غزة جنة الخيال وصخرة الواقع.

بقلم: سليمان أبو موسى

عندما يشتد الليل حلكةً فهي ساعات تدق أجراس البزوغ لفجر جديد مشرق على طبيب ذاهب للمستشفى بنفسية مطمئنة فهو يتقاضى راتب ممتاز ويعيش برفاهية تليق بمكانته العلمية والمجتمعية وكذلك المحامي الذاهب للمحكمة والنجار الذاهب لورشته والمدرس الذاهب للمدرسة وكذلك كل مكونات المجتمع من موظفين وأكاديميين وعمال وتجار وأصحاب ورش.
وأيضا طلاب المدارس والجامعات الذين يذهبون لتحصيل الدرجات العلمية ليكون لهم مكانتهم المجتمعية في المستقبل المشرق.
أما هنا.
في غزة!
فالأمر مختلف.
فإن الطبيب الذي يتقاضى أقل من نصف راتب في مدة زمنية تتجاوز الشهر فإن هذا الراتب لا يلبي أدنى متطلبات حياته وأسرته فإنه يذهب للمستشفى ربما متأخرا وبنفسية سيئة تنعكس سلبا على المرضى الذين يخضعون تحت يديه راجين من الله الشفاء.
ففي هذا المقام تكمن نقطة التحول التي تجعل تلك الأيدي من سبب للشفاء إلى سبب لزيادة السقم وربما الوفاة.
وطبيب أخر لا يفيد المريض إلا إذا لجأ له على عيادته الخاصة ليدفع له ما يسد به رفاهيته التي حرم منها بسبب عدم تقاضيه راتب كامل.
وكذلك الأستاذ الذي لا يخرج كل طاقته بالمدرسة لأنه يعلم أن هؤلاء الطلاب مضطرين للمجيء له للبيت لأخذ دروس خصوصية ليحاول من خلالها تلبية متطلبات حياته التي عجز عنها بنصف راتب.
وتستمر هذه المعاناة في التمدد لتطال كل موظف وأكاديمي .
وينعكس ذلك سلبا على العامل وصاحب الورشة والتاجر والطالب.
فهم ضحية ركود اقتصادي أغلق المصانع وأبواب الرزق وعطل التجارة وزاد من حالة اليأس الذي يعيشها ذلك المواطن الغزي.
فإن الطالب يتخرج من الجامعة التي دفع فيها ثمرة شباب والديه ليجلس في البيت أو أن يعمل سائق أو بائع متجول ليستطيع أن يلبي حاجته من مأكل ومشرب ويستمر على هذا الحال ليطعن في العمر وهو بلا كيان ولا رؤية واضحة ولا هدف في الحياة
فتزداد نسبة البطالة كل يوم وكذلك الفقر و العنوسة والجريمة التي أصبحت نتاج جديد لهذا الوضع المأساوي.
وفي نهاية هذا المقال أقول أخ وبس.
لأنك قد أسمعت إذ ناديت حيا.


بقلم / سليمان أبو موسى
الباحث الاقتصادي