لا بد ان نقر ونعترف جهارا ونهارا بداخل الغرف المغلقة ... وحتى بالعلن ... اننا لا نتعلم ... بل نصر بإصرار وعناد ... بأننا لا نستفيد من الدروس والتجربة ... واننا نعاند أنفسنا ونجادلها بالتي هي اسوأ ... ونكشف ضعفنا وعدم انتظامنا... بل وتخبط خطابنا الى درجة القول المجرد دون معنى او هدف الا التخريب علينا والتصريح بمجرد التصريح ... والصراخ بمجرد الصراخ .
لن اتحدث عن تصريح بعينه ... بل هناك الكثير من التصريحات التي يتم تداولها من الشمال الى الجنوب ... تصريحات مفرغة من المضمون ولا تعبر عن الحقيقة .. والايمان الحقيقي بأن ما يقال يمثل حقيقة الموقف ... بل تتأكد الاحداث أنها تصريحات فيها من الخداع ... وليس فيها من الهدف الحقيقي الذي يمكن تحقيقه والوصول اليه !!!
الصراع الدائر منذ عقود طويلة ... بكل ادواته ومفرداته يحتاج الى حالة انضباط ... وحسابات دقيقة ... والى دراسة متأنية يحكمها الوعي الحقيقي في اختيار المفردات ومواجهة التحديات بأسلوب قادر على الاقناع والتأثير واحداث الاختراق .
حالة الفلتان وبورصة التصريحات واختيار المفردات التي لا تخدم بل تحدث الضرر الفادح والذي يصعب مواجهته حتى ولو تقدمنا بكافة الاعتذارات وحتى لمن لا يستحقون بفعل جرائمهم وعدوانهم واحتلالهم الجاثم على صدورنا .
المقاومة لها أسسها ... واصولها ... وكلماتها.. واساليبها المشروعة ... كما النضال السياسي والتفاوضي له مفرداته ومواقفه التي لا تحتاج ... ولا تخرج عن الاطار المألوف باعتبار كل ذلك وسائل نضالية لتحقيق اهداف سياسية .
لا يستطيع أحد بمفرده ان يخرجنا عن السياق ... وعن الاطار المعتمد بمسيرة النضال الطويل ... وما اكده الخطاب السياسي والاعلامي الفلسطيني من رغبة حقيقية بالسلام العادل والشامل وعلى اساس حل الدولتين وقيام دولة فلسطين بحدود الرابع من حزيران 67 بعاصمتها القدس الشرقية ... ثوابت لا نحيد عنها لشعب يريد السلام ولا يقبل بالاستسلام ... لشعب مكافح من اجل حريته ... وليس من اجل انهاء الاخرين ... ورفض قاطع لكافة اشكال الصراع الديني .
خطاب سياسي واعلامي معتمد وثابت ...متوازن ومقبول وفق معادلة السياسة الدولية وقرارات الشرعية والقمم العربية ومبادرة السلام العربية ... ومجمل قرارات المجالس الوطنية الفلسطينية .
لا مصلحة لنا بخطابات نارية من الشمال حتى الجنوب ... خطابات لا تحمل أي معني او رسالة يمكن الاستفادة منها ... لان الذبح والحرق ... والتدمير في خطابات الهواء تولد المزيد من الويلات والحرمان ... ولا تحقق تقدما على طريق الحرية والاستقلال .
تصريحات التهديد والوعيد وان كان اصحابها يعتقدون انها تزيد من رفع المعنويات ... الا انها بالحقيقة والواقع والتجربة لا تسمن ولا تغني من جوع .
بمجموعها تصريحات مفرغة ... وصوتيه لها اضرارها الجسيمة وتعبر عن حالة عجز ... اكثر منها تعبيرا عن حالة قوة عملية .
لقد حدث تطور كبير في العقود الماضية على حالة الوعي الشعبي ... الذي لم يعد بأخذ بالتصريحات النارية والكلمات الشاردة عن سياق الواقع وامكانياته .
لسنا بحاجة الى مثل هذه التصريحات ... ولسنا بحاجة الى هذا التسابق الذي يزيد علينا المصاعب ولا يخفف منها .... فالسياسة لها اصولها وقواعدها ومفرداتها المستخدمة ومن يقول بعكس الثابت والحق وكأنه يتحدث بصورة شخصية قد لا تصل الى اسماع احد ... بل يمكن ان تحدث الضرر على الجميع .
الكاتب : وفيق زنداح