لا مصاحفَ تحت القبّة الصّفراء

بقلم: فراس حج محمد

لا شيء في القدسِ مما تظنُّ

كلّ شيء في محيط المدن الأخرى

أيّ شيء على أُسود رام اللهْ

ودُوّار المنارةْ

القدس أطول من نخلة في بيتَ لحمْ

أو شارع في الرّام

أو قصيدة في معجم الشّعراءْ

القدس ظلٌّ وضبابٌ ودخانْ

تشتهي أكلة شعبيّة شرعيّة على الرّصيف القديمِ

جنب السورْ

لا شيء من القدسِ فيها غير ما فيها من الرّذاذ الرّماديّ الضّعيفْ

أشياؤها في نزهة حربيّة مذ مئتي سنة

لغة القدس مثل القدس

ليس للقدس شفاهٌ كي تزفّ عروسة لعريسها قبل الغروب بدمعتينْ

لا شيء أطول من قامة الشّهداء غير وقت صلاةٍ على خوفٍ من الرّصاصة والجنودْ

والقدس تحمي ظهرهم كي لا يموتوا مرّة أخرى بفعل الطّيشْ

تظلّلهم بوحيٍ جامعٍ في غيمتينْ

ومريم بنت عمران ضائعة في صكوك الكهنةْ

لا أحد هناك يعيد عيسى إلى طريق الجلجلةْ

مات الحواريّون لم يبق غير شهادتين شهيدتين لامرأتين من قبائل كنعان القديمةْ

القدس لعبة الكلمات الضّائعات في صحف الصّباح

يتدرّب الملل الشّقيّ على تقطيعها في السّطور اليابسةْ

القدس لا تطلبُ الشّعر من شعراء الخلل العروضيِّ أمثالي

ولم تعد تعرف شكل العروض الخليليِّ من تفاعيل الهواةْ

أنكرتنا كلَّنا

بصقت علينا سبعين عاماً مُرّة وهزيمتينْ

هربت من ملحِنا وقلوبِنا

دمِنا

وأوّلِ آيتينْ

كفرت بنا وصارت ملحدةْ

لم تعد تقرأ "سبحان الّذي أسرى بعبدهْ"

لا مصاحفَ داخل السّورِ، تحت القبّةِ الذّهبيّة الصّفراءْ

فالعبيد هناك يأتمرون بها إن وجدوها حيّة في شهقتينْ

ليقتتل القتلى عليها مرّة أخرى

ويصلّي جنازته العدمْ

ويسهو في القراءةِ مرّتينْ...!

فراس حج محمد/ فلسطين