بعد ليلة الزفاف ومع مرور الوقت ينتظر الزوجان خبر وجود حمل ليكلل الله فرحتهم بطفل يطفي البهجة على حياتهم فعندما يأتي هذا الطفل يقوم الأب والأم بالاعتناء به جيدا ودفع الغالي والنفيس لتلبية إحتياجاته من مأكل ومشرب وملبس وعلاج ورفاهية ليكون في نظرهم من أفضل الأشخاص وتأتي مرحلة الدراسة التي يتعلم فيها الطفل ليدرك عظم ما فعل والديه لأجله, وبعد إتمام الثانوية العامة يضع الوالدين صوب أعينهم تعليم أبنهم في أفضل الجامعات وفي تخصص يُبدع فيه بغض النظر عن الأمور المادية مهما كانت صعوبات الحياة .
وبعد التخرج تأتي الصدمة الكبرى لوالدين علموا أبنائهم لينقلوهم من ظلام الجهل إلى نفق العلم نفق العلم الذي لا يعلم الطالب كم سنة من المسير بعد التخرج سيمضي فيه حتى يحصل على فرصة عمل في نفس تخصصه ليبدع فيها ويبدأ بالعمل على أن يستقل بنفسه ويحقق أهدافه في الحياة.
فهناك مئات الآلاف من الخريجين والمتميزين والمبدعين وحملة الدرجات العليا يسيرون أمامه وبجانبه في هذا النفق, إنه نفق غزة المظلم الذي يكاد يكون أهله من أكثر المجتمعات تعلم ورغبة في العلم مع أنهم يدركون الواقع من البداية ولكن اليقين بالله لا ينقطع والرغبة في التميز أصلب من أن تكسر على صخرة الواقع المقيت. لكن معطيات الواقع لا لبس فيها وواضحة كالشمس, فالبطالة أصبحت ناقوس خطر يهدد بهلاك هذا المجتمع فمن المسؤول عن هذه الحالة من الحسرة في قلوب الوالدين
واليأس في قلوب الأبناء,
تخيل حجم الكارثة عندما يعمل شاب حاصل على درجة الماجستير عامل نظافة مع مجموعة من العمال جميعهم حملة شهادات علمية متميزة في بلدية رئيسها لا يحمل درجة الماجستير, نعم إنها كارثة بكل المقاييس ولا نخفي سرا عندما نقول أن قطبي الانقسام يتحملون المسؤولية كاملة عن هذه الحالة التي وصلنا إليها.
وفي النهاية يلوج في خاطري
أولهما: إلى متى سيستطيع هذا المجتمع التحمل والمقاومة في هذا الحال الذي أصبح لا يخفى على أحد, وإن أستطاع هذا المجتمع التحمل ومواجهة هذه الحقيقة المرة التي تكبر كل يوم.
ويبقى السؤال الثاني: وإلى أي عقد من الزمان سيستمر هذا الوضع القائم؟
بقلم/ سليمان موسى أبو موسى
الباحث الاقتصادي