سلطات الاحتلال تغتال الطفولة الفلسطينية

بقلم: سري القدوة

ان اقدام سلطات الاحتلال على استدعاء الطفل المقدسي القاصر محمد ربيع عليان (4 سنوات) من بلدة العيسوية في القدس المحتلة، للتحقيق معه بحجة «القاء حجارة باتجاه مركبة لقوات الاحتلال خلال اقتحامها البلدة، تعد تجاوزاً لجميع الخطوط الحمراء وانتهاكا فاضحا للاتفاقيات والمواثيق الدولية خاصة الاتفاقية الدولية للطفل، واستخفافا بكل العالم وما يجرى من حولنا وضربة لكل دول العالم التي تطالب حكومة الاحتلال بوقف انتهاكاتها ومسلسل جرائمها بحق أبناء الشعب الفلسطيني ووقف مسلسل الاعتداءات على الطفولة الفلسطينية.
ان ظاهرة ملاحقة واستدعاء الطفل عليان تعد تصعيداً خطيراً في اجراءات الاحتلال التعسفية وتنكيله المتواصل بحق أهلنا في القدس، وتأتي ضمن مسلسل التهجير القصرى لسكان بلدة العيسوية، الذين يتعرضون لحملة قمع منظمة وتضييق شرس يهدف الى كسر معنوياتهم وإرادتهم ودفعهم لترك بلدتهم ومنازلهم، وتأتي ممارسات الاحتلال الاسرائيلي اليومية جزء من مخطط شامل يهدف الى تهويد القدس المحتلة واحيائها المختلفة ومحاصرة التواجد الفلسطيني في المدينة المقدسة.
ان اقدام سلطات الاحتلال على ملاحقة الاطفال القصر تعد من الجرائم العلنية الواضحة بحق الطفولة الفلسطينية التي تتعرض للخطر الشديد والدائم في ظل صمت المجتمع الدولي تجاه الانتهاكات الاسرائيلية المسعورة للقانون الدولي، ولاتفاقية حقوق الطفل العالمية، وأن سلطات الاحتلال صعدّت من استهدافها للقدس والمقدسيين خلال السنوات الماضية وخصوصا الاطفال، حيث الاستهداف اليومي والملاحقة المستمرة لطلاب المدارس واقتحام الفصول الدراسة والهجمة المنظمة بحق الأطفال المقدسيين، وتصاعدت حملات الاعتقال لهم، بهدف ادخال الرعب والخوف بين الجيل الفلسطيني الصاعد وفرض سياسة الامر الواقع والضغط علي الشباب لترك وطنهم وتهجيرهم عن ارضهم بدون وجه حق.
ان الطفل (عليان 4 أعوام) اصغر فلسطيني مطلوب للمخابرات الاسرائيلية حيث قامت الشرطة الاسرائيلية باستدعائه الي مقرها بالطابق رقم 1 للتحقيق معه، ولم يكن الطفل الاخير حيث تعد هذه الجريمة من جرائم الاحتلال الاسرائيلي التي تمارس بشكل يومي بحق اطفال فلسطين والتي تفوق التصور البشري، فأين العالم وأين حقوق الطفل، وأين حقوق الانسان، وأين الادارة الامريكية برئاسة ترامب من هذه الجرائم التي تقشعر لها الابدان ..!؟
ان كل كلمات الادانة والاستنكار لهذه الجريمة لا تكفي، فهذا العدوان الإسرائيلي المتواصل على بلدة العيسوية بأطفالها ونسائها وشيوخها، يهدف الي تركيعهم والنيل من حقوقهم في ظل اصرارهم وتمسكهم بحقهم السياسي والإنساني في البقاء على أرض وطنهم وفي مدينتهم وأحيائهم، واننا هنا لا يفوتنا بان نتقدم بكل التحية والتقدير والاعتزاز والفخر بهذا التلاحم بين ابناء الشعب الواحد الذي وقف متصديا للاحتلال ومخططاته والوقوف والتضامن مع الطفل عليان مما اجبر سلطات الاحتلال علي التراجع عن قرارها بفتح تحقيق معه حيث تم توجيه رسالة تحذير الي عائلته من سحب الطفل منهم وإخضاعه للشؤون الاجتماعية اذا ما تم مشاهدته يركض في الشارع او يقوم برمي الحجارة علي جنود الاحتلال الاسرائيلي .
