مهما طال الزمن بكل قسوته ومرارته ومجمل التحديات التي تعصف بنا .... فان المصالحة قادمة مهما تعددت العثرات والمصاعب والتي بأغلبيتها مصنعة بفعل فاعل .... رغم قناعتنا بأن الانقسام الي زوال وأن المصالحة حتمية وجودية وطنية تاريخية .... وأن الابقاء على الانقسام مجرد من كل فعل وطني مخلص تحكمه المصالح ولا يعبر عن ارادة شعب ووطن .
لأننا بحالة الانقسام واستمراره وتفاعلاته نزيد من مساحة الالام والهموم والضياع والاستغلال من قبل المحتل الاسرائيلي لأرضنا وشعبنا ومحاولة التلاعب من قبل المتأمرين علينا .
المصالحة ليس كلمة معزولة عن تاريخنا ووجودنا ومسيرة نضالنا الطويل ... بل تعتبر كلمة وجودية وطنية لا يمكن ادارة الظهر لها ... مهما طال أمد هذا الانقسام .... على اعتبار أن المصالحة والوحدة الوطنية استراتيجية ثابتة يبني عليها كل ما يمكن الحديث عنه حول المقاومة والنضال السياسي وغيرها من المصطلحات التي يتم تداولها ورفع شعاراتها والتي لا يمكن لها أن تتحقق دون انهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الداخلية . ... وحتي يمكن مواجهة المؤامرة الامريكية وليس أخرها صفقة القرن .
الجهود المصرية المباركة والمستمرة منذ حدوث الانقسام بالعام 2007 وليس أخرها الجولات المكوكية للوفد الأمني المصري والذي استمر بجهوده حتى الان دون كلل ولا ملل ... لقناعة مصرية راسخة أن انهاء الانقسام ذات أهمية وطنية وقومية تخدم القضية الفلسطينية كما تخدم الامن القومي المصري والعربي ..... وأن جهود القاهرة وعبر كافة القنوات الدبلوماسية والسياسية لأجل حشد الموقف حتي نقترب من تحقيق المصالحة وحتي تتهيأ الاجواء لدفع عجلة التسوية السياسية بما يحقق الحرية والاستقلال الوطني باقامة دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية.
عجلة المصالحة وان كانت تسير ببطء شديد في ظل عثرات ومصاعب وفي واقع زمن مفتوح كلفته باهظة ومخاطره عديدة وما يحيط بالمصالحة من جهود مستمرة يقابلها بعض التصريحات التي لا تتسم بالموضوعية ولا حتي بالنوايا الحسنة ....وكأن الانقسام حالة يمكن البناء عليها لتحقيق مصالح ذاتية..... في خطيئة وطنية وسياسية تؤكد للجميع أن الحالة القائمة في ظل الانقسام لا تخدم أحد الا المحتل الاسرائيلي .
المصالحة قادمة وتتقدم حتي وان كانت ببطء شديد أمام عراقيل مصطنعة .... وبعض التصريحات الشاردة عن الواقع وافرازاته والتي لا تتضمن حضورا فعليا ووطنيا وشعبيا .
تصريحات لأجل الاعاقة وليس لأجل تهيئة الأجواء لإنجاح الجهود المصرية التي ستبقي مستمرة ومحل اعتزاز وفخر وتقدير شعبي ورسمي والتي لا تألوا جهدا من أجل الاستمرار لبذل كل ما يمكن بذله من أجل انهاء الانقسام الاسود بكافة تبعاته وافرازاته .
قناعتنا أن المصالحة قادمة ومهما طال الزمن لا يعني أنها على الأبواب .... ولا يعني أن الواقع الانقسامي يخدم أحد ...لأن القناعة الوطنية والشعبية تؤكد أن الانقسام يخدم الاحتلال وممارساته واجراءاته من حصار وتهديد يومي بالعدوان والحرب وسلب مستمر للأراضي وتهويدها ومساس بقدسيه مقدساتنا ومشاعرنا الوطنية والدينية .
أمام قناعتنا أن المصالحة قادمة مهما طال الزمن بكلفته الباهظة ..... لدينا من التساؤلات القائمة والمشروعة حول الفترة الزمنية الممتدة منذ يونيو 2007 وحتى تاريخه وماذا تحقق وطنيا من انجازات يمكن أن نفاخر بها أو نعتز بها ...أو نرضي الاجيال بها !!!.
المتابعة الوطنية والاعلامية تؤكد أن 12 عام من الانقسام قد أضر ضررا فادحا بالقضية الوطنية وبمجمل الحالة الفلسطينية ... وعاد بالويلات والأزمات والكوارث وبكافة المجالات والمناحي والتي تحتاج الي سنوات طويلة لمعالجتها وتصحيح الحالة المأساوية التي وصلنا اليها .
عشرات الالاف من الخريجين العاطلين عن العمل ...وعشرات الالاف من العمالة الماهرة المعطلة بفعل الانقسام الكارثي الذي دمر سبل الحياة الكريمة ... عشرات الالاف من المرضي الذين يحتاجون الي العلاج الطبي السريع والي الرعاية الصحية والاجتماعية .... عشرات الالاف من الاسر الفقيرة التي تحتاج الي قوت يومها والتي وصل بها الحال الي العوز والاحتياج ... وحتى طلب الاحسان !
قتل الامال والطموح لعشرات الالاف بفعل ظروف قاهرة وكارثية فلا عامل يعمل ..... ولا مصنع مستمر بانتاجه ولا محلات تجارية قادرة على الاستمرار .... كل شي ينهار ... ويتوقف ويتعثر .... حتى أصبح الالاف من التجار ورجال الاعمال بحالة اقتربت من الافلاس !!
يبدو أن سنوات الانقسام قد ولدت حالة من الجمود وعدم الاحساس والمتابعة بما يجري داخل القطاع الذي يعيش بداخله 2 مليون ممن وضعوا بموضع طحن وضياع!! .....طحن لامكانياتهم وأحوالهم وظروفهم المعيشية .... وضياع لأمالهم وطموحاتهم ....حتى أصبح المستقبل مجهول كما الواقع الذي لا يحتمل .
لا مراجعة شاملة ودقيقة ومسؤولة بعد 12 عام .... ولا اعتراف واضح وصريح بمن ارتكبوا الذنب حتى وصلنا الي هذا الحال .... ولا تصحيح للخطاب ومفرداته للملمة الشمل ومعالجة الاخطاء .... ولا اعتراف بالاخطاء ولا حتى بالخطايا .... ولا وقفة أمينة وشجاعة للمحاسبة على ما جري ..... وما حدث من نتائج ...وكيف لنا أن نخرج من هذا المأزق الذي يقرب من حالة الانتحار .!!
لقد كان من نتائج الانقسام ومرارته الكثير من الأزمات والكوارث والظواهر المخيفة والتي تشكل حالة مأساوية سوداوية ....نستغرب ممن يدعي بعدم رؤيتها !!.
الكاتب : وفيق زنداح