يُصاب أبناء القدس بالحزن والمرارة عندما يعلن عن صفقة تسريب عقار جديد في أجمل وأهم منطقة سواء داخل المدينة القديمة أو في أي مكان استراتيجي وحساس في الضواحي المشرفة على القدس، والقريبة من أسوارها. ولكن هذا الغصب لم يزل لأنه مستمر ومتواصل منذ اللحظات الاولى من احتلال المدينة العربية المقدسة. ولن يزول ما دام هناك احتلال أولاً، ولأنه ليست هناك استراتيجية جادة وحقيقية للحد من تهويد المدينة في كل المجالات بشكل عام، وبخاصة مصادرة عقارات واراض تحت ذرائع وحجج، وكذلك بقيام بعض أصحاب النفوس المريضة بتسريب عقاراتهم للمستوطنين.
ومع كل تسريب لعقار في هذه المدينة تتنشط السلطة الوطنية في محاولة لايجاد حل، وانزال عقاب بكل من ساهم في ذلك مع أن ذلك لا يستطيع ان يعيد العقار المسرب، وفي بعض الاحيان يقدم ويظهر المسّرب ذريعة، أو من هو يقف خلفه من مسؤول حصل منه على المصادقة على "البيع" وليس التسريب، وهو في الواقع تسريب سري بخطوات تضليلية عديدة لم يطلّع "المسؤول" الفلسطيني عنها عندما يتم التحقيق بجدية وعمق معه، لأنه لم يدرس جيدا، أو بالواقع يفحص، كل الاوراق، وكذلك عدم قيامه ببذل جهد لمحاولة معرفة أسباب البيع، وظروفه!
في كل مرة نثور ضد التسريب، ونحاول اللجوء للمحاكم الاسرائيلية التي تحكم لصالح المستوطنين الذين يقدمون الذرائع القانونية "السليمة"، والاتفاقات السرية. كما ان القضاة في هذه القضايا ينتمون لدولتهم، فلا بد من أن تؤثر مشاعرهم على حكمهم في أية قضية تسريب، لانهم، وفي حالات معينة وقليلة جدا جدا، إنْ حكموا بالعدل فان القيامة ستقوم ضدهم، فهناك قادة في السلطة التنفيذية والتشريعية الاسرائيليتين غير راضين عن الجهاز القضائي ويحاولون سن قوانين تعرقل الحكم "بالعدل"!
ثورتنا اللحظية لم تؤد الى نتيجة مثمرة سوى تخوين من قام بالتسريب، وبعد مدة تظهر قضية تسريب جديدة لينصب الغضب مجدداً دون خطوات فعلية لمنع أو وضع حد لظاهرة التسريب!.
نستطيع ان نتخذ خطوات واهمها تشكيل لجنة وطنية لمناهضة تسريب العقارات في القدس مهمتها معالجة الحدث، أي التسريب، ومنعه قبل وقوعه وحدوثه! واعتقد بأن هناك امكانية كبيرة للجنة ان تنجح ان لاقت دعما من السلطة الوطنية، وكذلك من كبار رجالات القدس من اصحاب رؤوس اموال ومن داخل عالم السياسة والمجتمع. ومن الخطوات المقترح تنفيذها من قبل هذه اللجنة ان تملك عيون واسعة لمعرفة من يريد أن يبيع أو لا يبيع وخاصة في البلدة القديمة وذلك عبر اصدقاء واحباء.. ومراجعة الشخص الذي يرغب في التخلص من العقار لمعرفة دوافع ونوايا بيعه للعقار، فان كان بحاجة الى قرض أو مال لأسباب عديدة، فانه من الممكن ايجاد حل لهذه الحاجة من خلال شراء العقار أو توفير قرض مالي له. واما اذا بدأ عملية التسريب، وحصل على دفعة من التسريب فمن الممكن اقناعه بأن هذا العمل خاطىء ويسيء اليه، وكذلك تقديم الوعد بمساعدته في اعادة ما حصل عليه من مال والغاء الصفقة نهائيا. أي أن الخطوات الاساسية المطلوبة من هذه اللجنة أن تعمل بهدوء من دون أي تهديد أو وعيد، بل بخطوات ترغيب واقناع، كما تقوم به لجنة مناهضة التطبيع من خلال حشد أكبر الجامعات والاساتذة والمؤسسات ورجالات سياسة وشركات على المقاطعة للتطبيع ليس ضد اسرائيل بل ضد الاستيطان في المناطق الفلسطينية.
ان تشكيل اللجنة يجب ان يكون سريعاً ومدروسا، والا يتم اختيار اعضائها من اللاهثين وراء والساعين لمناصب فخرية. فهذه اللجنة مطالبة بالعمل الجاد الهادئ المدروس، وبخاصة الى وضع خطة عمل سليمة!.
بقلم/ جاك يوسف خزمو