اعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ( أبو مازن ) وقف الاتفاقيات مع اسرائيل ، خلال الاجتماع الطارئ للقيادة الفلسطينية برام اللـه ، في الخامس والعشرين من تموز الجاري ، لمناقشة جرائم التطهير العرقي بهدم مبانٍ فلسطينية في وادي الحمص بالقرب من القدس الشرقية ، باعتبار ذلك انتهاكًا للاتفاقات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ، يشكل قرارًا مفصليًا هامًا في هذه المرحلة الدقيقة الخطيرة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية ، وكرد على الانتهاكات الاسرائيلية الجسيمة المتواصلة ، وبمثابة مفترق مصيري نحو مواجهة شعبية وسياسية أكثر فاعلية ضد المحتل الاسرائيلي .
ولكن الكثير يتساءل عما اذا كان هذا القرار فعلًا خطوة جدية أم تهديدًا واستعراضًا سياسيًا ؟!، حيث أنه منذ آذار العام 2013 والمجلس المركزي الفلسطيني يكرر اعلان القرارات نفسها بوقف كل أشكال التعاون مع دولة الاحتلال بما في ذلك " التنسيق الأمني " ، والغاء الاعتراف بإسرائيل ، من دون أن تتخذ السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها محمود عباس أي خطوة عملية ، حتى لو صغيرة ، لترجمة الكلام إلى افعال على أرض الواقع ، وفي كل دورة أو اجتماعات للمجالس والهيئات الفلسطينية القيادية تم التأكيد على تعليق الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل ووقف التنسيق الامني وعدم العمل بالاتفاقات الموقعة ، ولكن كل ذلك بقي حبرًا على ورق ، ومجرد كلام وشعارات .
والواقع أن هنالك شكوك واستبعاد أن يقوم محمود عباس وسلطته بتنفيذ هذا القرار بشكل شامل وكامل ، وخاصة ملف التنسيق الأمني ، فهم يفتقدون للآليات من أجل اخراج ذلك لحيز التنفيذ ، ولا يمكن التنازل عن هذا الملف ، حفاظَا على السلطة نفسها ولأجل سيطرتها على الاوضاع في الضفة الغربية .
قرار عباس بنفض السلطة يدها من الاتفاقات مع المؤسسة الاسرائيلية ، هو بلا شك خطوة في الاتجاه الصحيح ، لمواجهة التحديات الراهنة ، وللوقوف ضد كل المشاريع والمخططات الرامية إلى تصفية الحق الفلسطيني العادل ، والانتقال إلى مرحلة جديدة في المقاومة والتصدي للبطش الاحتلالي والتوغل الاستيطاني في الضفة الغربية وضواحي القدس الشرقية ، وافشال مشروع ترامب المسمى " صفقة القرن " الذي يكرس الاحتلال ويطيل عمره .
ولكن تطبيق هذا القرار يتطلب قبل كل شيء انهاء الانقسام المعيب والمدمر ، واعادة ترتيب البيت الفلسطيني ، وتوطيد الوحدة الوطنية الشعبية الميدانية ، وتشكيل حكومة وحدة وطنية ، وتبني استراتيجية نوعية جديدة لحماية القضية الفلسطينية من التصفية ، ولأجل تحقيق الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ، والعيش بكرامة كبقية شعوب المعمورة .
بقلم/ شاكر فريد حسن