عدد من المسؤولين في منطقة الخليج يلهثون نحو التطبيع مع اسرائيل في ظن أو اعتقاد منهم بأن "اسرائيل" ستوفر الحماية لمنطقة الخليج، وستوفر الأمن والأمان لدولهم. ويظنون خاطئين ان اسرائيل ستخوض حرباً ضد ايران دفاعاً عنهم، وبالواقع فان اسرائيل واميركا وحلفاءهما يعملون على دفع منطقة الخليج نحو الدمار، ونحو الهلاك، ويريدون أن يروا قادة الخليج تحت رحمتهم وحمايتهم ووصايتهم!
لقد اخترع الاميركان والصهاينة قصة أو رواية بأن ايران تشكل خطرا على منطقة الخليج، وايضا على منطقة الشرق الاوسط. وان لها مطامع خطيرة جدا، وتريد توسيع نفوذها وسيطرتها على المنطقة بأسرها. وان العدو الرئيس اليوم للعرب هي الدولة الاسلامية في ايران. وانها وراء العديد من المشاكل بسبب تدخلها سواء في اليمن او سورية. وكلها اتهامات باطلة لأنها معتمدة على "قصة" مختلقة. هذه القصة من اعداد واخراج وانتاج اميركا واسرائيل من اجل تحقيق عدة أهداف.
الهدف الأول يمنح أرضية خصبة للادارة الاميركية بقيادة رئيس هو رجل أعمال أساسا كي تبتز دول الخليج، وللحصول على مزيد من أموال النفط، وكذلك تجبر هذه الدول على ان تكون تابعة أو موالية للسياسة الاميركية في المنطقة، وتوفر لها وتمنحها المساحات اللازمة من الاراضي لبقاء قواعدها العسكرية في منطقة الخليج.
وهناك هدف خطير، وهو تضليل قادة الدول الخليجية بأن اسرائيل تستطيع تأمين حماية لهذه الدول اذا تم التطبيع معها، ووضع القضية الفلسطينية على الرف، أو تصفيتها. وهذا الهدف تدعمه ادارة ترامب كي تعزز وجود ونفوذ اسرائيل في المنطقة.
والهدف الاكثر خطورة، وله ابعاد خطيرة يجب على قادة الخليج الانتباه اليه، واخذ الحذر منه الا وهو أن الحركة الصهيونية لا تريد أن يكون لدول الخليج أي تأثير سياسي أو "مالي" على العالم بثرواتهم الكبيرة، لذلك يجب ضرب هذا السلاح، سلاح المال وترك ذلك للأغنياء والأثرياء اليهود والموالين لاسرائيل حتى يبقوا هم اللاعب الاساسي في الوضع المالي الدولي.
لقد أعلنت ايران مراراً وتكراراً أنها لا تسعى للحصول على سلاح نووي، وانها ملتزمة بالاتفاقات الموقعة دوليا، وبكل ما يتعلق باستخدام الطاقة النووية. ويجب أن نعترف بأن ايران لعبت دورا كبيرا في القضاء على الارهاب سواء في سورية أو العراق، وانها قدمت الشهداء دفاعا عن المنطقة. كذلك يجب الاعتراف بأنها تقف الى جانب الحق الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وقدمت وما زالت تقدم مساعدات للشعب الفلسطيني عبر أقنية وفصائل عدة.
ولا بدّ من الاعتراف بأن ايران مستعدة لاقامة علاقات قوية مع دول الخليج جميعا. وها هي تقيمها مع عُمان، وقطر والكويت. وأوضحت بأنها معنية بالحفاظ على أمن الخليج وحرية الملاحة فيه.
إن التعاون مع ايران، وكذلك التعاون والتنسيق ما بين دول الخليج ذاتها، سيوفر أيضاً الحماية والأمان لدول الخليج. والعلاقة الجيدة بين دول الجوار و"الجيران" ستوفر الأمان للجميع، وهو أقل تكلفة من الاعتماد على دعم وهمي لن يوفر أي شيء لامان الخليج، بل مسعاه تدمير المنطقة بأسرها.
لقد حان الوقت لهؤلاء اللاهثين نحو التطبيع للتفكير الهادىء والعميق، ودراسة ما هو في مصالح بلادهم وشعوبهم، اذ أنه الافضل صرف مبالغ لتعزيز التنمية وتحقيق الازدهار لشعوبهم بدلاً من تبذيرها على "عدو وهمي" وهو غير موجود. ويجب أن تكون العلاقة بين الدول جيدة ومبنية على احترام متبادل، وتعاون صادق.
وحان الوقت ايضا ليعرف هؤلاء اللاهثون وراء اقامة علاقات مع اسرائيل أن تصرفهم لا يخدم القضية الفلسطينية، بل هو معادٍ للشعب الفلسطيني، لان التطبيع يطيل أمد الاحتلال الاسرائيلي، ويُبقي التوتر قائما في المنطقة، لان اساس الاستقرار والهدوء وتحقيق الامن والسلم هو ايجاد حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية!
قد لا يُصغي هؤلاء لهذا التحذير، ولكن التاريخ سيسجل ان هناك من اراد ايقاظهم من سباتهم، والتفكير بمصالحهم العامة الاستراتيجية، ومعرفة ان التطبيع مكلف ولا حاجة لهذه التكاليف إن أحسنوا الاداء السياسي، وحققوا الوفاق بين كل دول الخليج من دون أي استثناء.
بقلم/ جاك خزمو