الجديدة.

***

المؤتمر الثامن عشر:

·       عقد فى براغ فى أغسطس/سبتمبر 1933.

·       وتكمن أهمية هذا المؤتمر في أنه جاء عقب وصول هتلر إلى الحكم في ألمانيا.

·        وقد درس المؤتمر برنامجاً واسعاً لتوطين اليهود الألمان في فلسطين.

·        وقد حضر المؤتمر بعض التصحيحيين بزعامة ماير جروسمان، الذين انشقوا على قيادة جابوتنسكي وألفوا حزب الدولة اليهودية وأكدوا اعترافهم بسيادة المنظمة الأم في كل الأحوال.

·        كما شهد المؤتمر صراعاً واضحاً بين حزب الماباي الذي تأسس سنة 1930 وبين التصحيحيين، وهو الأمر الذي يُعَد الأساس التاريخي للصراع بين الماباي وحزب حيروت بعد إنشاء دولة إسرائيل (ثم بين المعراخ وليكود).

·        وقد جدَّد المؤتمر انتخاب سوكولوف رئيساً للمنظمة الصهيونية العالمية.

·        وفي هذا المؤتمر نجح الصهاينة العماليون (الاستيطانيون) في تمرير اتفاقية الهعفراه التي كان يفكر قادة المستوطنين في توقيعها مع النازي.

***

المؤتمر التاسع عشر:

·       عقد فى لوسيرن بسويسرا فى أغسطس/سبتمبر 1935، برئاسة وايزمان، وكان ناحوم جولدمان أحد نواب الرئيس.

·       وقد قاطع التصحيحيون هذا المؤتمر

·       وقد ركز المؤتمر على أوضاع اليهود في ألمانيا وكيفية ترتيب إجراءات هجرتهم إلى فلسطين.

·        وكذلك تنمية نشاطات الصندوق القومي اليهودي.

·        وقد رفض المؤتمر الاقتراح الذي تقدَّمت به بريطانيا لإنشاء المجلس التشريعي في فلسطين.

·        كما تقرر إعادة وايزمان لرئاسة المنظمة الصهيونية بينما انتُخب سوكولوف رئيساً فخرياً للمنظمة الصهيونية والوكالة اليهودية.

·        كما أُعيد انتخاب بن جوريون لعضوية اللجنة التنفيذية.

***

المؤتمر العشرون:

·       عقد فى زيوريخ فى أغسطس 1937 برئاسة مناحم أوسيشكين.

·       وقد تناول المؤتمر تقرير لجنة حول تقسيم فلسطين والذي كان قد أُعلن قبل شهر من انعقاد المؤتمر.

·        وقد انقسمت الآراء حول التقرير ودارت المناقشة حول المقارنة بين المزايا النسبية لإقامة الدولة الصهيونية المستقلة وبين ما تصوَّرت بعض قيادات الحركة الصهيونية أنه تضحية من جانبها بالأقاليم المخصصة للعرب وفقاً لهذا المشروع وخسارة للجزء الأعظم من فلسطين.

·        فمن جانبهما، أعلن وايزمان وبن جوريون تأييدهما لإجراء مفاوضات مع الحكومة البريطانية بهدف التوصل إلى خطة تُمكِّن يهود فلسطين من تكوين دولة يهودية مستقلة ومن تحسين أحوال اليهود في البلاد الأخرى في آن واحد.

·        وعلى الجانب الآخر، قاد كاتزنلسـون وأوسيشكين المعارضة الصارمة، ورفضا مبدأ التقسـيم أصلاً، انطلاقاً من أن الشعب اليهودي لا يملك أن يتنازل عن حقه في أي جزء من وطنه التاريخي، ولذا فإن الدولة اليهودية (أي الصهيونية) لابد أن تشمل فلسطين كلها.

·       وقد توصَّل المؤتمر إلى حل وسط تمثَّل في اعتبار مشروع التقسيم غير مقبول، إلا أنه فوَّض المجلس التنفيذي في التفاوض مع الحكومة البريطانية لاستيضاح بعض عبارات الاقتراح البريطاني التي اعتُبرت غامضة في ظاهرها، وكان الهدف الحقيقي هو ممارسة الضغط على بريطانيا لتبنِّي موقف أكثر تعبيراً عن المصالح الصهيونية مع استغلال نشوء ظرف تاريخي جديد هو اشتعال الثورة الفلسطينية الكبرى (1936 ـ 1939).

***

المؤتمر الحادي والعشرون:

·       عقد فى جنيف فى أغسطس 1939، برئاسة أوسيشكين.

·       وكانت القضية الأساسية المطروحة للمناقشة أمامه هي الموقف من الكتاب الأبيض البريطاني الذي كانت بريطانيا قد أصدرته لتوها لاسترضاء العرب بوضع بعض القيود على حجم الهجرة اليهودية ومساحات الأرض التي يجوز شراؤها من جانب اليهود، وذلك بعد أن نجحت في قمع الثورة الفلسطينية الكبرى (1936 ـ 1939) بالتعاون مع الحركة الصهيونية ومنظماتها الاستيطانية في فلسطين. وقد استند هذا الرفض الصهيوني إلى مناخ الحرب العالمية الثانية التي بدأت نذرها تلوح في الأفق بما يعنيه هذا من شدة احتياج بريطانيا لمساعدة الحركة الصهيونية.  

***

المؤتمر الثاني والعشرون:

·       عقد فى مدينة بازل بسويسرا، برئاسة وايزمان فى ديسمبر 1946.

·       وقد حضر التصحيحيون هذا المؤتمر.

·       وكان المناخ الذي انعقد في ظله المؤتمر هو محاولة الضغط على بريطانيا لخلق الدولة الصهيونية

·       ولذا فقد تزعَّم التصحيحيون الاتجاه الداعي إلى تبنِّي سياسة متشددة إزاء بريطانيا انطلاقاً من الاعتقاد بأنها لم تنفذ ما تعهدت به وفق نص الانتداب.

·        كما طالبوا بتدعيم حركة المقاومة العبرية التي هاجمت بعض المنشآت البريطانية.

·       وفي مواجهة هذا الموقف، تبنَّى وايزمان رأياً يدعو إلى الدخول في حوار مع بريطانيا حرصاً على استمرار علاقات طيبة مع الدولة التي تملك إمكانية فتح أبواب فلسطين لهجرة يهودية واسعة.

·        وإزاء هذا الصراع قدَّم وايزمان استقالته من رئاسة المنظمة الصهيونية، وأخفق المؤتمر في اختيار بديل له.

·        وقد اختير ناحوم جولدمان رئيساً للجنة التنفيذية في نيويورك، وبيرل لوكر رئيساً لهذه اللجنة في القدس.

محمد سيف الدولة

[email protected]