ثورة تموز العطاء والخير

بقلم: ثائر محمد حنني الشولي

تطل علينا هذه الأيام ذكرى عزيزة على قلوب الملايين من العرب ممن تعلقت اّمالهم العريضة وأرواحهم النقية بمنجزات وتطلعات ثورة تموز المجيدة في القطر العراقي الشقيق عام 1968م,تلك الثورة التي وضعت نضال الأمة في البوتقة الصحيحة نحو الإنقلاب الشامل على واقع التخلف العربي المثخن بالجراح والمثقل بالمؤامرات الإستعمارية والإحتلال والتقسيم المعيقة كلها لمسيرة النهوض والتحرر العربي .
ومرة أخرى تطل علينا هذه الذكرى بالتزامن مع مواصلة أبناء شعبنا في القطر العراقي مقاومتهم الباسلة ضد الإحتلال الأمريكي ومطاياه في العملية السياسية العراقية ,وكذلك إصرارهم الأكيد على المضي قدماً في الكفاح والنضال حتى تحرير العراق تحريراً شاملاً وعميقاً ,ودحر الأطماع الفارسية وكل الطامعين الأشرار الذين لا يريدون خيراً للعراق والأمة.
نعم نستذكر هذه الأيام تلك الثورة العظيمة والعزيزة على قلوب الملايين من أحرار أمتنا العربية المجيدة ..إنها ثورة السابع عشر الثلاثين من تموز الخير والعطاء في القطر العراقي الشقيق ..تلك الثورة التي فجرها عظماء الأمة وعلى رأسهم البطل الشهيد صدام حسين, وامتد شعاعها مضيئاً فضاء الأرض العربية من محيطها لخليجها ..إنها الثورة التي فجرت ينابيع العطاء الثوري وألهبت المشاعر القومية النبيلة, التواقة للحرية والنهوض والقفز على المعيقات والأمراض نحو العلياء والمجد وبلوغ الرسالة الخالدة بعد تحقيق الإستقلال الناجز وتحرير كافة الأراضي العربية المغتصبة وفي المقدمة منها (فلسطين) قضية العرب والثورة والحزب المركزية ,وبعد إزالة كافة أشكال التخلف والإستغلال والإقطاع والتفرد والتسلط والدكتاتورية وكل أسباب العجز والتراجع والنكوص والهبوط في مستنقع الدونية والذيلية الذي نعيشه هذه الأيام.
حقاً إن المتتبع الحر لأحداث ثورة تموز المجيدة وانعكاساتها المضيئة على واقعنا يستنتج بالتأكيد كيف أحدثت تلك الثورة إنقلاباً جذرياً في الواقع العربي ,وكيف إرتقت به الى واقع النصر والكرامة والإنجاز الحضاري وتلك الإنجازات العلمية والصناعية والتكنلوجية العظيمة,وكيف شكلت تلك الثورة أعظم تحد في وجه الإستعمار وقوى الإمبريالية والصهيونية في المنطقة العربية ,وكيف كانت أكبر سند وظهير لثورة الشعب العربي الفلسطيني ضد الاحتلال.. وكذلك مظلة يستظل بها كل الثوار والأحرار العرب الذين يجابهون بصدورهم العارية الأخطبوط الصهيوني وقوى الإستعمار المتحالفة والداعمة له.
وبينما نستذكر تلك الثورة المجيدة ووقع إنجازاتها الهائلة والرائعة والعظيمة في كل الميادين والمجالات من تأميم النفط وحل المسألة الكردية الشائكة والمعقدة الى بناء الجامعات والمدارس والصروح العلمية الرائدة في المنطقة كلها ,وكذلك تأهيل العلماء والخبراء والكفاءات العلمية ,وكذا إنصاف العمال والفقراء والضعفاء ومساواتهم بموظفي الدولة عموماً, إضافة لمجانية التعليم والعلاج وكذا الماء والكهرباء كلها عوامل وروافع ساهمت بشكل أساسي بعملية إطلاق ابداعات الشعب والأمة من خلال تمتع جميع المواطنين بقيم العدل والمساواة وتكافؤ الفرص ,مما جعل من العراق إنموذج أمة قادرة على العطاء والريادة ومغادرة واقع التخلف والعبودية والنكوص والذيلية للأمم الأخرى تماماً .
وأمام هذا الواقع المشع الذي فرضته ثورة تموز على الحالة العربية برمتها وفلسطين على وجه الخصوص وإنعكاسات ذلك سلباً على المصالح الإستعمارية والصهيونية, مما دفع تلك القوى لإدراك خطورة العراق وثورته المجيدة والعمل على حشد الجيوش من كل أصقاع الأمم ومعهم الفرس والترك والعجم وطراطير العرب , بل وتداعت الأمم على قصعتها للنيل من العراق وقيادته الوطنية الثائرة ,وغزت جيوشهم أرض العراق بعد تدميره ,حيث إصطدمت هناك على الأرض الإرادات وكانت لهم سواعد الثوار أبطال ثورة تموز المجيدة بالمرصاد.. ودارت رحى حرب شوارع أنهكت قوى الاحتلال وإستنزفت إمكاناته حتى أجبرته على الإندحار والإنسحاب والإختباء خلف العملاء والطراطير وما يسمى حكومة الدمى ...ولا زالت تلك الثورة وتلكم المقاومة الباسلة مشتعلٌ أوارها حتى تحقيق النصر النهائي ووصولاً نحو تحرير العراق وفلسطين تحريراً شاملاً وعميقاً ..ويعود معها الأمل مجدداً لصالح الجماهير العربية العريضة وطموحاتها واّمالها في الوحدة والتحرير والنهوض والتقدم.
بقلم : ثائر محمد حنني
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
تموز - 2019-