لم أكن أرغب في أي يوم من الايام .... ولا حتى في أي لحظة من لحظات العمر الطويل ...وحتي الي ما وصلنا اليه من تجربة طويلة ...ونتائج مخيبه للآمال .... والالام وقد فاقت كل قدرة واحتمال !!... القضية تعتبر قضية رأي عام ولم تكن .... ولن تكون شخصية أو خاصة .... لكنها قضية أجيال تعاقبت بخيبات الامل .... وحسرتها ونكبة أحوالها ....وما يفرزه واقعها !! ....مما يمكن أن يقال .... ومما نعمل على اخفائه لحفظ ماء الوجه . !!
أجيال تتصارع بحالها ... ولأجل تحسين أحوالها التي لم تعد تطاق ولا تحتمل ....بعد أن فقدت أهم عناصر الامن والامال !! .... الذي من أجله يمكن أن يتولد الصبر ...والاحتمال ... والثبات !! .
أجيال لا زالت على حالها ...وعلى قاعدة انتظارها ....بمقاعدها تنتظر ... وبأمالها خابت لحظات صبرها من خلال نتائج ملموسة وتفاصيل حياة أصابها الكثير من المرار .
أكبر طموح يمكن الانتظار لأجله ...عمل مؤقت في أحسن الاحوال ... أو كابونة صمود ليقوت الانسان نفسه !! .... أو مائه دولار لأجل الابقاء على جزء من قوت يومي ...مرارته كالعلقم .
نحن بحقيقه الامر ....وبحكم المهنة وثقافتها ... لا نؤمن بالصراع الطبقي ... ولا نؤمن بالعيون الحاقدة والحاسدة ...ولا نؤمن بالنظرة الأحادية لجزئية من الصورة .... ليس قصورا فكريا أو ثقافيا أو مهنيا .... وليس غمامة عمياء لا نري من خلالها كامل الصورة والمشهد ... لكنها تربية وثقافة وطنية ومجتمعية ترسخت بداخلنا وأكدت عبر عقود طويلة أن النضال والصمود والتضحية.... لا يقابلها المال !! ... ولا تعني بالمقابل موقعا مميزا !! .... ولا تعني ايضا واجهة نتفاخر بها !! .
لكن الواجب الوطني بالصمود والتضحية والعطاء ....سيبقي في اطار الواجب المقدس الذي لا يقبل بالمقابل المادي الا في اطار ما يمكن ان يعيش منه الانسان بكرامة وأدمية وعدم احتياج .
نحن جميعا وقد دخلنا وتعايشنا في هذا الوطن وحتى دون استئذان اقحمنا بحالة مأساوية سوداوية اسمها الانقسام !! ...جعلت من اغنيائنا فقراء.... ومن فقرائنا جوعي .... ومن المحتاجين بؤساء ومحرومين ... وحتى متسولين !!
انقسام اسود دمر العديد من الاجيال ولا زال يدمر ما استطاع دون رحمة ولا شفقة .... ودون أدني اعتبار للوطن والقضية ومتطلباتها.
خسارة كبري ... وكارثة أكبر من كل تصور قد يراها البعض بأعين شاخصة .... وبرؤية ثاقبة ...وقد لا يراها البعض الاخر ....لانهم بحالة افضل وداخل ابراج ...وأولادهم افضل من أولادنا .
لا يا سادة .... أولادكم ليسوا أفضل من أولادنا .
رغم أن أولادكم هم أولادنا بحكم وطن يجمعنا ..... وانسانية لا تفرق بيننا ... لكن أولادنا بما نري ...وبما نلمس بحكم الواقع ....ليسوا أولادكم بحكم وطن !!
هذا هو الفرق الشاسع .... والمخيف والمدمر في مجمل الأحاسيس والحسابات والمدارك التي تم صيانتها والمحافظة عليها لعقود طويلة .
عجلة حياة الاجيال ... وقد توقفت ... واقتربت ساعة الحياة من الجمود..... دون أن تتحرك العقارب ولا حتى الثواني .... عجلة الاغلبية وقد اصابها عطب وخلل وارتباك شديد .... وتضارب الي حد الخطر .... وجزء من العجلة للأقلية وقد أصابها ما يشبه الصرع .... وسرعة العقارب المجنونة .... والتوحش ....الي درجة عدم الاحساس وحتى غياب الحسابات !! ..
أولادكم ليسوا أفضل من أولادنا ...بفرص عملهم ...ومميزاتهم ...ومواقعهم ... وتبهرجهم الذي زاد عن الحد !!
أولادكم ليسوا أفضل من أولادنا ....فهم ليسوا أكثر تعليما وثقافة وخبرة ..... لكنهم بالتأكيد أكبر بواسطتهم ونفوذهم ... أولادكم ليسوا أفضل من أولادنا.... رغم أننا نتمنى كل الخير لأولادكم فهم كأولادنا.... لكن حقنا عليكم ...وواجبكم أن تتمنوا الخير لأولادنا... أفليس أولادكم هم ذاتهم كما أولادنا .؟؟!!
أم أن أولادكم قد أصبحوا مختلفين ومميزين عن أولادنا ؟؟!! .
بصراحة شديدة ....أنتم بما تفعلون ...وبما تمارسون لا تعملون على بناء وطن !! ..ولا تعملوا على بناء مجتمع ... ولا تعملوا على بناء انسان ... بل تعملوا بعلم أو دون علم ...بقصد أو دون قصد ...تسارعوا في هدم ما تبقي .... وفي جعل كل منا يعيش بحالته الخاصة .... بعيدا عن حالة الوطن .... الذي لا زال ينظر الينا بعين الامل والحسرة على ما وصلنا اليه .... وعلى ما زلنا نقوم به ونمارسه ....دون أدني مراجعة أو تقييم لمعالجة كافة ما أصابنا .... من سلبيات تنخر بجسدنا .... وحتى بداخل كل انسان فينا .
الكاتب : وفيق زنداح