عشر سنوات من“التضليل وأشد أنواعِ القمع وأشكاله”،وتصرفات بصيغة من يرعى الغنم…!

بقلم: بوشعيب دوالكيفل

بحلول شهر غشت 2019 تكون قد مرت عشر سنوات على تربع الحاكم العام للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية على رقاب المؤسسة، عشر سنوات أدى فيها المنخرطون والمستخدمون الثمن غاليا بأشكال وألوان عدة، وتضررت فيها التغطية الصحية المعطوبة أصلا.

عشر سنوات ارتدى فيها الحاكم العام القِناع المصنوع من الوهم لترويج صورة مناقضة لحقيقة يروجُ لها بالترغيب والترهيب وشراء الذمم ما استطاع إلى ذلك سبيلا، من أجلِ إخفاءِ هذه الحقيقةِ وتعويضها بواقعٍ مُزَيفٍ وزائفٍ وبحالةٍ كاذبةٍ تلاعباً بوجدانِ وعقلِ وفِطنةِ الناس والمنخرطين وكثير من المسؤولين، أفراداً ومجموعاتٍ ومؤسسات انطلت على بعضها الحيلة وانتبهت إليها أطراف كثيرة أفاقت من الأضاليل التي انطلت عليها برهة، وذلك بغايةِ التوْهيمِ والتضليلِ والتغريرِ بالناسِ أفرادا وجماعات وزعامات من ورق استحلت طعم الريع والامتيازات الزائلة والفتات "الشايط"، ثم توجيه ضعفاء النفوس والهمم التوجيه إلى الطريق الخطأ.

تطورتْ أساليبُ ووسائلُ الحاكم العام للتعاضدية العامة في والبهتان بصفةٍ مشبوهة، جراءَ نجاحِ سياسة شراء الذمم لبعض منابر الاتصالِ والتواصلِ، لتجميل الصورة في الإعلام المخدوم، وتسخيرها في خدمةِ الأهدافِ الشخصية والنفعية على حساب المنخرطين وذوي حقوقهم… من المرضى وذوي الإعاقات والأمراض المُزمنة.

وكثيرون سقطوا في فخاخِ هذه الاستراتيجياتِ المُحْكمة، فتحولوا إلى المفعولِ فيه أوِ المفعولِ به، إلى مُضللين ومُروجين لأباطيل وأكاذيب مقابل فُتات، راح ضحيته أقوام من المنخرطين وكثير من الناسِ البسطاء وضعاف النفوس… ممن صاروا بقدرة الحاكم العام مناديب أو أعضاء مجلس إداري مطبوخ ومكاتب مسيرة تحولت إلى كراكيز يحركها الريع التعاضدي، عاد لبعضها الوعي ( وهم فلة قليلة جدا)، بعد فوات الأوان، وتم رمي آخرين في مزبلة التاريخ، بعد أن انتهت صلاحيتهم ومدة الاستعمال ( ومنهم من ينطبق عليه المثل المغربي : “شَافْ الربيعْ وْما َشَافْشِ الحافة”.. ، وتعرض من صحَت ضمائرهم أو اكتشافهم المتأخر للمقالب التي كانوا ضحيتها، إلى عملية طحن ممنهج ومطبوخ على نار مستعرة اتخذت أحيانا أشكالا من التضليلِ، والتضليل في هذه الحالات تحول إلى أَشَد أنواعِ القمع.

ومما يسجل لعشر سنوات من هيمنة الحاكم العام للتعاضدية العامة، أنه طَورَ أساليبَ التضليلِ وتكنولوجياته، وحشدْ لذلك منابر الإعلام التي لا ضمائر ولا مهنية لها والوسائلَ والتنظيماتِ والتكويناتِ والتمويلاتِ السخيةَ عبر أرجاءِ البلد، بهدفِ التحكم في النفوس…وفي المؤسسة وأموالها وتسخيرها لتلميع صورته وإشباع نزوات ذات خصوصيات متعددة ولو باستعمالِ وتوظيفِ كياناتِ سياسية ونقابية لا مصداقية لها، وكذا إطارات وتنظيمات عابرة للقارات، في معظمِ الأحيان…، ( كلفت ميزانية التعاضدية أموالا طائلة ولا طائل منها للمنخرطين، تحت مسميات تخدم مصالح الحاكم العام ولاشيء غير ذلك، ولا تهم الكلفة المالية، مادام مال المنخرطين مستباحا وغير محمي من قِبل السلطات العمومية التي أوكل إليها المشرع هذه المسؤولية، وتنصلت منها تنصلا انتهازيا مفضوحا على مدى عشر سنوات.

وهكذا انكشف، مع مرور السنين منذ 2009، أن الهدفَ كان هو إخضاع هذه التعاضدية العامة واستعباد العاملين بها، واستباحة مواردها ومُدخراتها، وتسخيرها أسواقاً مربحةً وسلعة رخيصة، واسْتْدامَةِ ضُعفها وتبعيتها… تربة خصبة للنهب والاستغلال البشع الذي يذبح كل القيم الإنسانية، من خلال اعتماد استراتيجياتِ الإضعافِ المُمنهج والإخضاعِ والإضعافِ ومأسسة مُخططاتِ التقسيمِ والتفتيت سواء على مستوى ممثلي المنخرطين أو على مستوى المستخدمين.

وتم تغليف الممارسات بشعارات جوفاء عبارة عن جُمل  رنانة جوفاء لا مضامين حقيقية لها، وهكذا تحولَ القناعُ إلى تخريجاتٍ تحت عناوين وشعارات جذابةٍ للجاهلين بحقيقة الحاكم العام للتعاضدية، كــ"الممارسة الديموقراطيةِ" و"المقاربة التشاركية" و"الاقتصاد الاجتماعي التضامني" وغيره من الجُمل الركيكة التي يتم إقحامها عنوة في كل سياق مثلما يتم لي عنق الحقيقة …كل يوم وكل ساعة من زمن التدبير الكارثي لشؤون التعاضدية العامة طيلة عشر سنوات ( 3650 يوما بالتمام والكمال) جثم فيها الحاكم العام على صدور المنخرطين المرضى وذوي حقوقهم.

 

 لإيقاف هذا النزيف الخطير، الذي عجزت حكومات ثلاث عن كبح جماحه واجثتائه فإن أولى الأولويات تبقى دوماً وباستعجال إنجاز مهمة سامية لتحرير هذه التعاضدية العامة من الفساد الذي احتلها وخربها وحولها بقرة حلوبا مادام ضرعها لم يجف، بالتزامن مع إطلاقِ ثورةٍ مؤسساتيةٍ شاملةٍ، تحترم حقوق المنخرطات والمنخرطين والمواطنةِ المتساويةِ ودولةَ الحق والقانونَ، في ظل التردي الذي يعرفه إعمال الحق في الصحة للمنخرطين الذين يؤدون انخراطات مالية وازنة تتعرض للتبذير والنهب المُمنهج تحت غطاءات الاجتماعات الفارغة المفبركة لصناعة أجهزة خانعة تغرق في الفساد والإفساد.

وفي كل الظروفِ والأحوالِ والسياقاتِ على السلطات العمومية التي لم توقف نزيف أموال المنخرطين على مدى سنوات أن تتذكر أن الذئب لا يرعى الغنمَ أبداً، وأن الانتظار والسلبية أمام تجبر الفساد والمفسدين يضر ضررا خطيرا بمنظومة التغطية الصحية إذا تُركت لمطامع الفساد الفردي والمفسدين المؤسساتيين تحت غطاء التنظيم النقابي والحزبي المفترى عليهما.

بوشعيب دوالكيفل