دلفَ ذات مساء رجلٌ إلى حانةٍ، بعدما وجد المقهى المفضل له مغلفا.. أراد حينها تعديل مزاجه باحتساء فنجان قهوة فجلس على إجدى الطاولات في زاوية شبه معتمة كانت الحانة كلها مضاءة بأضواء خافتة وحين أتى النادل ليسأله ماذا يريد أن يحتسي، فقال للنادلِ، الذي بدا لبقاً في الحديث: أريد قهوة تركية، فهزّ النادل رأسه، وخطا صوب عمله، فرأى الرّجلُ امرأة تجلس خلفه، وبلا نقطاع ظلتْ تشعل سجائرها، وبدت امرأة وقحة من خلال حديثها عبر الموبايل ، لكنّ ذاك الرّجُل لم يكترث لوقاحة حديثها، لكن دخان سجائرها كان يزعج الرجل الذي بدا متضايقا من دخانها وبعد مرور عشر دقائقٍ على جلسته طلب منها أن تنفثّ دخان سجائرها إلى جهةٍ أُخرى، لكنّ المرأة نظرتْ صوبه بنظرةِ وقحة، ولمْ تردّ عليه، فقامَ الرّجُل من على مقعدِه، وتكلّمَ معها بكلّ أدبٍ، لكنّها بدأت تصرخُ في وجهِه بكل وقاحة وراحت تشتمه بكلمات نابية، فأتى السّاقي وقال للرّجُل: ما المشكلة؟ فقالَ ذاك الرّجُل بأنّ تلك المرأة تزعجُني بدُخانِ سيجارتها، فقالَ السّاقي لذاك الرّجُل، الذي بدا مُنزعجاً: دعكَ منها، إذهب اجلسْ في تلك الزّاوية الأخرى من الحانة بعيدا عنها، فاستجابَ ذاك الرّجُل، وذهبَ إلى زاويةٍ بدتْ له مُعتمةً أكثر من اللازم، وجلسَ هناك، وبدأَ يشربُ قهوته بسرعة، وبعدما انتهى من احتساء قهوته وقفَ وهمَّ بالخروجِ، لكن تلك المرأة هددته بأنّها ستعاقبُه فيما بعد، فقامَ ذاك الرّجُل وصرخَ في وجهها، وعلا صياحهما وبدت وقحة لدرجة معه، لكن الرّجُلَ خرجَ من تلك الحانةِ منفعلا من تلك المرأة، التي لم تطفئ سجائرها البتة، وقال في ذاته: يا لوقاحة تلك المرأة فوقاحتها لا تطاق فأنا لم أخطئ معها حينما طلبت منها أن تنفث دخان سجائرها إلى ناحية أخرى، فلماذا تواقحت إلى هذه الدرجة؟ وأوقفَ سيارة أجرة وقال: وقاحتها ليست معقولة...
بقلم/ عطا الله شاهين