تشهد لعبة الاقليم وسياسة المحاور تطورات دراماتيكية ... وما يطرأ عليها من تقلبات ومتغيرات..... ليست بجديدة على اطراف عديدة ...لكنها قديمة وتاريخية بحسابات لا ترتقي لمستوي المصالح الوطنية والقطرية ...ولكنها ترتبط بحسابات سياسية ومعادلة علاقات ثنائية ومحورية لا تحبذها كافة الاطراف..... لكنها تستهوي البعض ممن لا يجدون بسياستهم ما يمكن البناء عليه في علاقات ثابتة وراسخة ..... وعلى أرضية مبادئ واضحة وأهداف معلومة ومحددة ...ولا حتى على استراتيجية ثابتة ومتطورة بحكم معادلة سياسية لها منطلقاتها وثوابتها وأهدافها .
الدول تحدد سياساتها الداخلية بحكم مصالحها .....ومدي قربها أو بعدها الجغرافي ....ومدي ارتباطاتها الاقتصادية والامنية في اطار منظومة كل دولة .
دول الشرق الاوسط واضحة المعالم ومحددة بتوجهاتها السياسية .... لكن الغرابة في بعض دول الاقليم ..... ما نشهده ونستمع اليه من لغة تتعدي حدود الاطار الجغرافي لهذه الدولة أو تلك..... ليصل الي أبعد مدي بكل ما يمكن أن يحمله هذا التصريح أو ذاك من مخاطر وتهديدات لا يمكن أن تكون لصالح أحد .
تصريحات تنبعث بحكم منطلقات السيطرة والتحكم والهيمنة ....وتعزيز حالة الاشتباك والي درجة حرب الوكالات ....لتنفيذ مارب وأهداف خاصة ومكشوفة يدركها القاصي والداني ولا يمكن لها ان تمر حتى وان كانت شعارات نارية تحمل في رأسها مفجر..... لا يصل الي حد قدرة التفجير..... وهذا بحكم تجربة طويلة استمعنا فيها الي الخطابات والشعارات والي درجة التمنيات والتي أدركنا منذ لحظتها الاولي أنها شعارات مفرغة لأقوال مكررة ....ولأحاديث لها أهداف بعيدة عن حقيقة ما يقال .
حرب اليمن ...والحوثيين وما سبق من اقتتال ما بين القبائل .....كما الحرب العراقية الايرانية في ثمانيات القرن الماضي .....وما تلا من تدخل ايراني استغلالا لظروف العراق ....وما تلا من حروب واعتداءات قامت بها تركيا في شمال العراق ...والشمال السوري ..كل هذا يأتي في ذات السياق من الحروب والاعتداءات الامريكية الاسرائيلية التي تقوم بالقصف هنا وهناك والتي أحدثت الكثير من الخسائر ....والتي وفرت مساحة شاسعة لقوي التدخل الاجنبي..... وحتي لقوي الارهاب التكفيري للتلاعب بأمن واستقرار المنطقة .
في ظل نجاح الثورة الايرانية وما تم اعتماده من سياسة تصدير مفهوم الثورة الخمينية بدأت عجلة التاريخ باظهار المزيد من التناقضات..... والتعارضات ....والي حد الصراع الاقليمي وحرب الوكالات بالعديد من المناطق لتحقيق أغراض طائفية لها متغيراتها على خارطة العلاقات الداخلية داخل العديد من الدول ....وما يمكن أن تحدثه من صراعات حدودية اقليمية تخدم أطراف بحد ذاتها وتضر بالمنطقة بأسرها .
صراعات يتم تغذيتها بصورة دائمة ومنتظمة وتساهم بصورة مباشرة وغير مباشرة في زعزعة أمن واستقرار المنطقة واتاحة المجال الاوسع للهيمنة والسيطرة الامريكية والاسرائيلية والتي تري بحالة الاقليم فرصة سانحه لتمرير صفقتها السياسية ومشاريعها الاقتصادية .
ايران تلعب دورا كبيرا في زيادة حده التوتر والصراع داخل الاقليم ...بما يحكم النظام الايراني من توجهات السيطرة والهيمنة برغم بعد المسافات وتباعد الجغرافيا ..... من خلال وسائل الدعم المالي والعسكري لقوي بعينها دون الاخري ..... ولدول وشعوب بحد ذاتهم في محاولة لزيادة الحضور وكسب الاوراق بما يحقق لايران مصالحها الدولية وحتي الشرق أوسطية .
العلاقة مع ايران يجب أن تكون محكومة بمجموعة من المبادئ والقيم الثابتة التي لا يجب الخروج عنها أو عن اطارها تحت أي مسمي أو شعار .
أولا : ايران بحكم أنها دولة اسلامية ومن دول الاقليم يجب ان يحكم العلاقة معها التزامها بحسن الجوار وعدم التدخل بالشأن الداخلي للدول والشعوب .
