قد يضيق أفق عناصر بعض الحركات الإسلامية حتى لا ترى المصالح الاستراتيجية العليا لشعوب المنطقة، و التي تفرض على رافضي الاحتلال الإسرائيلي التحالف والتكاثف معاً، لمواجهة كافة أشكال العدوان على المنطقة، وذلك من منطلق القراءة الموضوعية لانعكاسات النصر والهزيمة، فكل نصر لأمريكا وإسرائيل هو هزيمة لشعوب المنطقة، وكل هزيمة للمشروع الأمريكي والأطماع الإسرائيلية هو نصر لشعوب المنطقة.
هذه المعادلة السياسية لا تحتاج إلى ذكاء أخاذ كي يتم إدراكها، إنها بكل بساطة تقوم على تدمير قدرات المقاومين للمشروع الصهيوني كمقدمة لتمزيق البلاد العربية، وتمرير صفقة القرن، والمحرض الأكبر على تدمير قدرات المقاومة هم المحتلون الصهاينة، وأداتهم في ذلك القوة الأمريكية المتحالفة مع بعض الأنظمة العربية، بحيث تظل دولة الاحتلال الملقط الذي تقدم فيه دول المنطقة من نار الحرب التي يشعلون أوراها.
المتغيرات القادمة على منطقة الشرق الأوسط واسعة المدى، ولها امتدادات جغرافية وزمانية لا يقل تأثيرها السلبي عن اكذوبة الثورة العربية الكبرى؛ التي حدثت قبل مئة عام، وما نجم عنها من تدمير لمقومات الأمة، ومن ضياع لفلسطين، ومن تخلف وقمع ودمار وحصار وخراب لمستقبل الشعوب لصالح الاحتلال الإسرائيلي، الذي يتعاظم بمقدار تقزم الدول العربية، هذه المتغيرات التي يخطط لها أعداء الشعوب العربية تفرض التحالف والتقارب والتلاقي بين كل اطياف الأمة العربية والإسلامية، بكل مقوماتها ومقدراتها، دون الغرق في التفاصيل القومية والطائفية التي يذكي نيرانها أعداء النهوض الحضاري والإنساني لمنطقتنا العربية والإسلامية.
ضمن الوعي الدقيق للواقع، لا أستغرب ما ورد من الأنباء عن تحالف لمحور المقاومة يضم حركة حماس والجهاد وفصائل تنظيمية أخرى في خندق واحد مع سوريا وإيران وحزب الله، ضد تحالف العدوان الذي تتزعمه دولة الاحتلال الإسرائيلي، ويضم أمريكا وبعض الأنظمة العربية، تحالف محور المقاومة يقوم على قاعدة عدو عدوي صديقي، وصديق عدوي من ألد أعدائي حتى لو ابتسم في وجهي، فالأحلاف العدوانية لا تواجهها إلا أحلاف المقاومة، وغزة هي القلب من المقاومة، وهي الروح للعقيدة الإسلامية، وهي الضاد للغة العربية، وكل تحالف إسلامي عربي لا تزكية غزة يظل ناقصاً، وكل تحالف تعطيه غزة ثقتها سيحظى باحترام وتقدير وتعاطف كل الشعوب العربية والإسلامية، التي آمنت بالتجربة أن نبض الأمة وضميرها غزة ومقاومتها.
تحالف محور المقاومة خطوة تأخرت قليلاً، ولكنها خطوة ملحة وضرورية، خطوة لها ما بعدها من كسر إرادة العدوان، وترميم قدرات التحدي، خطوة ستجد معارضة عريضة في أوساط الكثير من أنصار الحركات الإسلامية، وتحتاج إلى عشرات الندوات والجلسات والنقاش والحوار الذكي النافع القادر على الارتقاء بوجدان المعارضين وتفكيرهم من حضيض الطائفية إلى قمم الصفاء الروحي وسماحة الدين الإسلامي وتقاطع المصالح.
د. فايز أبو شمالة