اننا وفي ظل هذه العنصرية المدروسة والممنهجة التي تمارسها سلطات الاحتلال العسكري الاسرائيلي واعتقالها لأكثر من 520 طفلا منذ مطلع عام 2019 فأننا نطالب المجتمع الدولي والمنظمات القانونية والإنسانية الاممية المختصة بما فيها المنظمات المعنية بحقوق الطفل إعلاء صوتها في وجه هذه الجريمة وغيرها من الجرائم بحق الأطفال الفلسطينيين، كما نطالب مجلس الأمن الدولي سرعة توفير الحماية الدولية لشعبنا، وسرعة التوجه للمحكمة الجنائية الدولية للتحرك السريع والتحقيق في جرائم الاحتلال.
انه لا يمكن الصمت علي هذه الجرائم التي ترتكب من قبل الاحتلال، ولا يمكن لهذا الظلم ان يدوم مهما طال الزمن، وان الطفولة في فلسطين تتعرض لابشع انواع القمع المنظم، ولا يوجد لها مثيل علي وجه الارض، وان حكومة الاحتلال تضرب بعرض الحائط كل مواثيق وحقوق الطفل ولا تعترف بالشعب الفلسطيني واطفاله ولا وتلاحق مستقبلهم، ضاربين بعرض الحائط كل المواثيق الدولية التي تنص على ضرورة حماية الطفل وتوفير المناخ المناسب لنموه بعيدا عن العنصرية وان يعيش في ظروف طبيعية ويتلقى تعليمه المناسب.
ان سلطات الاحتلال العسكري الاسرائيلي تتجاهل اتفاقيات حماية الطفولة وتزج بالمعتقلين الاطفال في سجونها، ضاربين بعرض الحائط اتفاقية الطفولة التي وقعت دوليا واعتمدت في عام 1989، فإن الطفل شُرّع له الكثير من القوانين وعُقِدَ لأجله الكثير من الاتفاقيات والمواثيّق العالميّة بغية حمايته من مختلف أشكال الاستغلال، وعالجت دول العالم وأقرت حاجة أطفال إلى اتفاقية خاصة بهم، لأنه غالبا ما يحتاج الأشخاص دون الثامنة عشر إلى رعاية خاصة وحماية لا يحتاجها الكبار، وتعتبر اتفاقية حقوق الطفل بمثابة الصك القانوني الدولي الأول الذي يلزم الدول الأطراف من ناحية قانونية بدمج السلسلة الكاملة لحقوق الإنسان، أي الحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى الحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وقد حققت الاتفاقية القبول العالمي تقريباً، وقد تم التصديق عليها حتى الآن من المنظمة الدولية اليونيسيف والتي مهمتها الاساسية تتلخص في حماية حقوق الأطفال ومناصرتها لمساعدتهم في تلبية احتياجاتهم الأساسية وتوسيع الفرص المتاحة لهم لبلوغ الحد الأقصى من طاقاتهم وقدراتهم، وان ما يجرى في الاراضي الفلسطينية المحتلة ليس له أي علاقة بهذه الحقوق وما تطبقه وتمارسه سلطات الاحتلال الاسرائيلي هو سيطرتها وفرضها لقوة الهيمنة والغطرسة وضرب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الذي يستهدف اطفاله وشيوخه وشبابه ونساءه وتكون حياتهم عرضه للانتهاكات والجرائم التي تمارس بحقهم بشكل يومي في انتهاك فاضح لحقوق الانسان والمواثيق الدولية.
اننا بحاجة ماسة اليوم لحماية الطفولة الفلسطينية وتفعيل القوانين من اجل العمل لمستقبل الاطفال عماد الامة وحمايتهم فهم ملائكة الأرض والمستقبل ويجب العمل علي حمايتهم من بطش الاحتلال وقمعه والتصدي لسياسات المنافية لكل القيم الدولية، وان المجتمع الدولي افرادا وحكومات مطالبون بضرورة القيام بواجبهم الانساني تجاه الطفولة وحمايتها ومناصرة اطفال فلسطين وضمان لهم حرية العيش بكرامة وإنسانية.

 

بقلم : سري القدوة

سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
[email protected]