الأصل أن القانون الأساس الفلسطيني يشكل مرجعية الجميع بنص المادة 6 " مبدأ سيادة القانون أساس الحكم في فلسطين، وتخضع للقانون جميع السلطات والأجهزة والهيئات والمؤسسات والأشخاص. وبنص المادة 9 "الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة.
ونص المادة 11 "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مكفولة لا تمس.
لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر قضائي وفقا لأحكام القانون، ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي، ولا يجوز الحجز أو الحبس في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون.
ووفق ذلك فان قرار النيابة ألعامه بتوقيف طبيب في مدينة قلقيلية. تم وفق الأصول القانونية وجاء كما أوضحت النيابة موقفها " استنادا لشكوى تقدمت بها المواطنة أ.ش من مدينة قلقيلية مفادها قيام الطبيب أ.د بالتحرش الجنسي بها أثناء مراجعتها للمستشفى الذي يعمل به بمدينة قلقيلية، ولضرورة التحقيقات وسلامة الإجراءات تم بهذا اليوم توقيف الطبيب مدة ٢٤ ساعة على ذمة التحقيق بعد إبلاغ نقابة الأطباء بحيثيات القضية وانتداب طبيب لحضور مجريات التحقيق معه.
علما أن الشكوى قدمت للنيابة العامة قبل عدة أشهر و تم إرجاء التحقيق بها لحين تماثل الطبيب للشفاء بسبب إطلاق النار عليه من قبل شقيق المشتكية والذي تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه والذي مازال قيد التوقيف بتهمة الشروع بالقتل.
ووفق ذلك أخطأت نقابة الأطباء ببيانها وموقفها حيث جاء بيانها خرق للأصول والقوانين المعمول فيها في فلسطين ومرجعيته القانون الأساس الفلسطيني حيث " قررت نقابة الأطباء قطع العلاقة مع النيابة العامة على خلفية حادثة توقيف طبيب اتهمته فتاة بالتحرش بها خلال عمله في فلقليلة. وفي رد نقابة الأطباء على توضيح النيابة طالبت الأولى الطواقم الطبية بعدم التوجه الى الدوام ووقف العمليات المبرمجة والعيادات الخارجية، حيث يتوجه المناوبون فقط إلى المستشفيات الحكومية مع اقتصار التعامل على الحالات الإنسانية وحالات إنقاذ الحياة مع استثناء مرضى الدم والكلى والأورام والتحويلات الطبية.
وأكدت النقابة انه وفي حال عدم استجابة النيابة العامة لمطالب النقابة باطلاق سراح الطبيب والعدول عن البيان الصادر عنها حتى الساعة الثانية عشرة ظهرا اليوم 07/08/2019 فإنه سيكون هنالك إجراءات تصعيدية غير مسبوقة.
لهجة البيان ولغة التصعيد غير المسبوق يشكل خرق فاضح للقوانين المرعية وتعدي على صلاحيات النيابة وفق ما نص عليه القانون ويشكل تحدي صارخ لصلاحيات النيابة بصفتها سلطه قضائية مستقلة وإذا كان هناك من موقف للنقابة أن تطعن بإجراءات النيابة وفق الأصول القانونية ووفق ما نصت عليه القوانين
علماً بأن جميع المواطنين أمام القانون سواء وأن النيابة العامة تحرص على تطبيق القوانين وحفظ حقوق كافة المواطنين دون تمييز ،وهنا يفترض في الموظف العام الرغبة بالسلوك الايجابي في مجال الخدمة في وظيفته العامة ، واحترامه لذاته وللآخرين من زملاء له في الوظيفة العامة من جهة ولمراجعي المؤسسة العامة من جهة أخرى.
ويفترض أيضا أن الموظف العام يغلّب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية مع الحفاظ على مصالح الوظيفة وحقوق الموظف ،ولا شك أنه في كل مؤسسة لوائح ونظم تكفل سير العمل بالشكل السليم الذي يحقق غاية المؤسسة والذي يحفظ أيضا حقوق المراجعين وبنفس القدر حقوق الموظفين ، ولكن اللوائح والأنظمة قد لا تطبّق بشكلها الصحيح دوماً . وفي هذا المقام لسنا بصدد الحديث عن نجاعة القوانين واللوائح والأنظمة وحسن أو سوء تطبيقها والحرص على سيادة القانون وان كان هذا أمل كل مواطن .
وإنما نحن بصدد الحديث عن الأخلاقيات ، ولسنا هنا في مرمى طوباوي بل واقعي وسلوكي نابع من أخلاق تتفق مع الحس الإنساني السليم وهذه الأخلاقيات التي تنبع من دواخل الإنسان المتعقل ، فهي مجموعة القواعد والمبادئ المجردة التي يخضع إليها الإنسان تصرفاً ، وهي مصدر قياس سلوكه الايجابي أو السلبي .
ولكل وظيفة أو مهنة من المهن قيم ومبادئ ومعايير أخلاقية ومعرفة علمية وأساليب ومهارات فنية تحكم عمليات المهنة وتحدد ضوابطها، وللمهنة مجالات متعددة ووظائف معينة، وقد تتداخل مجالات العمل والوظائف والمهارات وأساليب العمل مع مهن ووظائف أخرى، ولكن في جميع الأحوال على الموظف واجبات يجب أن يقوم بها كونه بعمل بالوظيفة ، ويجب أن يؤديها ليس فقط لأنه يتقاضى راتباً من أجل القيام بأعماله ، بل أيضاً بسبب الالتزام بأهمية العمل الذي يقوم به ولسبب من أخلاق الموظف تجاه المصلحة العامة
إن سلوك وتصرفات الموظف في الوظيفة وفي حياته الخاصة محسوبة عليه وعلى الوظيفة التي يشغلها ، ولهذا يجب على الموظف أن يمتنع عن كل ما يخل بالشرف والكرامة الخاصة به وبالوظيفة التي يشغلها والا تعرض للمسائله القانونيه وهذا حق كفله القانون للمتضرر ولا يجوز تغطية الخطأ بالخطأ أو التجاوز عن الخطأ بالمظلة النقابية وآي محاوله في سبيل إضفاء حماية أو شرعيه على ارتكاب الخطأ تعد جريمه يجب ان يسائل عليها كل من يتعمد عرقلة تحقيق العدالة ومسائلة المخطئ عن خطئه بموجب شكوى ولا يوجد احد محصن امام القضاء حتى بالخطأ غير المقصود فكيف والحال الذي نحن يصدده اتهام بجرم أخلاقي أثناء تأدية الوظيفة
وهنا ننوه أن أخلاقيات الوظيفة هي فوق أي اعتبار وان احترام القوانين تشكل مرجعيه للجميع ضمن مبدأ سيادة القانون وما أقدمت عليه نقابة الأطباء في بيانها يشكل خرق للقوانين وال انظمه المعمول بها وعليها مراجعة قرارها وبيانها حرصا منا جميعا في الحفاظ على مبدأ سيادة القانون وان الجميع أمام القانون سواء بسواء وان المصلحه العامه فوق أي اعتبار وتعطيل المرافق الصحية جرم ما بعده جرم .
بقلم/ علي ابوحبله