لا يخفى على جميع من يتابع السياسة الامريكية الجديدة التي ظهرت فور عبور دونالد ترامب وعائلته الباب الرئيسي للبيت الابيض بعد فوزه بالانتخابات الامريكية، والذي شكل الخطاب العنصري المغلف بالكراهية والفاشية والاجرام ابرز سماته وروافعه، ان طريقة ادارة الرئيس الامريكي وفريقه للسياسة الدولية طريقة غريبة ووقحة حتى بالنسبة لحزبه..
ولعل العائلة الغريبة التي أتت من خلفيات تجارة العقارات والتمثيل وعرض الأزياء، كانت تنتظر العناصر المكملة لإيقاعها العنصري بانضمام جاريد كوشنير وديفيد فريدمان مستشاري ووزراء الاستيطان لدى عراب الصهيونية وزوجته سارة اللذين يسعيان لتوأمة عائلتي الشر والقتل والعنصرية من تل أبيب الى واشنطن، في حلقة متكاملة من العبث بمصير العالم بشكل عام والمنطقة العربية بشكل خاص وقلبها المتمثل بالقضية الوطنية الفلسطينية..
يبدو ان قصص الاجرام الامريكية التي ارتكبتها عائلات ممسوخة لا تقتصر على زمان ومكان بعين، بل تتكرر في أشكال مختلفة وفي ظروف مغايرة، ولعل من الصعب أن يكرر التاريخ نفسه من حيث المبدأ الا انه شاءت الصدف ان يكون للتاريخ توقيعه الخاص على ما يدور اليوم في باحات البيت الأبيض في الولايات المتحدة الامريكية، وهي حقا من اساطير هوليد المرعبة..
فيحكى انه في عام 1870م وفي ولاية كانساس التي تقع في الغرب الأوسط للولايات المتحدة الأمريكية، كانت تقطن عائلة تدعى عائلة "بيندر" بحيث بنت هذه العائلة لنفسها كوخا خشبيا على جانب الطريق السريع والذي استخدمت نصفه كمكان سكن للعائلة والقسم الاخر كفندق يتم تأجيره للراغبين بأخذ قسط من الراحة خلال رحلات سفر مضنية..
كانت تلك العائلة تتألف من أربعة أفراد هم السيد والسيدة "بيندر" والابن "جون" والابنة "كاتي"، ويحكى من خلال الروايات ان عائلة "بيندر" كانت تستغل جمال ابنتها "كاتي" لتقوم بدور اغراء النزلاء للبقاء معهم في الكوخ لتناول العشاء بحيث يتولى افراد العائلة الباقين قتل النزلاء من خلال استخدام مطرقة حديدية ودفن الجثث في الحديقة الخلفية للكوخ حيث تزرع السيدة "بيندر" الخضار الذي يأكلوه ويقدموه للنزلاء..
في العام 1873م وبعد انكشاف أمر العائلة المجرمة، شنت مجموعة من "الخيالة" حملة ملاحقة لافراد الاسرة بحيث تمكنوا من قتلهم جميعا بإستثناء الإبنة "كاتي" والتي تم دفنها حية لأنها كانت المحرك الرئيسي لجميع هذه الأفعال الاجرامية. وبذلك انتهت قصة تلك العائلة المجرمة والغريبة والتي لم يتبقى من اثرها سوى ثلاث مطارق حديدية استخدموها لتنفيذ افعالهم الاجرامية.
بصرف النظر عن غرابة القصة ومدى واقعيتها، وفي جميع الاحوال، وعلى الرغم من فظاعة ما ورد في قصة عائلة "بيندر"، فإن خطر تلك العائلة كان محدودا وعلى طريق سريع في منطقة نائية من مناطق الولايات المتحدة محصورا في كوخ خشبي، وعلى الرغم من دهاء "كاتي" في اغراء الضحايا وادراكها المسبق لخطورة هذا السلاح السري وفعاليته اذا ما استخدم عن سابق اصرار وترصد، الا ان الخطر الاكبر والحقيقي هو في القصة الاكثر واقعية التي تكتب فصولها واحداثها من البيت الابيض ومن مركز السياسية العالمية والذي تحول على يد السيد "بيندر" الجديد ذو الطموحات الهوليودية الى فندق لمسافري الطرق السريعة القادمين من الصحاري بسياراتهم الفاخرة ووقودها الوافر والذين لم ينجوا من دهاء واغراء الشقراء "كاتي" الذي شكل سلاحا يستخدم في الشرق الاوسط والخاص بعائلة " بيندر".
واذا كان للتاريخ منفعة وللقصص فائدة فهي في استخلاص الدروس والعبر والوقوف عند أحداث مهمة وخطيرة قد ترسم مصير البعض، اذا ما اصروا على المضي وراء شهواتهم وغرائزهم دونما الاكتراث للواقع المر الذي يسيرون بإتجاهه، والذي قد يكلف البعض الغالي والكثير، خاصة اذا ما كان المخطط المرسوم هو مطرقة حديدية على رأس تائه ينتهي بحفرة تزينها الورود في باحة الكوخ الأبيض الخلفية..
إن السياسة الموتورة التي يمارسها السيد ترامب بمساعدة افراد عائلته وحاشيته الصهيونية، ليست الا مصيدة للكثير من الملوك والقادة المبهورين والمضللين بجمال خداع وإبتسامات صفراء، والتي لم يشهد لها العالم السياسي مثيل، فمحاولة فتح جميع الغرف في الكوخ الأبيض لمسافري الطريق السريع لليلة واحدة وبهذه الأساليب الماكرة، ومحاولة دفن الجثث لن يكون مصيرها الا الوقوع في شر الأفعال الاجرامية التي ستعرض جميع افراد هذه العائلة للمحاكماة والمثول امام العدالة لمحاكم الشعوب الجحرة والشريفة والبلاد التي تسعى للحفاظ على كرامتها واستقلالها وعدم رضوخها امام هذه البلطجة الغير مسبوقة.
فالشعوب التي تنظر الى تلك المطارق الحديدية والى تلك القبور المعدة لنهاية ما بعد السفر الطويل لن تكون الا شعوبا خيالة ستمطتي الجياد العربية الاصيلة التي ستطارد عائلة "بيندر" الجديدة ومخططاتهم في المنطقة والتي شكلت صفقة القرن آخر فصولها، والتي لن يكون مصيرها الا حفرة أوسع من تلك التي دفنت بها شقراء عائلة بيندر "كاتي"!!!
بقلم/ جهاد سليمان