ثانيا : ايران بحكم العلاقة معها وما يحكم تلك العلاقة من قانون دولي ومؤسسات دولية واقليمية وعلى قاعدة ومبدأ حسن الجوار لا يسمح لها بالاستيلاء ولا بالاعتداء ولا حتى بالتحريض .
ثالثا : ايران ومشروعها النووي واتفاقيتها الدولية وابقاء حالة الصراع مع القوي الدولية وعلى رأسها امريكا ودول الاتحاد الاوروبي ليس لنا به شأن.... او مصلحة ....من قريب ومن بعيد فنحن لسنا بخط أول للدفاع عن ايران ....بل نحن بخط الدفاع الاول عن شعبنا وأرضنا ومقدساتنا وعن أمتنا العربية التي نحن جزء منها .
رابعا : ايران وشعاراتها المرفوعة منذ بدايات الثورة الخمينية ومعاداتها لأمريكا واسرائيل حتى وان كانت بخانة الحق الفلسطيني ....الا أنها محكومة بمصالح السياسة الايرانية التي يقوم عليها النظام السياسي الايراني .
خامسا : ايران وتعديها واحتلالها للجزر الامارتية الثلاثة.... وتدخلها بالعراق واليمين وبالعديد من المناطق وتغذيتها لطائفة على حساب طوائف أخري لا يخدم سلامة المجتمعات واستقرارها وعلاقاتها الداخلية .
سادسا : ايران وسياستها المعلنة حول دعم الشعب الفلسطيني وان كان من حيث الشكل يمكن أن يطرب أحد الا أنه من حيث المضمون يشكل عائقا ومانعا في تعزيز الوحدة الداخلية الفلسطينية وحالة الانقسام الاسود الذي نحن عليه .
سابعا : فلسطين ومقدساتها والمطالبة بحرية أرضها وشعبها تحتاج الي صوت الجميع ....والي المواقف المساندة والداعمة بصورة شمولية وجامعة ....وليس ببند شعارات ترفع لحرب كلامية واعلامية...... وتصريحات لا تخدم الحالة الفلسطينية ولا توفر خطابا اعلاميا وسياسيا يخدم القضية ويعزز من مطالبها ...ويؤكد على أننا شعب يتطلع للسلام القائم علي العدل وعلى أساس دولة فلسطين بحدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية .
ثامنا : الشعب الفلسطيني له قيادة واحدة ...وعنوان واحد .... وليس هناك تعدد بالعناوين ولا حتي تعدد بالشعارات والذي لا يخدم قضيتنا .... وعلى من يؤيدنا ويريد مساعدتنا ان يلتزم بعنواننا وشرعيتنا وخطابنا السياسي الذي يحكم علاقاتنا ومواقفنا .
تاسعا : بالمجمل ايران وتركيا ودولة قطر ولكل منهم دور وسياسة ....لكنهم بالمجمل محور أعوج.... لغايات وأهداف لا علاقة لها بفلسطين وحريتها واستقرارها الوطني .... بل محور ذات ابعاد وتوجهات مصلحية ... تطرب لها بعض الاذان ...وتدغدغ بعض العواطف وتجعل من نغمة مثل تلك التصريحات ما يشعرنا على أننا قاب قوسين أو أدني من النصر المظفر .
عاشرا : تجربة تاريخية طويلة لها جذورها وقواعدها ومبادئها وحتي أحكامها ونتائجها والتي جعلت من الاجيال العديدة والمتعاقبة .أن تقرأ مثل هذه التصريحات على انها محاولة ليس لها أساس ....وليس لها هدف الا زيادة ما يحكم تلك الدولة من أوراق قوة اضافية تحاول أن تلعب بها لتحقيق مصالح خاصة بها .
الحادي عشر :القضية الفلسطينية والتي تقودها منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد لها جذورها العربية والاسلامية والدولية ..... كما لها من أقطاب المنطقة ومن دولها وعلى رأسها مصر الشقيقة كل دعم ومساندة ....تعرفنا عليها منذ طفولتنا ولا زالت قائمة ومستمرة .....ويدرك شعبنا حقيقة المواقف دون رتوش ولا تجميل .....ومهما علت الصرخات ومهما اشتد مضمون التصريح .
لعبة الاقليم .... التي تقودها ايران من جهة وتركيا من جهة اخري وما بينهم قطر بأموالها المسيسة .....في ظل ما يجري تداوله حول الشق الاقتصادي للصفقة .... وما سيجري من جولة لمساعد الرئيس الامريكي ومستشاره كوشنير والذي يحمل في طياته مشروع متكامل لأجل انهاء القضية الفلسطينية وشطبها .... واستغلال ما يجري داخل الاقليم من تصريحات نارية ..... وتوترات في مياه الخليج ....في محاولة للتسخين واشعال النيران في ارض الأخرين ......بعيدا عن اطارهم الجغرافي .... في لعبة الاقليم التي لن تنتهي الا باحتمالات حرب متعددة الجوانب وداخل العديد من المناطق .
الكاتب : وفيق زنداح